أعلنت حكومة الانقلاب أن برنامج الطروحات نجح في الحصول على 1.9 مليار دولار نتيجة التخارج من شركات الدولة منهم 1.650 مليار دولار والباقي بالجنية حتى 30 يونيو الماضي.

وأشار مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده لاستعراض موقف الطروحات الحكومية، إلى أن الفترة القادمة سيتم الإعلان عن طروحات أخرى بقيمة مليار دولار، لافتًا إلى استهداف الدولة على ترشيد الدين الداخلي وزيادة الحصيلة الدولارية.

 

وضع اقتصادي صعب

وحذر خبراء اقتصاديين من انعكاسات هذا القرار على المواطن الذي يعاني أوضاعًا معيشية صعبة في ظل الظروف الحالية.

وقال أستاذ الاقتصاد السياسي وخبير الاقتصاد الدولي، الدكتور عبد النبي عبد المطلب إن قرار الحكومة إبرام عقود لبيع أصول حكومية للشركات الخاصة هو رسالة موجهة لصندوق النقد الدولي وللمستثمر المصري الذي ارتأت اللجوء إليه كحل وسط في ظل المشاكل الاقتصادية التي تواجهها.

وأضاف، في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر" على قناة الجزيرة، أن الحكومة تريد أن تقول للمستثمر المصري إنها ملتزمة بتطبيق القرارات التي اتخذتها مؤخرًا والمتعلقة بالمساواة بين الشركات الحكومية وشركات القطاع الخاص في الالتزامات والواجبات.

أما الباحث في التمويل الدولي والدراسات الاقتصادية، الدكتور مصطفى يوسف، فرأى، في حديثه للبرنامج، أن قرار الحكومة يرتبط 100% بالأزمة الاقتصادية الحالية، لعدة أسباب منها، أن رئيس الوزراء صرح قبل 30 يونيو الماضي بأنه سيتم بيع أصول بأكثر من ملياري دولار، لكن لم يتم بيع سوى 7%.

وقال الدكتور يوسف إنه يثمّن بيع الأصول للمستثمرين المصريين سواء في الداخل من قبل رجال الأعمال أو في الخارج، حيث إن أكثر من 11 مليون مصري في الخارج كان يحوّلون أكثر 35 مليار دولار سنويًا، ولكن هذه النسبة تراجعت كثيرًا بسبب خوف هؤلاء على ودائعهم.

وقدم بعض الأرقام عن الوضع الاقتصادي الصعب، إذ كشف أن مصر تستورد منذ قيام ما أسماها "الجمهورية الجديدة" في 3 يوليو 2013 أكثر من 70% من احتياجاتها الغذائية أو السلع الوسيطة، بالإضافة إلى زيادة القروض الخارجية من 43 مليار دولار إلى أكثر من 165 مليارًا، كما زادت الديون الداخلية والصادرات غير البترولية.

 

معاناة المواطن المصري

وبحسب المتحدث نفسه، فقد حذّر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي منذ عام 2019 من المشكلة الكبيرة التي تواجه مصر، حيث إن أكثر من 60% من المصريين فقراء أو تحت خط الفقر، وبعد جائحة كورونا وحرب روسيا على أوكرانيا ارتفع الرقم إلى أكثر من 70%، وذلك طبقا لتقارير غير رسمية.

وعن انعكاسات قرار بيع الأصول المملوكة للدولة على المواطن المصري، رأى الدكتور يوسف أن المواطن المصري يعاني بسبب غياب مصادر للعملة الأجنبية، وتوقع زيادة التضخم ومعدلات الفقر، ولن يتحسن الأمر إلا بوجود خطة تنمية حقيقية ومواجهة المشاكل.

ومن جهته، لم يستبعد أستاذ الاقتصاد السياسي وخبير الاقتصاد الدولي عبد المطلب في حدوث أضرار مضاعفة على المواطن المصري جراء قرار الحكومة بإبرام عقود لبيع أصول حكومية للشركات الخاصة.

 

لن يحل الأزمة

وقال الخبير مصطفى شفيع، إن برنامج طروحات الشركات يمثل جزءًا من حل الأزمة التي يعانيها الاقتصاد من نقص النقد الأجنبي، إلا أنه لن يحل الأزمة كما تعول عليه الحكومة بشكل كامل.

وأضاف شفيع، وفقًا لـ"روسيا اليوم"، أن بيع حصص من الشركات، ليس الحل العاجل للأزمة الراهنة إذ يتطلب تنفيذه وقتًا من الزمن، لطول مدة المفاوضات التي تستغرقها هذه الصفقات، حول سعرها ونسبة الحصص المخصصة للبيع، لذلك لا يعد هذا البرنامج الأساس الذي يمكن أن تراهن عليه الحكومة لمعالجة أزمة نقص النقد الأجنبي، وسد الفجوة الدولارية.

وقال مدحت نافع، الخبير الاقتصادي، إن الحكومة لجأت لبرنامج بيع الأصول، بعدما أصبح لا مجال للاقتراض في الوقت الحالي؛ لسد الفجوة الدولارية بعد ارتفاع معدلات الديون الداخلية والخارجية التي أصبحت في نسب مقلقة بالنسبة لصندوق النقد الدولي.

وأضاف، أنه لا يفضل تمويل احتياجات آنية للبلاد أو على المدى القصير بعائد بيع أصول، ولكن في ظل الأزمة الحالية يمكن الاستفادة منها في تلبية الالتزامات الضرورية من سداد مديونية خارجية أو تنفيذ عمليات الاستيراد، مشيرًا إلى أنه ليس حلاً مستدامًا للأزمة النقد الأجنبي.