تداول سودانيون تسجيلا صوتيا منسوبا لقائد المليشيا المُتمردة محمد حمدان دقلو (حميدتي) يهدِّم بها الهُدنة الأخيرة التي أعلنتها اللجنة السعودية الامريكية وليُؤكد إستمرار العمليات العسكرية حتى الرمق الأخير بقوله: "حتى النصر أو الشهادة".

وأضاف حميدتي في التسجيل الذي شكك به ناشطون: "الحرب فُرضت علينا، ولا عداء بين "الدعم السريع" والجيش".

وأردف، "قادة النظام البائد مع قادة الانقلاب خططوا لقطع الطريق أمام التحول الديمقراطي بالسودان".

وتابع، "نؤكد أن قوات الدعم السريع ليس لها عداء مع قوات الشعب المسلحة، وأن المشكلة الأساسية مع الذين اختطفوا قرار القوات المسلحة".

وختم بقوله: "نحن لن نتراجع إلا بإنهاء هذا الانقلاب ومحاكمة كل من أجرم في حق الشعب السوداني، والعودة إلى المسار الديمقراطي".

ونشر سودانيون مقاطع لاشتباكات بين الجيش ومليشيا المتمرد حميدتي بعد خرق المليشيا للهدنة، التي دخلت حيز النفاذ بوقف إطلاق النار الإثنين الساعة 09:45 مساءً بتوقيت الخرطوم، في ضوء ما أعلنته السعودية والولايات المتحدة صباح الأحد من هدنة جديدة في السودان تستمر لمدة أسبوع.

فيما شكك مراقبون لفي صحة تسجيل خطاب حميدتي مشيرين إلى اختلاف مستوى "الديسيبل" كدلالة على تزوير المقطع المتداول والذي نفذ تعديله "المونتاج" برأيهم "الجنجويد".

واتهمت القوات المسلحة تتهم متمردي ميليشيا حميدتي باقتحام مقرات سفارتي باكستان وقطر ونهب مقتنياتها بما في ذلك عدد من السيارات الدبلوماسية.

وعن الموقف العملياتي قال الجيش إنه مستقر بجميع أنحاء البلاد عدا مناوشات مع مليشيا الدعم السريع بأجزاء من العاصمة الخرطوم، وأن ذلك بعد ضربات لتجمعات من المليشيا في شمال ووسط بحري وجنوب الخرطوم نتج عنها تدمير عدد كبير من العربات المسلحة وشاحنات ZS محملة بالذخائر وقتلى وجرحى من المتمردين.

ورصد الجيش في إطار "تنظيفه" العاصمة، عمليات هروب كبيرة لمليشيات الدعم السريع نحو الغرب علي متن مئات العربات بأنواع مختلفة، وجميعها محمل بالمنهوبات.

 

مستشار حميدتي

وقال مستشار قائد قوات الدعم السريع حافظ الزين، إن قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) يقود المعارك بنفسه في أم درمان وبحري والخرطوم.

ونفى الزين خلال تصريحات متلفزة، ما يتردد حول وفاة حميدتي أو إصابته.

كما نفى أيضا ما يتردد عن وفاة أو إصابة القائد الثاني للقوات الفريق عبدالرحيم دقلو شقيق حميدتي، مؤكدًا أنه يتنقل بين القوات لقيادة المعارك.

وقال مستشار حميدتي إن قوات الدعم السريع لن تخرج من المواقع التي سيطرت عليها منذ اندلاع القتال في 15 أبريل الماضي، مؤكدًا أن الجيش هو من بدا بالهجوم ونفّذ "انقلابًا".

وأضاف أن قواته تتمركز بشكل قانوني لحماية المستشفيات وتقدم خدمات للطواقم الطبية في المستشفيات ولسكان العاصمة، قائلًا إن ما يتردد غير ذلك هو "فرية" للنيل من الدعم السريع.

وأعرب مستشار قائد قوات الدعم السريع عن أمله في أن تتحول الهدنة الإنسانية ووقف إطلاق النار قصير المدى إلى وقف دائم لإطلاق النار من أجل مصلحة السودان وشعبه.



