ممدوح الولي:

رغم خضوع المصريين للعديد من أنواع الضرائب، يستمر فرض المزيد من الرسوم الحكومية، نظير الخدمات التي تقدمها الجهات الحكومية من وزارات وهيئات ومصالح وصناديق ومحافظات، حتى لا يكاد يمر شهر دون زيادة الرسوم القائمة، أو فرض رسوم جديدة كان آخرها فرض رسوم على انتظار السيارات بالشوارع، وفرض رسوم على تصوير الأفلام بالشوارع.

ورغم توقع موازنة العام المالي الحالي 2021-2022 تحقيق حصيلة ضريبية تبلغ 983 مليار جنيه، إلا أنها أضافت لذلك حصيلة متوقعة من الرسوم التي تحصلها الوزارات والجهات التابعة لها والصناديق والحسابات الخاصة المنتشرة في أنحاء البلاد بأكثر من 76 مليار جنيه.

وهكذا يخضع المصريون إلى حوالي 13 نوعا من الضرائب منها ضرائب على الدخول وعلى الأرباح الرأسمالية على أرباح شركات الأموال، وضرائب على الممتلكات وأخرى على العمليات المالية التجارية والرأسمالية، وضرائب على السيارات وعلى السلع والخدمات "ضريبة القيمة المضافة"، وعلى الخدمات الخاصة وعلى استخدام السلع والترخيص باستخدامها وتأدية الأنشطة، وعلى التجارة الدولية "الجمارك" بالإضافة إلى ضريبة الدمغة على العديد من السلع والخدمات ورسم تنمية الموارد على العديد من الخدمات.

إلا أن العجز بالموازنة يدفع الحكومة من خلال الجهات التابعة لها لفرض المزيد من الضرائب، مثل فرض ضريبة القيمة المضافة على المطاعم والمحال التي تقدم خدماتها للعملاء من خلال توصيل الطلبات الواردة عبر مواقعها الإلكترونية، حتى أن الصحف اليومية التي تعاني من نقص بالإعلانات نتيجة الركود بالسوق، تزخر دائما بإعلانات وزارة المالية المتجهة للممولين لأكثر من نوع من الضرائب.

 

صناديق جديدة مُحملة برسومها

أيضا تستمر الجهات الحكومية في فرض المزيد من الرسوم على ما تقدمه تلك الجهات من خدمات، ففي العام الحالى قامت وزارة الداخلية بفرض رسم لتطوير منظومة النقل الذكي وفرض رسم للملصق المروري الإلكتروني على السيارات، كما زادت أسعار نماذج صحيفة الحالة الجنائية ورفعت أسعار استمارات الرقم القومي لإستخراج البطاقات الشخصية، كما فرضت رسما لتأشيرة الدخول لمصر على مواطني الدول العربية، وزادت رسوم استخراج جوازات السفر بنحو ثلاثمائة جنيه نظير الإشتراك بوثيقة تأمين للسفر.

كما فرضت هيئة سلامة الغذاء رسوما على بعض خدمات الواردات الغذائية، ورسوما على فحص محالب الألبان، ورسوما لفحص بعض أنواع المنشآت الغذائية الخاصة بالحاصلات الزراعية، وكلما أنشأت الحكومة صندوقا جديدا قامت بفرض رسوم جديدة لتمويله.

فمع إنشاء صندوق ضحايا العمليات الحربية والأمنية وأسرهم في مارس الماضي تم فرض ضريبة قيمتها خمسة جنيهات على الخدمات التي تقدمها الجهات العامة وهيئات القطاع العام وشركاته والشركات المملوكة للدولة بالكامل، إلى جانب فرض تلك الضريبة على حضور المباريات الرياضية والحفلات والمهرجانات الغنائية، وكذلك على طلبات الالتحاق بالكليات والمعاهد العسكرية والشرطية، وعلى كراسات الشروط للمناقصات والمزايدات وعلى عقود المقاولات والتوريدات، وعلى طلبات حجز قطع الأراضي أو الوحدات السكنية أوالإدارية بالمجتمعات العمرانية الجديدة، وعلى طلبات الإشتراك بالنوادي وتجديد العضوية السنوية بها وعلى تذاكر الرحلات الجوية.

 كما تخصم نسبة من راتب العاملين بالجهات العامة وهيئات وشركات القطاع العام والعاملين بالقطاع الخاص الخاضعين لقانون العمل، كما يقوم كل طالب بمراحل التعلم قبل الجامعي بآداء مساهمة تضامنية مقدارها خمسة جنيهات سنويا لصندوق ضحايا العملميات الحربية، تزيد إلى عشر جنيهات لطلاب التعليم الجامعي سنويا.

 

تزايد الرسوم رغم معاناة كورونا

وخلال شهر أغسطس الحالي أنشات الحكومة صندوق مواجهة الطوارىء الطبية، وفرضت من بين موارده نسبة 2 في المائة من سعر بيع مستحضرات التجميل المستوردة، ونسبة 3 بالمائة من سعر بيع المبيدات الحشرية للاستخدام غير الزراعي.

وكان العام الماضى قد شهد فرض رسوم لتمويل صندوق دعم الأشخاص ذوي الإعاقة، من خلال فرض رسم قيمته خمس جنيهات على رخص السلاح ورخص القيادة للسيارات بأنواعها، وعلى رخص تسيير المركبات بجميع أنواعها، وعلى استخراج شهادة صحيفة الحالة الجنائية وعلى تذاكر المباريات الرياضية وعلى تذاكر الحفلات الغنائية، وعلى طلبات الالتحاق بالكليات والمعاهد العسكرية والشرطية وعلى تأشيرات إقامة الأجانب، وعلى تصاريح عمل المصريين لدى جهات أجنبية سواء داخل مصر أو خارجها.

