ذكرت مجلة "نيتشر" البريطانية سببين من أهم الأسباب التي ساعدت على جعل زلزال المغرب أكثر فتكًا وفقا لعلماء الزلازل والمتخصصين في الحد من مخاطر الكوارث.
وقالت المجلة في مقال كتبه "مايكل مارشال"، إنه على الرغم من أن الزلزال كان بقوة 6.8 درجة، أقل درجة من قوة الزلزال الذي دمر أجزاء من تركيا وسوريا في فبراير 7.8 درجة، إلا أن تأثيره كان كبيرًا بشكل غير عادي بالنسبة للمغرب.
ويقول "ريمي بوسو"، الأمين العام للمركز الأورومتوسطي لرصد الزلازل في "برويير لو شاتيل" بفرنسا: "إنه أمر استثنائي بالنسبة للمنطقة".

قوة الزلزال العظمى غير متوقعة
ولفتت المجلة إلى أن منطقة شمال إفريقيا نشطة زلزاليًا إلى حد ما. وتحدث الهزات الأرضية بسبب الاصطدام المستمر للصفائح التكتونية الإفريقية والأوراسية. ويضيف "بوسو": "يفسر الاصطدام النشاط الزلزالي من تركيا إلى جبل طارق".
بينما يقول "زيغي لوبكوفسكي"، المدير المساعد للتصميم الزلزالي في شركة آروب للاستشارات الهندسية في لندن، إن كلاهما عبارة عن صفائح قارية. وقد أدى الاصطدام إلى صعود الصخور، مما أدى إلى إنشاء جبال الأطلس في المنطقة التي وقع فيها زلزال يوم الجمعة.
وتابع: "إنه تصادم قديم ومعقد إلى حد ما".
ونظرًا لأن المنطقة نشطة بشكل معتدل فقط، فإن الزلازل الكبيرة نادرة الحدوث، حيث تحدث مرة واحدة فقط كل بضع مئات من السنين. ولسوء الحظ، فإن سجلات الزلازل لا ترجع إلى ما يكفي لتحديد حجم الزلازل التي يمكن أن تحدث في هذه المنطقة، بحسب "بوسو".
وأشارت المجلة إلى أن هناك تعقيد آخر، وهو طبيعة حدود الصفائح؛ ففي بعض المناطق، مثل تركيا، هناك حد واحد واضح. لكن في شمال أفريقيا، هناك شبكة من الصدوع في منطقة أكبر بكثير. فبدلاً من أن تكون المنطقة محلية ذات عرضة لحدوث الهزات نسبة عالية، فإن المنطقة كبيرة ذات عرضة لحدوث الهزات بنسبة قليلة ولكنها ستكون هزات خطيرة.
ومع ذلك، فإن أكبر مساهم في الكارثة هو عدم الاستعداد، كما يقول باحث الكوارث "إيلان كيلمان"، الذي يرى أن "الزلازل لا تقتل الناس، بل انهيار البنية التحتية هو الذي يقتل الناس".
ويضيف: "كان هذا مدمراً للغاية، وذلك ببساطة لأن الناس لم يكونوا مستعدين له".
وتابع: "حتى الزلازل المعتدلة يمكن أن تكون مميتة إذا لم تكن المجتمعات مستعدة لها".

عدم الاستعداد
 قبل وقوع زلزال 8 سبتمبر، كان هناك سبب للاعتقاد بأن المغرب يمكن أن يتعرض لزلازل قوية. ويسلط "كيلمان" الضوء على دراسة أجريت عام 2007، أحصت 1739 زلزالًا كبيرًا - تم تعريفها على أنها أكبر من 3 درجات، ولا تشمل الهزات الارتدادية - والتي تم الشعور بآثارها في البلاد بين عامي 1045 و2005، استنادًا في معظمها إلى الأوصاف التاريخية.
ومع ذلك، فإن معظم المباني في المنطقة المتضررة كانت مبنية من الحجارة و"الركام" - وهي مواد جسيمية، مثل الحصى أو الرمل - المعرض للانهيار، كما يقول "كيلمان".
ويشير "كيلمان" إلى أن تقوية المباني بمواد أقوى، مثل الخرسانة المسلحة، يمكن أن يساعد، لكن مثل هذه التدابير ربما لم تكن عملية بالنسبة للمنطقة، التي تعاني من مستويات عالية من الفقر.
وتابع: "المباني في المغرب غالبًا ما تكون مُصممة للتحكم في درجات الحرارة القصوى، التي تمثل خطرًا دائمًا، وفي حين تراجعت القدرة على مقاومة الزلازل، ويرجع ذلك جزئيًا إلى ندرتها. ومع ذلك، في بعض المناطق الأخرى، تم بنجاح تكييف مواد البناء التقليدية لتكون مقاومة للزلازل".
وبعتقد "كيلمان" أنه من المهم أيضًا التفكير في القدرة على مقاومة الزلازل كجزء من التنمية المستدامة. غالبًا ما يُنصح الأشخاص بالحصول على "حقيبة سفر" تحتوي على الضروريات مثل المياه المعبأة والأغذية غير القابلة للتلف والأدوية ووسائل الاتصال - ولكنهم بحاجة إلى ما يكفي من المال حتى يتمكنوا من تحمل تكاليف الحفاظ عليها.
ونتيجة لذلك، يرى "كيلمان" أن إن بناء القدرة على الصمود أمام الزلازل يعني معالجة مشاكل مجتمعية أوسع مثل الفقر ونقص التعليم؛ فكل ما يتعلق بالحد من مخاطر الكوارث يتعلق بالتنمية.

https://www.nytimes.com/2023/09/13/opinion/libya-flooding-responsibility.html