"رجع بخفي حنين".. هكذا كانت نتيجة زيارة قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي إلى السعودية، بعدما فشل في تحقيق أهدافه، والحصول على مساعدات جديدة من بن سلمان.

ووفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال، فإن السيسي لم يستجب بعد لشروط الخليجيين، ولم يقدم ما يشفع له في الحصول على المساعدات التي يرجوها وأهمها المساعدات الاقتصادية المتمثلة في العملة الخضراء.

ويعاني المواطنون من رفع الأسعار بصورة كبيرة للغاية لا يستطيع مرتبه الشهري تحملها، إضافة إلى ارتفاع التضخم، وشح الدولار في البنوك، وخضوع مصر لشروط صندوق النقد الدولي في القرض الأخير.

وخسر الجنيه المصري، في عام واحد، قرابة نصف قيمته، حيث لا يزال الاقتصاد المتأرجح جراء تراجع السياحة، خلال وبعد جائحة كورونا، يعاني من صعوبات كبيرة، بينما يواجه المواطن غلاء الأسعار، الذي تسبب فيه الغزو الروسي لأوكرانيا.

وارتفع معدل التضخم في مصر إلى أكثر من 40% بينما يعد الجنيه المحلي ضمن أسوأ العملات أداء على مستوى العالم هذا العام، مما دفع ملايين المصريين إلى براثن الفقر.

وحذرت السعودية، ودول الخليج الأخرى، مصر، من أن أي خطة إنقاذ مالية من قبلها "ستعتمد على خفض القاهرة لقيمة عملتها وتعيين مسؤولين جدد لإدارة اقتصادها "بعد سنوات من المساعدة السهلة" وفقًا للصحيفة.

ومنذ وصول السيسي إلى السلطة في عام 2013، قدمت دول الخليج عشرات المليارات من الدولارات لمصر في شكل مساعدات وودائع مباشرة لدعم حليفٍ، يُعد أيضًا شريكًا أمنيًا رئيسًا في المنطقة.

وفي حين كان السيسي يأمل في الحصول على دعم من الرياض خلال الرحلة التي قادته إلى هناك الأحد الماضي، إلا أن زيارته لم تسفر عن أي وعود تمويل سعودية فورية، كما قالت الصحيفة.

ونقلت الصحيفة عمن وصفتهم بـ "مسؤولين مصريين، وخليجيين" قولهم إن "جيران مصر الأثرياء يريدون عوائد أفضل لأموالهم الآن حيث يركزون على إعادة تشكيل اقتصاداتهم المعتمدة على الطاقة" في إشارة إلى تغيّر فلسفة استثمار الأموال في أغلب الدول الخليجية لا سيما السعودية والإمارات، وفقًا لـ"الحرة".

 

خفض قيمة الجنيه وتقليص دور الجيش

قالت مصادر الصحيفة إن خفض قيمة الجنيه مرة أخرى تأتي على رأس قائمة مطالبهم من القاهرة، مما قد يجعل الاستثمارات الخليجية في مصر أكثر ربحية.

كما طلبت دول الخليج من الجيش المصري تقليص مشاركته في الاقتصاد لصالح دور أكبر للقطاع الخاص، وهي خطوة من شأنها أن تسمح للشركات الخليجية بالاستحواذ على حصص في قطاعات النمو المصرية.

وقال مسؤولون إن دول الخليج تريد أيضًا قيادة أكثر فاعلية لإدارة شؤونها المالية، وسط سنوات من المخاوف بشأن سوء الإدارة والفساد في مصر.

ورغم ذلك، لم تفعل مصر، حتى الآن، سوى القليل لتلبية مطالب دول الخليج، إلا أن محللين يتوقعون أن تسمح القاهرة قريبًا للعملة بالانخفاض بحدة، مسجلة بذلك رابع تخفيض منذ غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير 2022.

ولم ترد وزارة الخارجية المصرية على طلب للتعليق الذي أرسلته الصحيفة، كما لم ترد السعودية والإمارات على طلبات التعليق.

وتمكن الاقتصاد من الصمود بفضل صندوق النقد الدولي، الذي وافق العام الماضي على إقراض القاهرة 3 مليارات دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة، لكن خبراء الاقتصاد يقولون إن خطة الإنقاذ هذه، ليست كافية لسد فجوة التمويل التي ستواجهها مصر في السنوات المقبلة، حيث تسعى إلى سداد ديون تقدر بعشرات المليارات من الدولارات.