مالك عقار
وعما وراء تعيين مالك عقار بديلاً لـ"حميدتي"، داخل المجلس السيادي اعتبر مراقبون أن دلالته "مناطقية"، حيث يمثّل عقار منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، والتي تعد "هامشية"، وأن اختياره مؤشر على دعم مجلس السيادة للسلام، لأنّ عقار يعبّر عن "اتفاق جوبا" وقريب من حكومة جنوب السودان.
ورأى الخبير العسكري والإستراتيجي، اللواء كمال إسماعيل، أن القرار يصبّ المزيد من الزيت على نيران الاقتتال المشتعلة بالسودان، ولن يتسبب في تهدئة الأوضاع المتأزمة، وأنّ أي حديث عن “إعفاء أو تعيين” بلا قيمة في ظلّ استمرار الاقتتال دون هوادة بين الجانبين.



قاعدة وادي صيدنا

ويقاوم الجيش السوداني محاولة قوات الدعم السريع التقدم نحو قاعدته الجوية الرئيسية (قاعدة صيدنا) بالقرب من العاصمة الخرطوم.

وإذا ما نجحت قوات الدعم السريع من حسم المعركة في تلك الجبهة، فإنّ ستكون قد وجهت ضربة قاصمة للجيش السوداني، كما أنّ الأمر سيؤثر كذلك على جهود إجلاء الرعايا الأجانب، حيث يستخدم الجيش المطار لشن ضربات جوية على قوات الدعم السريع ، كما استخدمته الحكومات الأجنبية لإجلاء مواطنيها في وقت مبكر من الصراع.

وقالت عدة مصادر من داخل الخرطوم، إن وقف إطلاق النار لن يستمر إلا إذا تم نشر مراقبين دوليين – بدعم من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.

ويتمركز مقاتلو الدعم السريع في حوالي 20 شاحنة شرق النيل ، ويحاولون عبور جسر للوصول إلى مطار وادي سعيدة، فيما يرد الجيش السوداني على هذه التمركزات عبر شن قصف مدفعي ثقيل.

ولا يمكن للجيش أن يفقد السيطرة على المطار، لأنه مفتاح لاستراتيجيته المتمثلة في قصف قوات الدعم السريع من الجو بينما يقاتل لاستعادة السيطرة على الخرطوم والمدينتين الأخريين.

 

القانون الإنساني الدولي

ومع استمرار الاشتباكات في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى السودان، فولكر بيرتس، الاثنين، في كلمة له أمام مجلس الأمن الدولي بشأن تطورات الوضع في البلد الأفريقي، أنه "لم يمر يوم من دون قتال بين الجيش وبين قوات الدعم السريع منذ 15 أبريل الماضي.

وقال إن "نحو 900 شخص قتلوا بينهم أطفال بسبب الصراع، فضلا عن تسبب القتال في تشريد أكثر من مليون شخص"، كما حوصر الكثير من السودانيين في منازلهم و(باتوا) يفتقرون إلى إمدادات"، متهما طرفي النزاع بانتهاك القانون الإنساني الدولي.

وأضاف: "حاولنا لعب دور الوساطة بين الجيش وبين قوات الدعم السريع لكن دون جدوى"، مؤكدا أن "نقل البعثة الأممية إلى بورتسودان لا يعني التخلي عن الشعب السوداني".

وفي إطار وصفه لتبعات الصراع المسلح الدائر قال إن "المرافق الأساسية للمياه والكهرباء مدمرة والمستشفيات أغلقت، وتلقينا بلاغات عن نهب المنازل والبنوك فضلا عن حالات اختفاء قسري".

وحث بيرتس، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، على ضمان حماية المدنيين، داعيا الطرفين إلى وقف القتال والانتقال للحوار.

وحذر المبعوث الأممي، من أن "هناك مخاطر جدية من اتساع نطاق الحرب في السودان، مشيرا إلى أن القتال أدى إلى اندلاع توترات قبلية وإثنية خاصة في دارفور. وقال إن "المدنيين حملوا السلاح في دارفور بسبب استمرار الصراع".

