يجد التونسيون أنفسهم اليوم أمام تحديات معيشية صعبة في ظل النقص الحاد ببعض المواد الأساسية كالخبز، وأصبح شراء الخبز أمر شاق ومرهق، في ظل النقص الكبير في مادتي السميد والفرينة، وظهور طوابير طويلة أمام أغلب المخابز التي أصبحت تغلق أبوابها بشكل مبكر.

ورغم أن الرئيس التونسي قيس سعيد أكد خلال لقائه وزير الفلاحة على إنهاء أزمة نقص الخبز خلال الساعات القادمة إلا أنه لا تزال الأزمة مستمرة إلى الآن.

بينما قال الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي لقناة الحوار: "إنتاجنا المحلي من القمح ضعيف جدا، نحن مضطرون لشرائه من الخارج، لكن نظرا لأننا في دولة مفلسة، فليست لدينا الإمكانيات لشرائه"، مضيفاً: "قيس سعيّد عاجز عن قول الحقيقة، والناس لا تفهم أن وجوده في السلطة يفاقم الأزمات لكون الاقتصاد مرتبط بالاستقرار السياسي".

وتأتي أزمة الخبز في سياق اقتصادي متدهور تعمق منذ ثورة 2011 وطال القدرة الشرائية للمواطنين وزاد نسب البطالة التي بلغت خلال الربع الأول من العام الجاري 16.1%، فيما قفز معدل التضخم إلى 10.1%، حسب المعهد الوطني للإحصائيات.

واعتبرت جمعية "أليرت تونس" أن السبب وراء الأزمة في الخبز هو عجز الدولة التونسية على استيراد حاجياتها من القمح، وأرجعت أزمة الخبز في تونس إلى أزمة هيكلية شاملة يشكو منها قطاع الحبوب.

وذكرت الجمعية أن السبب الحقيقي هو "انخفاض حاد في كميات القمح الصلب الموزعة من طرف ديوان الحبوب"، وهو جهة رسمية مكلفة بتزويد البلاد بالحبوب سواء الاستيراد أو تنظيم توزيع المنتجة محلياً.

وفيما تتوفر مادة القمح اللين، فإن مادة القمح الصلب لا تتوافر بالقدر اللازم حسب الجمعية، وهما المادتان اللازمتان لعجن عدة أنواع من الخبز. وذكرت الجمعية أنه إلى حدود 20 مايو، وزع ديوان الحبوب 15 في المئة فقط من الاستهلاك الشهري من القمح الصلب.

كما ذكرت الجمعية أن ديون ديوان الحبوب ارتفعت بنسبة 27 في المئة خلال عام واحد، كما تأخرت الدولة في صرف ميزانية الدعم الموجهة إلى القطاع، ما جعل ديوان الحبوب "عاجزاً عن استيراد حاجيات السوق من القمح الصلب".

 

الصورة

 

وبخصوص أزمة النقص في بعض المواد الأساسية، يقول الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي للجزيرة نت إن السبب الرئيسي يتعلق بصعوبات مالية تعاني منها الدولة جراء تراجع الاحتياطي من العملة الصعبة التي تستعملها لإتمام عمليات الشراء من المزودين بالخارج.

كما تعاني عدد من المخابز في تونس من عدم صرف إعانات الدعم لمدة تجاوزت 14 شهرا حسب ما يؤكده بيان لأصحاب المخابز في مدينة صفاقس، ما جعل عددا منها تعلن الإفلاس والتوقف التام عن العمل ابتداءً من الشهر القادم مع ما يتبع ذلك من تسريح ما يقارب من خمسة آلاف عامل.

ولا حل يلوح في الأفق حسب البيان سوى صرف عام من الدعم المالي ورفع قيمة أكياس القمح وإيقاف ما تعتبره مراقبة غير عادلة من السلطات وصلت حد فرض قرارات بالإغلاق.

كما أعلنت اتحادات أخرى للمخابز عن إضرابات خلال الأسابيع المقبلة والتوقف عن تزويد المؤسسات العمومية بالخبز ما قد يخلق أزمة كبيرة في المدارس والسجون والمستشفيات ودور الإيواء

وكان البنك المركزي التونسي قد كشف عن تراجع احتياطي العملة الأجنبية إلى ما يعادل 95 يوم توريد بتاريخ 20 أبريل الماضي مقابل 125 يوما خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

وتحتاج تونس العام الجاري -وفق تقديرات موازنة 2023- إلى قروض إضافية تقدر بنحو 25 مليار دينار (8 مليارات دولار)، منها نحو 15 مليار دينار (4.8 مليارات دولار) قروض خارجية بالعملة الصعبة، لتمويل نفقاتها ووارداتها وتسديد ديونها بالعملة الأجنبية.