قالت حكومة الانقلاب، السبت 26 مارس، إنها ستضطر خلال العام الجاري إلى مضاعفة تكلفة استيراد خام النفط من 500 مليون دولار شهرياً إلى مليار دولار شهرياً، بقيمة إجمالية تصل إلى 12 مليار دولار في العام، وذلك بعد ارتفاع أسعار النفط عالمياً ووصولها إلى متوسط 120 دولاراً للبرميل، عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.
وتعتمد مصر سعر برميل النفط في ميزانية العام المالي الحالي 2021-2022 عند 65 دولاراً، بينما وصلت الأسعار العالمية لأكثر من 88 دولاراً في يناير 2022 ما ينعكس عجزاً في الدعم المُقدّر بنحو 18 مليار جنيه للمواد البترولية حتى هذا التاريخ.
لكن بعد أن بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا ارتفعت أسعار البترول بشكل كبير، حتى وصلت الأسعار العالمية إلى 120 دولارًا للبرميل، الضعف تقريبًا، مما يفاقم العجز في دعم المواد البترولية هذا العام.


4 زيادات في عامين 

عدّلت مصر أسعار بيع منتجات البنزين بأنواعه الثلاثة، اعتباراً من يوم 4 فبراير الماضي، لتصبح 7.25 جنيه للتر بنزين 80، و8.50 جنيه للتر البنزين 92، و9.50 جنيه للتر بنزين 95، أي بزيادة 25 قرشاً للتر. تُعدّ هذه الزيادة، الرابعة على التوالي، وجاءت بقرار من لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية.
وكان سعر البنزين بأنواعه الثلاثة في أبريل 2020 يبلغ 6.25 جنيه للتر بنزين 80، و7.50 جنيه للتر بنزين 92، و8.50 جنيه للتر بنزين 92.
وبدأت الزيادات تأخذ منحنى مستمرًا بداية من أبريل 2021 بزيادة 25 قرشًا على كل لتر بنزين بأنواعه الثلاثة، واستمرت هذه الزيادات بالقيمة نفسها في يوليو 2012، وأكتوبر 2021، ثم فبراير 2022.
ورفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة 1% الإثنين الماضي، كما تراجع سعر صرف الجنيه المصري أكثر من 16%، ليسجل حوالي 18.5 جنيه مقابل الدولار، في أول تحرك للعملة المصرية منذ نحو 5 سنوات.
وكانت حكومة الانقلاب قد أتاحت احتياطيًا كبيرًا في الموازنة القادمة وصل إلى 130 مليار جنيه، يُوجّه بقدر الإمكان لاستيعاب الجزء الأكبر من الصدمات، التي قد تحدث فيما يخص الأسعار؛ ولكن السؤال الأبرز هل يستطيع هذا الاحتياطي في الموازنة استيعاب مضاعفة سعر برميل البترول العالمي بعد استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا للشهر الثاني على التوالي؟
وإذا كان العجز في الدعم المُقدّر وصل إلى 18 مليار جنيه بعد أن ارتفع سعر البرميل إلى 88 دولارًا في يناير 2022، فكم سيبلغ العجز في نهاية مارس 2022 بعد أن وصل سعر البرميل إلى 120 دولارًا؟
وهل يعني ذلك أن تجتمع لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية في مصر خلال هذا الأسبوع، او الشهر القادم لتقرر زيادة أسعار البنزين بأنواعه الثلاثة؟
ومن ناحية أخرى هل يكفي احتياطي الموازنة البالغ 130 مليار جنيه في استيعاب الزيادات الكبيرة في أسعار القمح والحبوب والمواد الغذائية التي تستوردها مصر من الخارج؟


