يترقب صندوق النقد الدولي تحول مصر إلى سعر صرف مرن بعد إلغاء شرط تمويل الواردات بخطابات اعتماد في نهاية الشهر الجاري.

وكان الصندوق قد وافق، الجمعة 16 ديسمبر الجاري، على حزمة مساعدات مالية حجمها ثلاثة مليارات دولار على مدى 46 شهرًا لمصر، قائلا إنها تتضمن "تحولًا دائمًا إلى نظام سعر صرف مرن".

وتفاوضت حكومة الانقلاب على مدار سبعة أشهر للحصول على القرض، إذ سلطت تداعيات الحرب في أوكرانيا الضوء على أزمة العملة الأجنبية.

وكان البنك المركزي فرض قبل الحرب بفترة قصيرة شرط خطابات الاعتماد الإلزامية مما أدى لتباطؤ شديد في الواردات وتراكم البضائع في الموانئ.

وذكرت رئيسة بعثة الصندوق إلى مصر، فلادكوفا هولار، في مقابلة مع "رويترز"، الاثنين: "نعرف أن البنك المركزي لم يتدخل بعد لضخ احتياطيات في سوق الصرف الأجنبي منذ أن توصلنا لاتفاق على مستوى الخبراء.. لكننا نعلم أيضا أن الواردات المتأخرة لم يتم الافراج عنها"، وفقًا لـ"العربية".

وقالت مصر عند إعلان التوصل لاتفاق على مستوى الخبراء بشأن تسهيل الصندوق الممدد في أكتوبر، إنها ستلغي ذلك الشرط بنهاية ديسمبر.

وسمحت بهبوط كبير في سعر صرف الجنيه من 19.7 جنيه للدولار، لكن العملة استمرت في الانخفاض التدريجي منذ مطلع نوفمبر لتبلغ 24.7 جنيه مقابل الدولار.

 

تدخل الدولة بصورة مصطنعة قد يخلق أزمات

ومن جهة أخرى، أكدت الدكتورة عالية المهدي، العميدة السابقة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أهمية مرونة سعر صرف الجنيه المصري، مشيرة إلى أنها الخيار المناسب للاقتصاد في الوضع الحالي.

وتابعت أنه إذا أدير سعر صرف الجنيه بشكل حكيم، فسينعكس ذلك بشكل إيجابي على الاقتصاد المصري والاحتياطي النقدي، وفقًا لبرنامج (المسائية) على الجزيرة مباشر.

وقالت إنه بين عامي 2005 و2010 تم التحكم في سعر الصرف، حيث أديرت تلك المدة بمهنية وحنكة، وكان هناك تعويم لسعر الجنيه، إلا أنه كان يتأرجح مقابل الدولار بين 5.5 جنيهات و5.8 جنيهات.

ووفقًا لـ المهدي؛ فإن تدخل الدولة بصورة مصطنعة قد يخلق أزمات في السوق، لأنه إذا حُدِّد سعر أقل من قيمة العملة الحقيقية ولم يستطع الجهاز المصرفي توفير العملة في الأسواق، ستنشأ سوق سوداء ومشاكل أخرى. وأكدت أن التدخل غير الحكيم والمصطنع في سعر الصرف سيؤدي إلى وضع غير طبيعي.

 

ارتفاع الجنيه بأكثر من قيمته الحقيقية يؤثر سلبًا على التصدير

وقالت أستاذة الاقتصاد إن “سعر الصرف جزء من الأزمة، حيث تم تثبيت سعر الصرف على رقم أعلى من قيمة الجنيه على مدار الأعوام الخمسة الماضية، مما أدى إلى خلق تحركات خاطئة في الاتجاه الخاطئ”.

وأوضحت أن قيمة الجنيه الرسمية خلال الأعوام السابقة كانت أعلى من قيمته الحقيقية، لأن الميزان التجاري فيه عجز، مما يعني ارتفاع الطلب على العملة الأجنبية مقابل ما يدخل الدولة، كما أن معدل التضخم في الدول الشريكة في التجارة مع مصر كان بين 1 و4% في حين تجاوز التضخم في مصر 10%.

وتحدثت عن تأثير ارتفاع الجنيه بأكثر من قيمته الحقيقية، موضحة أن ذلك يصعّب عمليات التصدير ويسهّل الاستيراد “وهذا لا يشجع الصناعة المحلية لأن وارداتك تصبح أكثر توفيرًا” مقارنة بالصادرات وبالتالي يقل الطلب عليها في الأسواق العالمية.

 

تغير يومي في سعر الصرف

وتوقعت رئيسة بعثة الصندوق إلى مصر، فلادكوفا هولار، أنه بمجرد رفع شرط خطاب الاعتماد "سيكون هناك تغير يومي في سعر الصرف يشبه التغيرات التي نراها في أنظمة الصرف التي تشهد تحريرًا حقيقيًا" لسعر العملة.

وبهذه الطريقة سيخضع عمل سوق الصرف في مصر لمراقبة صندوق النقد الدولي، وفقًا لـ هولار: "سنتابع عن كثب طريقة عمل سوق الصرف الأجنبي بمصر، وهو ما سيمكننا من مناقشة السلطات ومجلس الصندوق بشأن (إذا كان) ما نراه يتفق حقًا مع نظام مرن لسعر الصرف".

وستكون النتيجة الطبيعة لهذا التحكم من صندوق النقد أن "الطلب على الدولار ربما ينخفض بفعل تراجع الجنيه، حيث إذا أردت استيراد سلعة بسعر 19.7 (جنيه للدولار) وبلغ السعر الآن 24.7، فهناك تغير كبير في التكلفة بالنسبة لي".

وقالت فلادكوفا هولار إن وثيقة ملكية الدولة، التي من المقرر أن تعتمدها مصر قريبًا وتهدف إلى تحديد المجالات الاقتصادية المفتوحة للاستثمار الخاص، ستكون "وثيقة أولى مهمة نحتاجها جميعا حتى نتمكن من إعداد خطة عمل أكثر قوة".

وأضافت أن خطوات تعزيز القطاع الخاص قد تصبح "إجراءات ذات أولوية" يجب اتخاذها قبل الحصول على أي دفعات مستقبلية من الصندوق.