كشفت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن ارتفاع نسبة التضخم بنسبة 2 في المئة، في شهر يونيو، وارتفاعه على أساس سنوي إلى 36.8 في المئة في يونيو، مقابل 14.7 في المئة لنفس الشهر من عام 2022.

وسجل الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين في مصر، المعد من قبل البنك المركزي، ارتفاعًا شهريًا بنسبة 1.7% في يونيو 2023 مقابل 2.9% في الشهر السابق، كما سجل المعدل السنوي للتضخم الأساسي 41%، مقابل 40.3% في مايو 2023.

ووفق بيانات الجهاز المنشورة على موقعه الرسمي، فإن هذا الارتفاع السنوي كان مدفوعًا إلى حد كبير بارتفاع تكاليف الطعام والمشروبات، بنسبة 64.9%، يليها المشروبات الكحولية والدخان 45.4%.

ووفقًا لـ"بلومبيرج"، فإن معدلات التضخم المتزايدة تضغط على البنك المركزي لزيادة معدلات الفائدة في اجتماعاته المقبلة، بعد أن أبقى عليها دون تغيير في الربع الثاني من العام الجاري.

ويرى بعض خبراء الاقتصاد أن هناك 5 تداعيات سلبية بعد ارتفاع التضخم بوتيرة سلبية، سيكون لها تأثير كبير على حياة المواطنين.

 

1 - ارتفاع قياسي للأسعار

ولبيان مدى التضخم الكبير في الأسعار في مصر، تقول الطبيبة سعاد – 45 عامًا: "كنت أشتري دواء كان سعره 15 جنيها، وفي وقت قصير ارتفع إلى 25 جنيها، ثم 35 جنيها، أمس اشتريته بـ73 جنيها".

وتضيف: "سألت منذ أسبوعين تقريبًا عن سعر كيلو البصل ففوجئت بأنه ارتفع إلى 20 جنيهًا، فرفضت أن أشتري وقلت لنفسي لن اشتريه وسأتخلى عنه ولن أطبخ ببصل، هكذا يجول في خاطري عندما أعلم أن سعر أي سلعة ارتفع فجأة بشكل كبير، لكن بعد فترة يصبح من الصعب تطبيق ذلك، وإلا سأتخلى عن كل شيء، الغلاء فاحش جدًا علي، فما بالك بالفقراء".

وتتابع بنبرة مليئة بالأسى: "كنت أضحي ببقرة أنا وأشقائي العام الماضي بـ20 ألف جنيه، هذا العام أصبح السعر 60 ألف جنيه".

 

2 - فشل الحكومة في السيطرة على الأسواق

ويؤكد الخبير الاقتصادي، وائل النحاس، أن التضخم يبلغ أكثر من الأرقام الرسمية التي أعلنها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء وأنه "يتم التلاعب بالأرقام لتجميل الصورة، بدليل أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أعلن صباح الاثنين عن أن التضخم يبلغ 35.8% ثم أعلن في نهاية اليوم أنها 36.8% بعد أن أعلن البنك المركزي أن التضخم الأساسي وليس السنوي يبلغ 41% رغم أنه يستبعد حساب الوقود والطعام"، وفقًا لـ"الحرة".

وقال البنك المركزي إن التضخم الأساسي، الذي يستبعد الوقود وبعض المواد الغذائية المتقلبة، سجل أيضًا مستوى قياسيًا بلغ 41% في يونيو ارتفاعًا من 40.3% في مايو.

ويضيف النحاس: "بعيًدا عن الأرقام، ما يهمني هو تأثير ذلك على المواطنين، نحن نشهد ارتفاعًا متتاليًا للأسعار، وهو ما يعني فشل الحكومة في السيطرة على الأسواق".

 

3 - موجة تضخم جديدة

ويؤكد الأستاذ المساعد في الجامعة الأمريكية، الباحث غير المقيم في مركز "كارنيجي" للشرق الأوسط، عمرو عادلي، أن العامل الأساسي في الموجة التضخمية التي تحدث منذ عدة أشهر، هو انخفاض سعر صرف الجنيه لعدم توفر العملة الصعبة.

ويقول: "طالما أن هذه الأزمة مستمرة، فإن التضخم سيظل يرتفع، والجنيه قد يشهد مزيدًا من الانخفاض". 

ويتوقع النحاس أن تشهد البلاد موجة جديدة من التضخم في شهر يوليو الجاري، "بسبب تطبيق زيادة أسعار الكهرباء بداية من الشهر الحالي، واجتماع مرتقب للجنة تسعير المحروقات يتوقع أن ترفع فيه الأسعار، فضلًا عن أن هناك حديثًا عن تعويم جديد، وهو ما يعني ارتفاعًا جديدًا كبيرًا في أسعار السلع والخدمات".

ومن المحتمل أن يؤدي استمرار ارتفاع التضخم إلى زيادة الضغط على البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل المقرر في الثالث من أغسطس. وأبقى البنك على أسعار الفائدة دون تغيير في الاجتماعين الأخيرين، بعد زيادات بلغت في الإجمالي ألف نقطة أساس منذ مارس 2022.

 

4، 5 - بيع الأصول ومزيد من القروض

يرى العادلي أن "المشكلة الرئيسة لها علاقة بوفاء الحكومة بالتزاماتها المالية من ديون وأقساط يجب دفعها خلال العامين الحالي والمقبل وهي فاتورة كبيرة، وهناك فجوة تمويلية ضخمة وعجز كبير في الميزان التجاري أيضًا".

تنحصر خطة الحكومة، بحسب النحاس، في الاقتراض من ناحية حتى تستطيع أن تستورد الغذاء للمصريين، وبيع الأصول من ناحية أخرى حتى تسدد ما عليها من ديون.

لكن النحاس يقول: "حتى بيع الأصول لا تستطيع الحكومة أن تحقق العائد منها بشكل جيد، عندما يتم التفريط في زبدة الأصول المصرية بهذه القروش نعلم أن الخطة التي كانت تعمل بها الحكومة فشلت، بحيث لا تستطيع أن تعظم مواردها المالية".

وفي نفس اليوم الذي أعلن فيه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن أن التضخم وصل لرقم قياسي جديد، مرر مجلس النواب في جلسته العامة قرار السيسي رقم 129 لسنة 2023 بالموافقة على اتفاقية مشروع تطوير خط لوجستيات التجارة بين القاهرة والإسكندرية، وهي اتفاقية قرض بين مصر والبنك الدولي للإنشاء والتعمير، قيمته 400 مليون دولار.

ويقول العادلي: "منذ أن تم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على طرح 32 شركة في البورصة، هذا لم يتحقق منه إلا القليل جدًا.

لكنه اعتبر أن إعلان رئيس الوزراء الثلاثاء عن طرح عدد من الشركات وبيع أصول بقيمة 1.9 مليار دولار "ربما تكون إشارة إيجابية يؤمل منها أن تكون بداية على اعتبار أن الحكومة استطاعت التخلص من بعض الأصول، وأنها بدأت بالفعل في هذا الطريق حتى تستطيع أن تدفع ما عليها من ديون".