وقال صندوق النقد الدولي إنه يتوقع أن تجلب مصر تمويلًا إضافيًا بقيمة 14 مليار دولار من الخليج ودول أخرى في إطار زمني مدته أربع سنوات.

وللمساعدة في تغطية الاحتياجات التمويلية الفورية للبلاد، كلف القادة المصريون صندوق الثروة السيادية بجمع 2.5 مليار دولار بحلول يونيو.

وستأتي بعض الأموال من حملة الخصخصة التي أطلقتها السلطات المصرية مؤخرًا لبيع حصص في 32 شركة مملوكة للدولة، على الرغم من أنه من المتوقع أن يستمر هذا البرنامج حتى أوائل عام 2024.

وتوقفت المفاوضات مع صناديق الثروة السيادية والشركات في الخليج بشأن أصول حكومية مختلفة، وفقًا لأشخاص مطلعين على المناقشات، ولم تؤت أي من تلك الصفقات ثمارها.

 

كبح جماح الإنفاق المالي

يرى أغلب المستثمرين أن قيمة الجنيه مبالغٌ فيها، على الرغم من انخفاضها بأكثر من 40% مقابل الدولار الأمريكي خلال العام الماضي.

وقال متابعون إن دول الخليج تتفق أيضًا مع صندوق النقد الدولي على أن مصر بحاجة إلى كبح جماح الإنفاق المالي وتقليص دور جيشها في الاقتصاد.

وفي العقد الماضي، تم تكليف القوات المسلحة بمسؤولية مئات من مشاريع البنية التحتية وتم توسيعها لتشمل قطاعات تتراوح من الأغذية والمشروبات إلى الإسمنت.

قال أيمن سليمان، الرئيس التنفيذي للصندوق السيادي، في مقابلة إن الصندوق يساعد في إدارة بيع 14 شركة من أصل 32 شركة مملوكة للدولة ويهدف إلى الإعلان عن صفقتين قريبًا، مما يساعد الصندوق على جمع 2.5 مليار دولار.

في الوقت نفسه، قال سليمان إن المستثمرين المحتملين لديهم مخاوف بشأن الاقتصاد، بما في ذلك مسار أسعار الفائدة والجنيه. واصفًا عقلية المستثمرين بـ"التجارية البحتة".

 

97 مليار دولار مساعدات خليجية

وبين عامي 2013 و2020، زودت دول الخليج مصر بما مجموعه 97 مليار دولار من ودائع البنك المركزي والاستثمار المباشر وأشكال أخرى من المساعدات المالية، وفقًا لكارين إي يونغ، الباحثة في الاقتصاد السياسي للشرق الأوسط في معهد "أميريان إنتربرايز"

وكشفت هذه الباحثة أن المملكة العربية السعودية تصدرت تلك الجهود، حيث قدمت أكثر من 46 مليار دولار.

وعندما بدأت الحرب في أوكرانيا في أوائل عام 2022، تضرر الاقتصاد المصري بشدة لذلك، أودعت بعض دول الخليج 13 مليار دولار في البنك المركزي، مما ساعد السلطات المصرية على تعزيز احتياطياتها من العملات الأجنبية.

وشملت تلك الحزمة 5 مليارات دولار من المملكة العربية السعودية في مارس الماضي.

ومع ذلك، نما الإحباط العام من مصر في دول الخليج هذا العام، حيث رفضت الإمارات العربية ضمان تحويل نسبة مئوية من إجمالي قيمة القرض كوديعة إلى البنك المركزي، وفقًا لمسؤولين مطلعين، وهو ما دفع القاهرة إلى اللجوء إلى السعودية والكويت، لكنهما رفضتا المساعدة أيضًا.

ولم يستجب صندوق النقد الدولي لطلبات التعليق التي أرسلتها الصحيفة.

تسعى مصر، وهي واحدة من 5 دول في العالم تعد الأكثر عرضة للعجز عن سداد ديونها الخارجية، إلى خفض استهلاكها المحلي من الطاقة من أجل زيادة كمية صادراتها من النفط والغاز وبالتالي زيادة مواردها بالدولار.

وفي هذا الصدد أيضًا عرضت الحكومة العديد من الأصول المملوكة للدولة للبيع.