الأزمة الاقتصادية العاصفة التي تمر بها مصر في ظل الانقلاب العسكري بقيادة عبدالفتاح السيسي، باتت المادة الأكثر تداولا في الصحف الغربية، فبعد أن تحدثت "نيويورك تايمز" عن شروط قاسية تفرضها السعودية لمصر لعودة ضخ الدعم المالي تحدث بعدها موقع "وول ستريت جورنال" الأمريكي عن أبرز تلك الشروط وهي "خفض قيمة الجنيه". 

وتوقفت المفاوضات مع صناديق الثروة السيادية والشركات في الخليج بشأن بيع أصول حكومية مصرية ولم تؤت أي صفقات ثمارها لاعتقاد الخليج أن قيمة الجنيه المصري لا تزال مبالغا فيها، ثم طلبهم "تعيين مسؤولين مختلفين لإدارة الاقتصاد"، وهو ما فسره البعض بالرغبة الخليجية في تبديل السيسي نفسه. 

ويعتقد بعض المراقبين أن تحليل "مركز كارنيجي" الأمريكي الذي نشر بموقع "أوبن ديمقراسي" في أكتوبر 2020 وانتهى إلى أن نظام الطاغية عبدالفتاح السيسي يشن حربا بلا هوادة على المجتمع المصري، وأنه إلى جانب الطبيعة السلطوية للنظام، فإن الدعم الدولي الذي يحصل عليه في شكل تدفقات مالية وقروض يساهم في تعزيز جهوده الآيلة إلى إثراء طبقة النخبة في الأعمال والمؤسسات العسكرية على حساب المواطنين.

وأضاف تحليل "كارنيجي" حكومة السيسي قد حصلت من حلفائها الإقليميين على دعمٍ مالي قدره 92 مليار دولار بين عامَي 2011 و2019، وتستمر في اقتراض مبالغ طائلة من المؤسسات الدولية. تتيح هذه الأموال للحكومة تنفيذ مشاريع ضخمة والإبقاء على منظومة الضريبة التنازلية التي تلقي العبء الأكبر على الفقراء دون الأغنياء.

 

فشل زيارة السيسي للرياض

ورصدت "وول سترت جورنال" ما دار خلال زيارة السيسي للسعودية والرفض الخليجي لضخ الأموال (الرز) في البلد دون تحقيق شروطها.

وأوضح موقع "وول ستريت" الأمريكي أن الرياض ودول خليجية أخرى أبلغوا السيسي أن أي خطة إنقاذ مالية ستعتمد على خفض القاهرة لقيمة عملتها وتعيين مسؤولين جددا لإدارة الاقتصاد المصري، أمام طلب السيسي أثناء زيارته  المفاجئة الأحد الماضي (قبل أسبوع) لطلب الحشد المالي لمصر.

ولفت الموقع الأمريكي أن السيسي عاد خالي الوفاض"دون أي وعود أو مساهمات مالية فاعلة"، محملا بطلبات أخرى أبرزها تقليص مشاركة الجيش في الاقتصاد، لصالح دور أكبر للقطاع الخاص وهي خطوة من شأنها أن تسمح للشركات الخليجية بالاستحواذ على حصص في قطاعات النمو المصرية!

وقال الموقع إن دول الخليج طالبته أيضا بقيادة جديدة أكثر فاعلية لإدارة شؤونها المالية وسط سنوات من المخاوف بشأن سوء الإدارة والفساد المستشري في مصر..

وكشف "وول ستريت جورنال" أن محمد بن زايد رئيس الإمارات رفض التصرف كضامن للسيسي بتحويل ولو نسبة من إجمالي قيمة قرض صندوق النقد الدولي كوديعة إلى البنك المركزي المصري ولجأت مصر إلى السعودية والكويت بعد الرفض الإماراتي لكنهما رفضا المساعدة أيضًا!!

يذكر أن البنك المركزي المصري أعلن في وقت سابق تمديد الكويت آجال وديعتها بقيمة 2 مليار دولار حتى سبتمبر 2023، في حين كان تأجيل الإمارات آجال وديعتها حتى أغسطس 2027 بقيمة 658 مليون دولار، أما السعودية فلديها وديعة في المركزى المصرى 5.3  مليار دولار و مددت استحقاقها إلى أكتوبر ٢٠٢٦.

 

شروط ثقيلة

وقبل أيام قال تقرير لموقع صحيفة "نيويورك تايمز"، إن السعودية التي اعتادت إرسال الأموال إلى مصر كحليف إقليمي، تحولت مع انزلاق مصر أعمق في أزمتها، حيال ذلك ألأمر وعلق ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان شروطا متزايدة لمثل هذه "المساعدات"، ويصر على إصلاحات اقتصادية.

ولفت التقرير إلى أن السعوديون سئموا من تقديم مساعدات لا نهاية لها للدول الفقيرة مثل مصر ليشاهدوها تتبخر.

وأضاف: "عندما اشتدت الأزمة الاقتصادية في مصر العام الماضي، تدخلت مجموعة من دول الخليج ، حيث أودعت مليارات الدولارات في البنك المركزي المصري، ودعمت احتياطياتها من العملات الأجنبية المستنفدة وساعدتها على دفع ثمن وارداتها".

وأردفت ".. دعم السعودية كان ضروريا لاتفاقية الإنقاذ الأخيرة التي أبرمها صندوق النقد الدولي مع مصر، والتي تتطلب منها جمع بعض الأموال قبل إنقاذها من خلال بيع أصول حكومية  بقيمة ملياري دولار ، مما يثير مخاوف في  مصر بشأن سيادتها ومكانتها".

ورأت الصحيفة الأمريكية أنه لا يزال السعوديون والمصريون يتحدثون عن الاستثمارات المحتملة، وتغير السياسات ، لكن مع مرور الأشهر دون إحراز تقدم كبير ، شكك السعوديون والمصريون على حد سواء، في قدرة مصر على إصلاح اقتصادها!

ولفتت إلى أنه من عام ٢٠١٣ إلى عام ٢٠٢٠، أرسلت المملكة العربية السعودية ٤٦ مليار دولار إلى مصر في شكل ودائع للبنك المركزي واستثمارات مباشرة ونفط  وغاز ... وهذا الدعم ، على الرغم من تراجعه ، إلا أنه لم يتوقف بالكامل.