هل الزيادة حتمية؟
إذا استمرت الحرب بين روسيا وأوكرانيا لمزيد من الوقت فإننا سنشهد زيادة في أسعار برميل البترول حتى إن بعض التقديرات العالمية أوصلته إلى 200 دولار بنهاية هذا العام، ناهيك عن أسعار المنتجات الغذائية التي تستوردها مصر من الخارج وتشكل رقمًا صعبًا في الموازنة.
ولذا فمن الناحية المنطقية أن نتوقع رفع حكومة الانقلاب أسعار البنزين ربما خلال هذا الأسبوع أو الشهر القادم على أقصى تقدير خلال استقبال عيد الفطر المبارك.
وتوقَّع بعض المحللين أن يرتفع التضخم في مصر خلال 2022، بين 7 و7.9%، تحت وطأة ارتفاع أسعار السلع العالمية، ومنها النفط، ورفع الدعم التدريجي عن السلع والخدمات محلياً.
كما قفزت فاتورة دعم المواد البترولية خلال الربع الأول من العام المالي الحالي 2021-2022 بنسبة 76% لتصل إلى 6.9 مليار جنيه، مقابل 3.9 مليار جنيه في الربع الأول من السنة المالية 2020-2021. في حين ارتفع تضخم أسعار المستهلكين في المدن المصرية، على أساس سنوي، إلى 5.9% خلال ديسمبر الماضي.


الكل سيتحمل الزيادة
وتشير التوقعات إلى أن لجنة التسعير التلقائي ستجتمع قبل نهاية مارس لتحديد قرارها بشأن الأسعار الجديدة للبنزين والسولار التي سيتم تطبيقها بداية من أبريل حتى يونيو.
وتأخذ اللجنة في اعتبارها عوامل تقوم بدراستها قبل تحديد قرارها، أبرزها أسعار النفط العالمية، وتكاليف الإنتاج والتشغيل والنقل، وسعر صرف الجنيه أمام الدولار، وغيرها من العوامل الأخرى.
"ارتفاع أسعار النفط العالمية لا يمكن للحكومة أن تتحمله بمفردها، تجنّباً لمزيد من الضغوط على عجز الميزانية. ومن المنطقي أن يتحمل الجميع الزيادة"، كما تقول رضوى السويفي من "الأهلي فاروس"، والتي لا تتوقع أن تتم زيادة أسعار البنزين بأكثر من 25 قرشاً للتر.

وتؤكد آية زهير من "زيلا كابيتال" ما قالته السويفي أنه "من الطبيعي أن تتم زيادة أسعار البنزين بفعل ارتفاع تكلفته الناتجة عن ارتفاع سعر الخام"، غير أنها تُنوّه في المقابل بأن قرارات لجنة التسعير "بات يُسيطر عليها البُعد الاجتماعي. وبالتالي، فإن أي زيادة ستكون بحدود 25 قرشاً للتر، ولا أتوقع زيادة أكبر من ذلك".
ويرى المهندس مدحت يوسف، الرئيس الأسبق لهيئة البترول المصرية: أن "المصريين يستعدون لاستقبال الأسعار الجديدة للبنزين والديزل بداية أبريل".
ويضيف يوسف في تصريحات صحفية أن الحكومة مجبرة على أن ترفع أسعار مشتقات المنتجات البترولية بتطبيق الحد الأدنى للمعادلة السعرية، وهو 10% على أكثر من ربع سنوي حتى تصل إلى سعر التكلفة.
غير أنه رجَّح أن الحكومة ستكون متحفظة لأقصى درجة في رفع سعر السولار، كونه يؤثر بشكل فوري على المواطن ومعدلات التضخم، لافتًا إلى أن سعر السولار عالميًا يتعدى 16.5 جنيهًا للتر بينما يباع في السوق المصري بـ6.75 جنيه.
كما أن الصناعة تأثرت بسعر الدولار، حيث زادت أسعار الغاز الطبيعي 2.5 جنيه للمليون وحدة، وهو الوقود الذي تعتمد عليه الصناعة بشكل كبير، خاصة وأن الحكومة تبيعه للمصانع بالدولار، ولكنها تحصل بسعر صرف الدولار الجديد.
وذكر تقرير لشركة برايم للأوراق المالية أن ارتفاع أسعار البترول سيدفع لجنة التسعير التلقائي للوقود في مصر إلى زيادة الأسعار.