لم تنته معاناة الاقتصاد الوطني بعد القرض المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، إذ أن الأزمة قد اشتدت منذ فبراير 2022 عقب بدء الحرب في أوكرانيا، مع خروج رؤوس الأموال الأجنبية الساخنة من أدوات الدين الحكومي، مما سبب شحًا بالسيولة الدولارية المتوفرة داخل البلاد.

وكشفت بيانات اقتصادية متعلقة بحالة الاقتصاد الوطني، صدرت في الأول من أغسطس الجاري، عن تنامي أزمة الديون في الربع الثالث من 2023، واتساع عجز صافي الأصول الأجنبية، بجانب ارتفاع المعروض النقدي، مع انخفاض مبيعات السيارات، وارتفاع الطلب على الذهب.

 

تنامي أزمة الديون في الربع الثالث من 2023

تدخل مصر الربع الثالث من عام 2023 وهي مثقلة بالديون الضخمة، إذ يتعين عليها سداد 15.3 مليار دولار منها في الربع الثالث من العام الحالي، وفقًا لبيانات "البنك الدولي".

وتنقسم الأموال التي ينبغي على مصر سدادها إلى:

-  2.8 مليار على الحكومة.

- 8.3 مليار دولار على البنك المركزي؛ منها 7.7 مليار دولار ودائع، ومعظمها ودائع الخليج التي تجدد باستمرار.

- يتعين على البنوك أن تسدد 2.5 مليار دولار.

- القطاعات الأخرى 1.566 مليار دولار.

وكان رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري، فخري الفقي، قد صرح منذ أيام بأن الدين الخارجي على مصر وصل لـ 165 مليار دولار، موضحًا أن الدولة تدرك تمامًا حجم الدين الخارجي، ولذلك توجه القروض الخارجية لمشروعات البنية التحتية.

يأتي ذلك بالتزامن مع ارتفاع السندات المصرية المقومة بالجنيه، المتداولة في بورصة "لوكسمبورج"، ضمن المنتجات المهيكلة لبنوك الاستثمار الأمريكية "جولدمان ساكس"، و"جي بي مورجان".

 

اقرأ أيضًا:

ديون مصر.. البنك الدولي: مطلوب سداد 15 مليار دولار في الربع الثالث من 2023

 

اتساع عجز صافي الأصول الأجنبية

أفادت بيانات البنك المركزي الصادرة باتساع عجز صافي الأصول الأجنبية لمصر خلال يونيو الماضي بنحو 2.654 مليار دولار ليرتفع إلى 27.054 مليار دولار (بما يعادل نحو 837.3 مليار جنيه) في نهاية الشهر مقارنة بنحو 24.4 مليار دولار (بما يعادل نحو 755.2 مليار جنيه) في نهاية مايو الماضي.

والأصول الأجنبية للبنوك هي ما تمتلكه من ودائع ومدخرات بالعملة الأجنبية وتكون قابلة للتسييل في الأوقات التي يحتاج فيها أي بنك سيولة لسداد التزاماته. حيث يمثل صافي الأصول الأجنبية أصول النظام المصرفي بالعملة الصعبة مخصومًا منها الالتزامات، ويتحول إلى السالب عندما تفوق الالتزامات الأصول.

وارتفع العجز لدى البنوك التجارية نحو 2.55 مليار دولار، ليسجل نحو 16.6 مليار دولار، بحسب بيانات البنك المركزي.

وزاد العجز لدى البنوك التجارية مدفوعًا بارتفاع الالتزامات 0.9 مليار دولار فيما تراجعت الأصول بنحو 1.6 مليار.

فيما انخفض العجز لدى البنك المركزي بنحو 0.02 مليون دولار ليصل العجز إلى 9.65 مليار دولار، وفقًا لـ"Investing".

ولا تعبر الأصول الأجنبية عن وضع السيولة في السوق لأن 95% من الالتزامات بالعملة الأجنبية ديون متوسطة وطويلة الأجل، لكنها تعكس خلل هيكلى في موارد والتزامات القطاع المصرفي بالعملة الأجنبية.

 

زيادة المعروض النقدي

أظهرت بيانات من البنك المركزي، الاثنين 31 يوليو الماضي، أن المعروض النقدي (ن2) ارتفع بواقع 24.69% على أساس سنوي في يونيو.

وبلغ المعروض النقدي 8.24 تريليون جنيه (267.10 مليار دولار) ارتفاعًا من 6.61 تريليون جنيه في نفس الشهر من العام الماضي.

 

تراجع مبيعات السيارات

تراجعت مبيعات السيارات في مصر خلال النصف الأول من 2023، لتسجل 36.8 ألف سيارة، مقابل 122.3 ألف سيارة في نفس الفترة من العام الماضي، إذ يرجع ذلك إلى الزيادات السعرية الهائلة التي شهدها السوق وصعوبات تواجه زيادة المعروض بسبب شح العملات الأجنبية.

وبحسب تقرير صادر عن مجلس معلومات سوق السيارات، الثلاثاء الماضي، شهدت مصر خلال الأشهر الستة الأولى بيع 26.9 ألف سيارة خاصة، بانخفاض 71% على أساس سنوي. وحوالي 4 آلاف أتوبيس بانخفاض 56%، ونحو 6 آلاف شاحنة فقط مقابل 20.6 ألف في النصف الأول من عام 2022، وجاء ذلك بعدما انخفضت المبيعات خلال يونيو الماضي بمعدل 65% لتسجل 6331 سيارة، مقابل نحو 18 ألف في الشهر نفسه من 2022.

 

ارتفاع الطلب على الذهب

قفزت مشتريات المصريين من السبائك والعملات الذهبية خلال الربع الثاني من العام الحالي بنسبة هائلة وصلت إلى 214% على أساس سنوي إلى 10.4 طن، وهو أعلى مستوى ربع سنوي على الإطلاق، بحسب بيانات مجلس الذهب العالمي التي صدرت اليوم.

وارتفع التضخم في مدن مصر، على أساس سنوي، خلال يونيو الماضي إلى 35.7% من 32.7% في مايو، تحت ضغوط رفع الحكومة لأسعار السولار، وشح العملة الصعبة اللازمة للاستيراد.  وهو ما يفسر ارتفاع الطلب على الذهب خلال الفترة الماضية، حيث يستخدم المعدن الثمين عادةً كأداة للتحوط من ارتفاع الأسعار للحفاظ على قيمة المدخرات.

وفي النصف الأول من 2023، بلغت مشتريات المصريين من السبائك والعملات الذهبية 18.6 طن، مقابل 19.2 طن في العام الماضي 2022 بأكمله.