قال موقع "ميدل إيست آي"، إن حكومة "عبد الفتاح السيسي" طمست منذ تسع سنوات تقرير رسمي حول مذبحة رابعة التي قتلت بها السلطات المصرية مئات المتظاهرين في 14 أغسطس 2013، وفقًا لجماعة حقوقية.
واستعرض الموقع التقرير، الذي تم تسريبه إلى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والذي خلص إلى أن قوات الأمن استخدمت الذخيرة الحية غير المتناسبة وأن الحكومة استبعدت البدائل الأقل عنفًا لتفريق الاعتصام.
وجاء في التقرير، الذي اختتم أواخر عام 2014، أن "أكبر عدد من ضحايا رابعة هم من المدنيين الأبرياء، ومن المرجح أن يكونوا متظاهرين سلميين، والذين حملوا السلاح وروعوا المواطنين تمكنوا من الفرار من ميدان رابعة".
ولفت "ميدل إيست آي" إلى أنه على الرغم من التوثيق المرئي الكثيف لعمليات القتل التي وثقها نشطاء مصريون وصحفيون وجماعات حقوقية، لم تحاكم السلطات حتى الآن أي شخص مسؤول عن الوفيات.
وكان التقرير المسرب قد أوصى بإجراء تحقيق رسمي يشمل شهادات الضحايا والمسؤولين.
ونقل عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية قولها: "يجب إعادة فتح الملف من قبل لجنة مكونة من قضاة تحقيق يأمرون باستدعاء الشهود الذين شهدوا هذه الأحداث والمسؤولين".
وذلك لتمكين الجمهور من معرفة الحقيقة والحفاظ على الوحدة الوطنية ومنع هذا الانقسام السياسي من التحول إلى شقاق مجتمعي يهدد وحدة الدولة".

استهزاء بالعدالة
وأعد التقرير لجنة من كبار القضاة المصريين كلفتهم الحكومة بإجراء تحقيق في الأحداث. ومع ذلك، لم يتم تفويض القضاة للاستماع إلى الضحايا أو شهود العيان أو المسؤولين الحكوميين.
ترأس اللجنة القاضي الراحل "فؤاد عبد المنعم رياض"، الأكاديمي والقاضي الدولي السابق بالمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، وضمت القاضي "اسكندر غطاس" مساعد وزير العدل السابق، والقاضي "عمر مروان" الذي يشغل منصب وزير العدل في مصر.
ولم يشمل تفويض اللجنة، بموجب مرسوم أصدره الرئيس المؤقت "عدلي منصور" في ديسمبر 2013، استدعاء مسؤولين أو توجيه اتهامات أو إحالة الحقائق إلى المحاكمة.
وبدلاً من ذلك، اعتمدت على الأدلة المتاحة من مصادر ثانوية بالإضافة إلى المقابلات والتحليلات. ومع ذلك، يظل التقرير الرسمي الوحيد المتعلق بتفريق احتجاج ميدان رابعة، والذي وصفته هيومن رايتس ووتش بأنه "أكبر عملية قتل جماعي في تاريخ مصر الحديث".
وأشار "ميدل إيست آي" إلى أن "رياض" وأعضاء لجنته التقوا بالسيسي في 23 نوفمبر 2014 لتقديم النسخة النهائية لتقريرهم، والذي لم يتم نشره رسميًا بعد.
وبعد ثلاثة أيام من اجتماعها مع السيسي، عقدت اللجنة مؤتمرها الصحفي الختامي للإعلان عن نتائج التقرير. وبحسب "رياض"، احتوى التقرير على 766 صفحة، بالإضافة إلى 11 ألف صفحة من الملاحق والمرفقات والمستندات. كما كانت تحتوي على أقراص مدمجة تحتوي على صور وفيديوهات مع أدلة.
ومع ذلك، نشرت اللجنة فقط ملخص تنفيذي من 57 صفحة، بما في ذلك سبع صفحات فقط عن فض رابعة.
وفي منشور على فيسبوك قبل وفاة "رياض" عام 2020، كتب أن التقرير "لا يزال مخفيًا".
وذكر "ميدل إيست آي" إلى أن الخلاصة التنفيذية، على عكس التقرير الكامل، تطابق النسخة الرسمية التي اعتمدتها الدولة منذ الأحداث، والتي استُخدمت كأساس لملاحقة 739 متظاهرًا بتهم جنائية. ونددت منظمة العفو الدولية بالمحاكمة الجماعية ووصفتها بأنها "مشينة" و "استهزاء بالعدالة"، حيث لم يتم تقديم أي ضابط شرطة أو مسؤول حكومي إلى العدالة.