وعلى كراسات الشروط للمناقصات والمزايدات الحكومية وعلى عقود المقاولات والتوريدات الحكومية وعلى تراخيص إنشاء مدارس خاصة أو تجديد التراخيص لها، وعلى طلبات حجز قطع الأراضى أوالوحدات السكنية بالمدن العمرانية الجديدة، وعلى طلبات الإشتراك بالنوادى وتجديد العضوية السنوية بها، وفرض مبلغ محدد على كل طالب بالتعليم قبل الجامعى والجامعى سواء بالتعليم الحكومي أو الخاص، وكذلك فرض مبلغ شهري من أجور العاملين بالدولة وشركات القطاع العام والخاص والبنوك الحكومية والخاصة تختلف قيمته حسب درجاتهم الوظيفية.

ومع إنشاء صندوق لرعاية المبتكرين العام الماضي تم فرض رسم سنوي بقيمة عشر جنيهات على الطلاب المقيدين بالجامعات والمعاهد الخاضعة لإشراف وزارة التعليم العالي. كما شهد العام الماضي رفع العديد من الجهات لقيمة رسوم الخدمات التي تقدمها مثل الرسوم القنصلية، ورسوم المعاينة للمساحة العسكرية ورسوم دمغ المصوغات والموازين، ورفعت وزارة المالية رسم التنمية على كروت شحن الهاتف المحمول المدفوعة مقدما وفواتير الإشتراك الشهري به.

كما شهد العام الماضي فرض رسوم للتصالح في مخالفات البناء، وفرض ضريبة على مشروعات الإقتصاد غير الرسمي وعلى المشروعات متناهية الصغر وعلى المشروعات الصغيرة،  رغم أنه العام الذي شهد ظهور فيروس كورونا مما دفع غالب بلدان العالم للتخفيف عن سكانها خلال تلك الفترة.

 

تبرير برلماني وإعلامي لزيادات الرسوم

وهكذا يفاجأ المصريون بين الحين والآخر بضريبة أو رسم جديد أو زيادة قيمة رسم قائم، مثلما تقوم وزارة الرى بزيادة رسومها بشكل شبه سنوي، حيث لا تكاد تخلو وزارة من فرض رسوم على الخدمات التي تقدمها، كوزارات: التعليم، الصحة، الزراعة، العدل والإسكان والتموين والقوى العاملة والنقل والمواصلات والشباب والرياضة والثقافة.

بالإضافة إلى وجود أكثر من ستة آلاف صندوق وحساب خاص منتشرة بالمحافظات والجامعات والجهات الحكومية، تقوم بتحصيل رسوم على الخدمات التي تؤديها أو التي لا تؤديها مثل رسوم زيارة المرضى بالمستشفيات.

والغريب أن الأماكن الجغرافية التي جرى بها إنشاء بعض المرافق مثل تحسين الطرق أو الكباري، قامت المحافظات التي تمت بها تلك المشروعات بفرض رسوم تحسين على العقارات المبينة والأراضي التي طرأ عليها تحسين بسبب تلك المشروعات، وهو ما حدث بمحافظات القاهرة والجيزة ودمياط والإسماعلية وغيرها بأكثر من منطقة داخل تلك المحافظات.

وبالطبع لم تعوض تلك المحافظات من تضرروا من بعض تلك المشروعات، مثل الكباري العلوية التي أدت لعدم وجود أماكن انتظار للسيارت أو أماكن لعبور المشاة أو أماكن انتظار للمواصلات العامة، والعيادات الطبية ومعامل التحاليل الطبية ومكاتب المحاماة والمكاتب الهندسية وغيرها، التي يضطر المترددون عليها للذهاب بعيدا عنها بأكثر من مسافة كيلو متر للعثور على مكان انتظار للسيارات ثم يمشون إلى تلك الأماكن.

ورغم كل تلك الأنواع من الجباية لا نجد سوى التبرير لتلك القرارات، كما تتجاهل وسائل الإعلام تلك القرارات وتتناولها عندما تضطر لنشر وجهة نظر المسئولين تجاه الشكوى منها، مثلما حدث مع فرض رسوم على انتظار السيارات بالشوارع، وعرضها وجهة نظر وزارة التنمية المحلية تجاه المشكلة دون التراجع عن فرض الرسوم أو خفضها.

كما غاب صوت النقابات العمالية والمهنية والاتحادات في ضوء القبضة البوليسية التي تعيشها البلاد، وكذلك الجمهور في ضوء ما حدث من تجارب سابقة أليمة منها ما حدث مع من اعترضوا على رفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق، ودفع الجهات الحكومية المزيد من رجال الأمن بمحطات مترو الأنفاق مع كل رفع جديد لأسعار التذاكر حتى يصمت الجميع.

وينسى المسئولون أن هناك طاقة استعابية للجمهور لدفع كل النوعيات من الضرائب والرسوم، وأنها تأتي في توقيت غير مناسب ترتفع فيه أسعار المواد الغذائية والمرافق من كهرباء وغاز طبيعى ومياه شرب ووقود، مما يجعلها تأتي على حساب الأولويات الصحية والغذائية والمعيشية للأسر.

كما أنها تدفع الكثيرين إلى التهرب منها، والاكتفاء بدفع إتاوات أقل قيمة للموظفين القائمين على متابعة تنفيذ كثير من تلك الرسوم، مما يعني المزيد من الأموال التي تدخل جيوب هؤلاء العاملين على حساب الحصيلة الرسمية.