في الذكرى العاشرة لمذبحة رابعة، يجب أن نتذكر الذين أيدوا المجزرة وما زالوا يصرون على أن المعتصمين كانوا هم السبب في وقوعها وأن الشرطة والجيش لا يمكن أن يلجوا في دماء المصريين بهذا الشكل، فيما عاد عدد من هؤلاء عن هذه القناعة، بعد أن شاهدوا المجزرة على الهواء، كما سحب آخرون تأييدهم للانقلاب العسكري بعد أن طالعوا جثث الضحايا وسمعوا صراخ الأمهات الثكالى والأطفال الذين نادوا على أمهاتهم دون أن يجدوا ردا.

وبعد انكشاف أكاذيب العسكر وألاعيبهم لغسل أيديهم من دماء الضحايا وتحميل هؤلاء الضحايا الذنب بل وكيل عشرات الاتهامات لهؤلاء الضحايا وإلقائهم في عياهب السجون، عاد البعض إلى رشدهم بعد تأكدهم من كذب التهم المعلبة التي كيلت ضد المعتصمين على مدى أيام الاعتصام وبعده، فبدؤوا في مراجعة أنفسهم والتبرؤ من تأييد الجريمة، خاصة بعد أن تم تشويه كافة رموز ثورة يناير وعدم الاكتفاء بالانقلاب على الإسلاميين وحدهم.

 

شهادات بعد زوال الغفلة

وبعد رجوع العديد من الشخصيات الوطنية إلى الحقيقة ورفع غمامة العسكر عن أعينهم قدموا شهادات مهمة تم توثيقها للتاريخ، ومن أبرزها شهادات:


 الكاتب والروائي علاء الأسواني

أيد الأسواني مظاهرات 30 يونيو وإعلان 3 يوليو كما دعا للتصويت بـ"نعم" على دستور ما بعد 30 يونيو، ومع تزايد الانتهاكات والقمع أعلن الأسواني ندمه على الموافقة على الدستور؛ حيث قال خلال مشاركته في برنامج تلفزيوني على فضائية “أون تي في” المصرية: “للأسف أنا من الذين قالوا نعم للدستور، بل دعوت المصريين إلى التصويت بنعم”، لافتًا إلى أن السلطات المصرية الحالية تعمل على انتهاك الدستور وتتجاوزه يوميًّا".

و قال علاء الأسواني في ندوة كتاب “مقالات ومقولات” إن “ثورة 25 يناير لم تنجح حتى الآن في إقامة ديمقراطية حقيقية في مصر”، مؤكداً أنه منذ ثورة 23 يوليو 1952 انتهت التجربة الديمقراطية، وأصبح كل حاكم يرأس مصر قرر أن يصوت لنفسه نيابة عن الشعب المصري“.

وأضاف الأسواني، أن “كثيراً من الحكام المصريين دأبوا على توفير الغطاء الأخلاقي والسياسي لممارسة الاستبداد في الحكم، على غرار ما فعله الراحل اللواء عمر سليمان نائب الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في بدايات ثورة يناير، الذي قال إن المصريين غير مستعدين للديمقراطية، وبالتأكيد هو كلام غير صحيح يكرس للدكتاتورية، وغير منطقي بعد ثورة 25 يناير”، على حد قوله.

 

البرلماني السابق مصطفى النجار

أحد شباب ثورة 25 يناير الذين شاركوا في تظاهرات 30 يونيو، وأيد إعلان 3 يوليو وخارطة الطريق من بعده مع انتقادات – على استحياء – لأعمال القمع التي مارستها السلطة.

تغير موقف مصطفي النجار كثيرًا مع انتشار المجازر وخصوصا مجزرة فض اعتصام رابعة العدوية.

كتب مصطفى النجار مقالاً اعترف فيه بخطئه تحت عنوان “صديقي الثوري.. امتى هنعترف بخيبتنا؟” وهو مكاشفة صريحة بأخطاء "شباب الثورة" التي كانت أحد أسباب عودة عقارب الساعة والانتكاس عن ثورة 25 يناير.

وورد في مقال النجار: “دعنا ننقد أنفسنا ذاتيًّا  كتيار ثوري، أليس لنا أخطاء؟ ألا نحمل أنفسنا قدرًا من المسئولية تجاه ما وصلنا إليه الآن من انتكاس للثورة وانقضاض عليها من الثورة المضادة؟ ألم نكن ساذجين كثيرًا حين اعتقدنا أن عقارب الساعة لا يمكن أن تعود للوراء وها هي عادت بل كسرت الإطار نفسه وقفزت منه؟ ألم نكن مغرورين للغاية ونحن نقول بكل أريحية أن الميدان موجود وأننا سنعود إليه إذا حدث أي انحراف؟ اليوم صار دخول الميدان جريمة وتهمة عقوبتها عدد من السنوات داخل السجون فماذا فعلنا؟ ألم نكن حمقى حين صدقنا يومًا أن أعداء الثورة صاروا أصدقاء لها ويسيرون في اتجاهها ويرفعون شعاراتها وصدقناهم وتغاضينا عنهم وما كدنا نلتفت حتى أسقطوا أقنعتهم وانقضوا ينهشون فينا بكل خسة وقسوة؟ ألم يعطي بعضنا غطاء سياسيًّا وثوريًّا لانتهاكات حقوق الإنسان وسن بعض القوانين التي كان بعضنا أول من تمت محاكمتهم بها وإلقاؤهم في السجون؟”.