تفريق دموي
وصفت الرواية الرسمية الاعتصام بأنه تجمع مسلح وزعمت أن قوات الأمن منحت المتظاهرين وقتًا للمغادرة طواعية عبر ممر آمن مخصص.
كما ادعى أن المشاركين في الاعتصام أطلقوا الرصاص الحي على القوات، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، مما دفع القوات الأمنية إلى الرد بالذخيرة الحية، وفق مبدأي الضرورة والتناسب، حتى سيطرت على الميدان.
كما جاء في الملخص التنفيذي والنسخة الرسمية أن قوات الأمن عثرت على 51 قطعة سلاح ناري و "كمية من الذخيرة" في الاعتصام.
يتضمن التقرير المسرب أيضًا خطة فض رابعة الرسمية التي لم تُنشر سابقًا.
الخطة، التي قدمتها وزارة الداخلية إلى اللجنة، تضمنت 10 سيناريوهات متوقعة، بما في ذلك احتمال إطلاق الذخيرة الحية ضد قوات الأمن أو استخدام النساء والأطفال والمتظاهرين السلميين "كدروع بشرية".
إلا أن الرواية الرسمية زعمت أن القوات الأمنية فوجئت باستخدام الذخيرة الحية ضدهم، وكان عليهم الرد على هذا النحو، مما تسبب في وقوع عدد كبير من القتلى. ومع ذلك، خلصت هيئة القضاة إلى أن إطلاق الذخيرة الحية من قبل قوات الأمن كان عشوائيًا وغير متناسب.
وأثار التقرير السؤال في تحليله: "هل حافظت قوة التشتيت على التناسب في إطلاق النار من حيث نوع السلاح، وشدة النيران، ونتائج تفريق التجمع، التي شملت قتلى وجرحى ودمرت الممتلكات العامة والخاصة؟". 
وقال التقرير، إنه يتعين فحص عدد من المعايير الفنية لتقييم ما إذا كانت القوات الأمنية قد استخدمت القوة المفرطة، بما في ذلك عدد الضحايا وعدد المسلحين وعدد القوات الأمنية ونوع أسلحتها ومدى اكتظاظ القوات وتوقيت ومدة الإنذار.
في النهاية، خلص التقرير إلى أن "وكالات إنفاذ القانون، حتى لو كان لديها سبب مشروع لتفريق التجمع، وضرورة استخدام الأسلحة النارية وحافظت على التناسب النوعي بين الأسلحة المستخدمة، فقد فشلت في تقدير عدد الضحايا عند الرد على مصادر النيران القادمة من العناصر المسلحة".
وأضافت أن "لجنة تقصي الحقائق لا تشك في أنه كان من الممكن إنهاء مسيرة رابعة دون إراقة كل هذه الدماء".
وختم "ميدل إيست آي": "بموجب القانون الدولي، يمكن أن يواجه مرتكبو الجرائم ضد الإنسانية المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية إذا أخفقت النظم القانونية المحلية في تقديمهم إلى العدالة. لكن نظرًا لأن مصر ليست طرفًا في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ولم تقدم إعلانًا خاصًا بالموافقة على السماح للمحكمة بممارسة الولاية القضائية في هذه القضية، يجب إحالة المشتبه بهم إلى المحكمة من خلال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو يمكن أن يواجهوا محاكمات في بلدان أخرى باستخدام الولاية القضائية العالمية".
وتابعم: "ومع ذلك، لم ينجح المحامون بعد في محاولاتهم لملاحقة كبار أعضاء حكومة ما بعد الانقلاب على المستوى الدولي".

https://www.middleeasteye.net/news/egypt-rabaa-massacre-sisi-concealed-report-implicating-government