قال تقرير لموقع (فرانس برس) الوكالة الفرنسية الرسمية إن "مصر تستدين لتثبيت نظام السيسي" وذلك نقلا عن "ستيفان رول"، الخبير في المعهد الألماني للشؤون الدولية  والأمنية الذي نشر تقريرا قبل أيام عن مخاطر الديون التي تحاصر مصر واستغلال العسكر لغلاء الأسعار في تعزيز قبضتهم على مصر.

حيث قال "رول": "الجيش الذي يستند إليه (النظام)، هو أول المستفيدين: الديون الخارجية مكنته من حماية دخله وممتلكاته وتمويل مشروعات عملاقة تعود عليه بأرباح كبيرة" إذ أن معظم المشاريع الكبرى يسند تنفيذها إلى القوات المسلحة.

واستند التقرير إلى خبراء أشاروا إلى تحول جميع المؤشرات إلى اللون الأحمر، عندما أعلن مصرفان حكوميان، الأربعاء، إصدار شهادات إيداع بفائدة قدرها 25 % للعام. مضيفا أن مصر تحاول -وهي واحدة من خمس دول في العالم معرضة لأن تفقد القدرة على سداد ديونها وفق وكالة موديز- إلى اللجوء للقروض.

عندما لفتت إلى أن قرض صندوق النقد الدولي الذي حصلت عليه مصر، بقيمة ثلاثة مليارات دولار تسدد على 46 شهرا، ليس إلا قطرة في بحر خصوصا أن حزمة الدين التي يتعين على القاهرة سدادها خلال العام المالي 2022/2023 تبلغ 42 مليار دولار.

وأضاف التقرير أنه بسبب أزمة النقد الأجنبي، التي ساهم فيها خروج حوالي 20 مليار دولار من مصر بسبب قلق المستثمرين عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا، قيدت معظم البنوك السحب بالدولار خارج مصر، ورفعت عمولة استخدام البطاقات الائتمانية في عمليات الشراء في الخارج من 3 % إلى 10 %.

تقرير "فرانس برس" الذي جاء بعنوان ""خفض جديد للجنيه يفاقم معاناة المصريين"، نبه إلى عدة إجراءات تكشف العجر الحكومي ومنها؛ "قيود على السحب من الحسابات الشخصية خارج مصر، مرورا بتقنين كمية الأرز التي يمكن للفرد شراؤها، وصولا إلى حملات دعائية عن الفوائد الصحية لتناول أرجل الدجاج، يعاني المصريون بشدة من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها بلادهم فيما ترزح تحت عبء الديون".

ولا يتجاوز الاحتياطي النقدي لدى القاهرة نحو 34 مليار دولار، من بينها 28 مليار دولار ودائع من دول الخليج الحليفة، لكن ديون مصر الخارجية تضاعفت بأكثر من 3 مرات في السنوات الـ10 الأخيرة لتصل إلى 157 مليار دولار.

وبطلب من الدائنين، خفضت مصر قيمة عملتها عام 2022 بنسبة 57 %.

وفي بلد يستورد غالبية احتياجاته من الخارج، وشهدت فيه أسعار الفائدة ارتفاعا بمقدار 8 % في 2022، كان التأثير فوريا إذ بلغت نسبة التضخم 18.7 %، وفق الأرقام الرسمية.


رؤية من الواقع
ووفق تقرير "فرانس برس" تعاني ربات البيوت، حيث نقلت عن ربة منزل تدعى رحاب – من مخبز بوسط القاهرة- قولها: "رغيف الخبز الذي كنت أشتريه بجنيه واحد صار بثلاثة جنيهات".

وأضافت الشابة البالغة 34 عاما، التي رفضت الافصاح عن اسم عائلتها: "زوجي يجني 6 آلاف جنيه شهريا. كنا في السابق نعيش 30 يوما من هذا الراتب ولكن اليوم تبدأ النقود في النفاد اعتبارا من اليوم العاشر".

وعن أحلام رحاب؛ أن تشتري معطفا لابنتها يقيها من البرد، وقالت وهي تغالب دموعها "لكني وجدت أن ثمنه ألف جنيه فصرفت النظر عنه"، بحسب التقرير.

ونقلت عن سيدة تدعى "رضا" تعول 13 فردا في أسرة واحدة، القول إن "اللحوم المجمدة المستوردة، التي يستهلكها الأقل دخلا لأنهم لا يستطيعون تحمل أسعار اللحوم الطازجة "لم تعد خيارا، بعد أن ارتفعت أسعارها من 85 إلى 150 جنيها".

وأضافت أن السيدة، البالغة 55 عاما، والتي ترفض كذلك ذكر اسم عائلتها، تبذل جهدها لإعالة الأسرة. وتوضح: "أنا موظفة وأعمل إلى جانب ذلك في مستشفى ولكن حتى مع هذين المرتبين هناك الكثير من الأشياء التي لا أستطيع شراءها".

أما الإعلامي "عمرو أديب"، الذي يقدم واحدا من أكثر البرامج متابعة في مصر، قال بعد تقييد السحب في الخارج: "اتركوا على الأقل الناس التي سافرت قبل هذا القرار تسحب بعض النقود لكي تستقل سيارة أجرة إلى المطار لتتمكن من العودة".

وفي هذه الأجواء، تنتشر شائعات تتحدث عن استعداد شركات مثل "مكدونالدز" و"أوبر" للانسحاب من السوق المصرية.

 

أزمة متشعبة
وقال التقرير إنه إذا كانت الأسعار ترتفع، فأحد الأسباب هو عجز المستوردين عن الحصول على الدولارات اللازمة من المصارف. وتفيد مصادر حكومية أن في الجمارك حاليا بضائع بقيمة نحو 7 مليارات دولار.

ولفت التقرير إلى تقليص حجم رغيف الخبز وأقراص الفلافل وعبوات زيت الطعام وأكياس البقوليات والمنتجات التي كانت توزع بأسعار مدعومة على 70 مليون مصري، يعتبرون "فقراء" ولديهم "بطاقات تموينية".

وعند مدخل متجر بقالة كبير في القاهرة، تحذر لافتة المستهلكين من أنه لا يمكن للفرد الواحد شراء"أكثر من 3 عبوات أرز زنة كيلوغرام واحد، أو عبوة واحدة زنة خمسة كيلوغرامات".

وأشاد المجلس الوطني للغذاء في الصحف "بأرجل الدجاج المفيدة للجسم وللميزانية".

والأربعاء، تراجع الجنيه من جديد بأكثر من 8 %. وبذلك يكون قد انخفض بنسبة 70% تقريبا في أقل من 10 أشهر، حيث خفضت مصر الجنيه في مارس، ثم في أكتوبر.

وألزم وزير النقل، "كامل الوزير"، السياح بسداد ثمن رحلات القطار بالدولار اعتبارا من يناير الجاري.

وقال في تصريحات للتلفزيون: "أنا بحاجة الى دولارات لسداد ثمن عربات القطار المستوردة. السياح يمكنهم الدفع بالدولار وهذا يناسبهم ويناسبني أيضا".

وتعتزم مصر بيع الكثير من الشركات والأصول إلى القطاع الخاص، إلى حد أن الأمر أثار القلق من فقدان السيادة على قناة السويس، ولجني مزيد من الدولارات، بحسب فرانس برس.

ونقلت عن رئيس هيئة القناة، "أسامة ربيع"، أن القناة "ليست للبيع"، لكن السيسي يرغب في إنشاء صندوق يخصص له جزء من موارد الممر الملاحي يقوم بالإشراف على إدارته بنفسه.