بعد تسجيل معدل التضخم الأساسي في مصر 40.3% في فبراير 2023، احتلت مصر المركز الرابع عالميا في معدلا التضخم بحسب مراقبين وجاءت مصر بعد الأرجنتين التي تتصدر الترتيب العالمي بـ94.4% في يناير الماضي، تليها تركيا بـ50.6% في فبراير، ثم سيريلانكا بـ43.6% في  فبراير الماضي.

أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر الخميس 9 مارس، أن التضخم السنوي في عموم البلاد صعد إلى 32%،  وبذلك تصل نسبة التضخم إلى أعلى مستوياتها منذ 5 سنوات، حيث وصلت في ديسمبر 2017 نسبة 21.9%، بعد نحو عام من تحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر2016.

وقالت وكالة "بلومبرج" إن التضخم في المدن المصرية يسير بوتيرة أسرع بكثير مما كان متوقعا حيث أدت موجة من خفض قيمة العملة إلى زيادة تكلفة الواردات وارتفاع أسعار المواد الغذائية بوتيرة قياسية.

وتعليقا على معدلات التضخم المعلنة رسميا، قالت (وكالة الإحصاء) التي تديرها الدولة (CAPMAS) إن أسعار المستهلكين ارتفعت بنسبة 31.9٪ سنويا في فبراير، وهي الأسرع منذ أكثر من خمس سنوات وارتفاعا من 25.8٪ في الشهر السابق.
ورجح الاقتصاديون في مجموعة (جولدمان ساكس) و(نعيم القابضة) أن يبلغ التضخم حوالي 28٪.

ورجحت "بلومبرج" أن يعطي الارتفاع البنك المركزي زخما جديدا لرفع أسعار الفائدة هذا الشهر ، خاصة بعد ارتفاع تكاليف الأغذية والمشروبات ، أكبر مكون منفرد في سلة التضخم ، بنسبة 61.8٪ عن العام السابق.

وتوقعت أن يتسارع التضخم أكثر على المدى القصير، مدفوعا بالارتفاع الأخير في أسعار الوقود وزيادة الطلب خلال شهر رمضان المبارك، الذي يبدأ في نهاية مارس من هذا العام ويتميز بالتجمعات العائلية والوجبات الكبيرة.

ونقلت عن محمد أبو باشا، رئيس بحوث الاقتصاد الكلي في بنك الاستثمار المصري المجموعة المالية هيرميس، قوله إن: "التضخم فاق توقعاتنا للشهر الثاني، من الواضح أن تعطل الإمدادات وسلوك المضاربة يلعبان دورا أكبر في دفع الأسعار إلى الأعلى بدلا من أن يكون انعكاسا خالصا لضعف الجنيه المصري".

وأضاف "نرى الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية انعكاساً لنقص الإمدادات وكذلك أنشطة المضاربة من المتعاملين وليس مجرد تأثير هبوط الجنيه". وارتفعت أسعار الدواجن على وجه التحديد 37.7% على أساس شهري.


معدلات سيئة

وتسارع التضخم إلى 6.5٪ من 4.7٪ في يناير، وهي أكبر زيادة منذ مارس 2007. بقياس شهري وقالت حكومة السيسي إن معالجة ارتفاع تكاليف المستهلكين يمثل أولوية قصوى.

وتعتزم لجنة السياسة النقدية بحسب الوكالة تغيير أسعار الفائدة وليس الإبقاء هليها كما حدث في فبراير الماضي ، قائلة إنها تقيم تأثير 800 نقطة أساس من الزيادات في عام 2022. ويستهدف التضخم بنسبة 7٪ ، زائد أو ناقص 2%، بحلول الربع الرابع من العام المقبل.

وفقد الجنيه ما يقرب من نصف قيمته منذ مارس الماضي في الوقت الذي تعاني فيه مصر من أسوأ نقص في النقد الأجنبي منذ سنوات، ورصدت بلومبرج تداول الجنيه بشكل أضعف قليلا في البنوك المحلية في الأسبوع الماضي ، فقد انخفضت قيمته بأكثر من 6٪ مقابل الدولار الأمريكي في السوق السوداء حيث يراهن التجار على تخفيض آخر لقيمة العملة.

ورأت بلومبرج أن اشتداد ضغوط الأسعار يشير إلى أن البنك المركزي سيستأنف على الأرجح التشديد في اجتماعه المقبل المقرر عقده في 30 مارس.

 

ضربة قاسية

وخفضت حكومة السيسي، وهي مستورد رئيسي للقمح وسلع أخرى، قيمة عملتها ثلاث مرات خلال العام الماضي، مما أدى إلى ارتفاع تكلفة معظم السلع ذات المنشأ الأجنبي التي تتعرض بالفعل لضغوط من القيود التجارية والتداعيات الاقتصادية للغزو الروسي لأوكرانيا.

واعتبرت الوكالة أن ارتفاع أسعار الغذاء ضربة قاسية لأكبر دولة في الشرق الأوسط من حيث عدد السكان، حيث يعيش نحو نصف سكانها البالغ عددهم 104 ملايين نسمة بالقرب من خط الفقر أو تحته.

 

آراء خبراء

ورصدت تقارير بخلاف تقرير بلومبرج آراء خبراء ماليين، حيث أرجع يوسف البنا، المحلل المالي في "نعيم المالية"، استمرار ارتفاع التضخم إلى "الزيادات المطّردة في أسعار الطعام بسبب تفاقم تكاليف الإنتاج تحت ضغط من استمرار تراجع قيمة العملة المحلية".

ورأت رضوى السويفي، رئيسة البحوث في "فاروس المالية"، أنَّ التضخم "أعلى من متوسط التوقُّعات، مما قد يؤدي لرفع أسعار الفائدة 200 نقطة أساس في الاجتماع المقبل".

ويتماشى ذلك مع توقُّعات "نعيم المالية" بأن يتجه "المركزي" لرفع الفائدة في الاجتماع المقبل ما بين 100 و200 نقطة.

ويبلغ سعر الفائدة الحقيقي في مصر سالب 15.65% وفقاً لآخر بيانات للتضخم.

وأعلن عبدالفتاح السيسي، الأسبوع الماضي، زيادة الحد الأدنى للأجور بمقدار 1000 جنيه (32.6 دولارا) على الأقل، بجانب زيادة معاشات التقاعد والمستفيدين منهم بنسبة 15% اعتباراً من أول أبريل المقبل، ورفع حدّ الإعفاء الضريبي على الدخل السنوي من 24 ألف جنيه (800 دولار أميركي) إلى 30 ألف جنيه (نحو 1000 دولار) سنوياً، اعتباراً من أول أبريل أيضاً.

وتعاني الطبقات الوسطى والفقيرة في مصر خلال السنوات الماضية من ارتفاع حادّ في الأسعار طال كل السلع والخدمات، وتحاول الحكومة التخفيف عن كاهلهم عبر انتشار منافذ ثابتة تابعة لجهاز الخدمة الوطنية ووزارة الداخلية لبيع المنتجات الغذائية بأسعار رخيصة.