 

الشاعر عبد الرحمن يوسف

الشاعر عبد الرحمن يوسف، كان أحد أكبر الداعمين لتظاهرات 30 يونيو، ووقع على استمارة تمرد ضد مرسي، وكتب مقالًا شهيرًا له تحت عنوان “عفوًا أبي الحبيب.. مرسي لا شرعية له”، رد فيه على فتوى لوالده الراحل العلامة يوسف القرضاوي بشأن شرعية الرئيس محمد مرسي، قال فيه يوسف: “إن مرسي لم يفِ بالعقد الذي بينه وبين الأمة لذلك فإن شرعيته قد تآكلت”، وجاء في نص المقال: “أعلمُ يا أبي أن فتواك ما جاءت إلا دفاعًا عما رأيته حق المصريين في أن يختاروا بإرادتهم الحرة من يمثلهم دون العودة ثانيًا لتسلط العسكر – وهو ما لن نسمح بحدوثه أبدًا”.

وبدأ موقف عبدالرحمن يوسف في التغير بعد مجزرة الحرس الجمهوري، ثم المنصة ثم مجزرة رابعة العدوية، الأمر الذي جعل يوسف يرى أن 30 يونيو كانت موجة ثورية تحولت إلى انقلاب عسكري ويعلن رفضه للمسار الذي تسير فيه مصر ليصبح أحد أبرز الكتاب الذين تم منع مقالاتهم – منعته جريدة الشروق- بسبب هجومه العنيف على النظام ورموزه.

 

المحامي والمرشح الرئاسي السابق خالد علي

المحامي والحقوقي والمرشح الرئاسي السابق، أحد الداعين لتظاهرات 30 يونيو، بدأت أولى مواقفه المعارضة للسلطة الحالية بعد مجزرة فض اعتصام رابعة العدوية حين أكد استعداده للوكالة بالدفاع عن شهداء ومصابي المذبحة.

اتخذ خالد علي موقفًا واضحًا برفض ترشح السيسي للرئاسة وأعلن عدم ترشحه للانتخابات الرئاسية التي وصفها بالمسرحية.

ووصف علي السيسي بأنه قائد الثورة المضادة، وأضاف علي قائلاً: “إن قوى 25 يناير ستتحد عقب تمثيليتي الرئاسة والبرلمان، التي سيكتشف بعدها الجميع أن نظام السيسي ليس له حليف سوى نظام مبارك”.

 

المؤلف بلال فضل

الكاتب والسينارست بلال فضل، كان أحد كبار المعارضين للرئيس محمد مرسي، وكان يسخر ممن يصفوا 30 يونيو بالانقلاب، ووقّع بلال فضل على استمارة التمرد ضد مرسي.

رغم تأييد "فضل" لحركة 30 يونيو التي رأى أنها موجة ثورية إلا أن موجات القتل الجماعى وتقييد الحريات وعودة رموز نظام مبارك وإرهاصات الحكم العسكري، جعلته يوجه انتقادات لاذعة للنظام الحالي، وهو ما أدى إلى منع مقالاته في جريدة الشروق أيضًا، والتي كان أولها مقال بعنوان “الماريشال السياسي” انتقد فيه منح عبد الفتاح السيسي لنفسه رتبة مشير رغم أنه لم يخض حربًا في تاريخه.

 

الناشط السياسي علاء عبدالفتاح

الناشط علاء عبد الفتاح كان أحد الدتعين والمشاركين في أحداث 30 يونيو، وكان من أبرز المعارضين للدكتور محمد مرسي، وهو الآن في السجن.

اصطدم علاء عبدالفتاح بالنظام الحالي مع إصدار قانون التظاهر، حيث دعا عدد من النشطاء السياسيين من بينهم علاء عبد الفتاح، إلى وقفة احتجاجية أمام مجلس الشورى؛ اعتراضًا على إقرار هذا القانون، وتنديدًا بالمحاكمات العسكرية للمدنيين في الدستور، ولكن واجهتهم قوات الأمن بخراطيم المياه وقنابل الغاز المسيل للدموع، واعتقلت 40 شخصًا من بينهم 24 فتاة، وغرد عبد الفتاح على “تويتر” قائلًا: “سأقوم بتسليم نفسي للنيابة العامة بصفتي أحد الداعين لهذه الوقفة السلمية أمام مجلس الشورى”، وأفرجت النيابة بعدها بفترة عن علاء عبد الفتاح على ذمة القضية.

زادت انتقادات علاء عبد الفتاح للنظام الحالي مؤخرًا عقب الحكم بحظر حركة 6 أبريل وإعلان السيسي ترشحه للرئاسة، وشارك في مؤتمر لجنة الحريات في نقابة الصحفيين؛ حيث هاجم السيسي ووصفه بأنه “جزار” وأضاف “من يصوتون له يريدون أن يحكمنا جزار.. وهؤلاء مشاركون في الجريمة”.

 

الروائي محمد الجيزاوي 

يعرف عن الروائي محمد الجيزاوي العداء الشديد للإخوان، إلا أنه نشر تدوينة مطولة عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” يتبرأ فيها مما شارك فيه ضد إرادة الشعب المصري فقال: "إن مصر إبَّان حكم مرسى أفضل بكثير من الوضع الذي تعيشه الآن" .

كما عقد الجيزاوي مقارنات بين عهدي السيسي ومرسي ، انتهى فيها إلى أن سقف الحريات كان فى عهد مرسي لا حدود له ، عكس ما يحدث الآن ، وأن الجميع كان يتظاهر ضده دون المساس بهم ، ولم تكن هناك عمليات إرهابية" .

وتابع في تدوينته: "مرسي اللى قلنا عليه رئيس ضعيف كانت الدول بتعمل حسابه ، وإسرائيل أوقفت ضرب غزة بعد كلمة منه ، بينما السيسي الجنرال القوي فإن الملك عبد الله (العاهل السعودي الراحل) استكثر عليه أن ينزل من الطائرة ، وبعث إليه ليأتيه في طائرته".