تسعى حكومة الانقلاب لإيجاد بدائل لخبز القمح، وتطرق العديد من الأبواب التي تجد أكثرها موصدة، فبدأت الاقتراحات تتوالى بإنتاج رغيف خبز مع زيادة نسبة الردّة فيه للتوفير من استهلاك القمح خاصة بعد ارتفاع أسعاره، ونبتت فكرة أخرى بإنتاج رغيف خبز هجين من القمح والبطاطا البيضاء!

وأوضح وزير التموين والتجارة الداخلية، علي المصيلحي، أن الهدف من تلك الخطوة هو التخفيف عن الموازنة العامة للدولة، حيث تنتج المخابز على مستوى الجمهورية يوميًا 270 مليون رغيف لصالح مستفيدي البطاقات التموينية.

وأوضح، في مؤتمر صحفي، قبل أيام، أن مخزون القمح يكفي 5.7 شهر، حيث يتواصل موسم حصاد القمح الممتد من أبريل وحتى أغسطس المقبل، ما عزز حجم الاحتياطي من المحصول الاستراتيجي.

وجمعت حكومة الانقلاب حتى الآن 3.9 مليون طن قمح محلي من المزارعين، وتستهدف ارتفاع الكمية إلى 6 ملايين طن من القمح خلال الموسم الحالي، في حين اشترت الحكومة الموسم الماضي 3.6 مليون طن من الفلاحين.

ورغم ذلك، تستهدف مصر، أكبر مستورد في العالم للقمح - استيراد 10 ملايين طن قمح، مناصفة بين الحكومة والقطاع الخاص حتى نهاية العام الجاري بهدف توفير الخبز للمواطنين نحو 67 مليون مستفيد من بطاقة التموين، بحسب وزير التموين.

يكلف ارتفاع أسعار القمح من الأسواق العالمية الموازنة العامة للبلاد، بدون القطاع الخاص، مصر 22 مليار جنيه (1.2 مليار دولار)، ولامس سعر طن القمح 500 دولار، وتستورد الحكومة والقطاع الخاص نحو 13 مليون طن قمح سنويًا.

المخابز لا تعلم شيئا

وهذه المرة الأولى التي تطرح فيها حكومة الانقلاب هذا الحل لمواجهة أزمة توفير الخبز لملايين المواطنيين، حيث يعد الخبز هو الوجبة الرئيسة لأكثر من 30 مليون مواطن تحت خط الفقر وفق إحصاءات الدولة الرسمية.

وأعرب صاحب أحد المخابز البلدي برعي فودة بأحد أحياء محافظة الجيزة عن استغرابه من الفكرة التي تعتزم الحكومة المصرية تطبيقها، وقال: "المواطن المصري اعتاد على خبز بطعم وشكل معين، وأي تغيير قد يجعله لا يشتريه وبالتالي لا يمكن تصور أن تنجح الفكرة دون تجربتها لفترة زمنية طويلة".

وأكد "أن أي اعتراض على الطعم أو اللون أو الشكل يتحمله أصحاب المخابز وليست الحكومة، وحتى الآن لا نعلم كيف يمكن تطبيق الفكرة هل ستحول الحكومة البطاطا إلى دقيق مطحون بعد تجفيفها أم إنها ستورد لنا البطاطا لسلقها وعجنها مع العجين.. لا أحد يدري"، وفقًا لـ"عربي 21".

حيرة إنتاج الخبز الهجين

لكن رئيس شعبة المخابز بالغرفة التجارية بالقاهرة، عطية حماد قال إن أي إضافة تدخل على القمح في صناعة الخبز تكون صالحة للاستخدام الآدمي ليس بها أي مشكلة، وإضافة البطاطا على الخبز المدعم ليس لها ضرر.

وأيد حماد في تصريحات له إضافة البطاطا على القمح في صناعة الخبز المدعم، من أجل توفير القمح، خاصة أن هذه الإضافة سوف تؤدي إلى تحسين الطعم والشكل والقيمة الغذائية، على حد قوله.

بينما يرى أستاذ الزراعة جمال صيام بجماعة القاهرة أن الأفضل هو إضافة 20% من دقيق الذرة إلى القمح و10% من البطاطا فقط من أجل تحسين جودة رغيف الخبز، وبالتالي تقليل الاستهلاك من القمح إلى نحو النصف.

فكرة غير قابلة للتطبيق

اعتبر المتخصص في بحوث التنمية الزراعية وسياسات الأمن الغذائي، عبد التواب بركات، أن الفكرة "التفاف على الأزمة المزمنة في البلاد وليست حلًا للمشكلة، والتي تجعل البلاد رهينة احتياجاتها الغذائية من السلع الاستراتيجية مثل القمح، وبالتالي فهي تدور في دائرة مفرغة لا تنفك منها".

ورأى في تصريحات صحافية أن "إضافة البطاطا إلى القمح ليست جديدة، ولكنها تواجه مشكلة وهي زيادة نسبة المياه في هذه المنتج وتتجاوز 80% مقابل 10% للقمح بالتالي فإنه عند تجفيفها ثم طحنها سنواجه مشكلة أخرى وهي كيفية طحنها حيث لا توجد مطاحن مجهزة للتعامل مع هذا النوع من الطحن".

واستبعد بركات إمكانية "تطبيق الفكرة لأنه لا يمكن تجفيف 5 ملايين طن بطاطا لأنها تصبح متحجرة بعد تجفيفها، أما إضافتها بعد سلقها فهي مكلفة لأنه يجب تجهيز المخابز بوحدات للسلق وعمالة إضافية واستهلاك غاز بأسعار مرتفعة".

في أول تعليق من معهد التغذية على إضافة البطاطا إلى القمح لإنتاج الخبز المدعم، قال رئيس وحدة التثقيف الغذائي بالمعهد القومي للتغذية، محمد عفيفي، إنَّ إضافة دقيق البطاطا ضمن مكونات رغيف الخبز يحتاج إلى اختبارات، وعمل استمارات تذوق للقبول لدى الناس، قبل تعميم تلك التجربة على مستوى الجمهورية.