 

مخزونات الغذاء والدواء

وتراجعت مخزونات الطعام والمال والضروريات ، واشتكت جماعات الإغاثة مرارًا من عدم قدرتها على تقديم المساعدة الكافية في الخرطوم.

تم حث كل من الجيش النظامي وقوات الدعم السريع على السماح بتوزيع المساعدات الإنسانية واستعادة الخدمات الأساسية وسحب القوات من المستشفيات.

اندلعت الحرب في أعقاب صراع على السلطة بين قائد الجيش النظامي السوداني عبد الفتاح البرهان ونائبه السابق محمد حمدان دقلو المعروف باسم “حميدتي” ، الذي يقود قوات الدعم السريع.

وقتل مئات الأشخاص في القتال وحذرت الأمم المتحدة من تدهور الوضع في ثالث أكبر دولة في إفريقيا ، حيث كان عدد كبير من الناس يعتمدون بالفعل على المساعدات قبل الصراع.

ويشهد السودان اضطرابات منذ اندلاع القتال بين قوات الجيش النظامي وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل.

واندلع الصراع في الخرطوم بعد خلافات تتعلق بخطط دمج قوات "الدعم السريع" في الجيش، وتسلسل القيادة في المستقبل، بموجب اتفاق مدعوم دوليا لانتقال السودان إلى الديمقراطية بعد عقود من الحكم الاستبدادي حافلة بالصراعات.

وأسفرت المعارك عن مقتل المئات وإصابة آلاف الأشخاص من المدنيين، فضلا عن تسببها في نزوح ما يقرب من 1.1 مليون داخليا أو فرارهم إلى بلدان مجاورة، فضلا عن استمرار محادثات طرفي النزاع في جدة في محاولة للتوصل إلى وقف دائم للقتال وحل النزاع بالحوار.

وكان الحليفان السابقان سيطرا على السلطة كاملة في انقلاب عام 2021 أطاحا خلاله بالمدنيين الذين كانوا يتقاسمون السلطة معهم منذ سقوط الرئيس السابق عمر البشير في العام 2019. لكن الخلافات ما لبثت أن بدأت بينهما بشأن مسألة دمج هذه القوات في الجيش.

وتطالب الطواقم الإنسانية منذ أسابيع بتأمين ممرات آمنة لنقل الأدوية والوقود والمواد الغذائية، في محاولة لتوفير بعض الخدمات التي تشهد تدهورا منذ عقود.

وبدوره، جدّد مسؤول الشؤون الإنسانيّة في الأمم المتحدة مارتن غريفيث دعوته إلى "إيصال المساعدة الإنسانيّة في شكل آمن"، فيما يحتاج أكثر من 25 مليون من سكان السودان - أي أكثر من نصف السكان البالغ عددهم 45 مليون نسمة تقريبًا - إلى مساعدات.

وفي حال استمرار الحرب، قد يلجأ مليون سوداني إضافي إلى الدول المجاورة، وفق الأمم المتحدة. وتخشى هذه الدول انتقال عدوى الاقتتال.

وقالت الأمم المتحدة، منتصف الأسبوع الجاري، إن أكثر من نصف سكان السودان البالغ عددهم 46 مليونا بحاجة إلى المساعدة الإنسانية والحماية، وأطلقت نداء لجمع ثلاثة مليارات دولار لتمويل المساعدات.

وخلفت المعارك الدائرة منذ أكثر من شهر في البلاد، ما يقرب من ألف قتيل ونحو 840 ألف نازح و220 ألف لاجئ، وتسببت في انهيار القانون والنظام مع تفشي أعمال النهب التي يتبادل الطرفان اللوم بشأنها، فيما تتناقص سريعا مخزونات المواد الغذائية والنقود والاحتياجات الأساسية، ووقعت أعمال نهب جماعي لبنوك وسفارات ومصانع ومخازن للمساعدات، وفقا لرويترز.