قبل عام ونصف أقام المحامي والحقوقي المصري محمد صادق دعوى قضائية مطالبا بإغلاق سجن العقرب سيئ السمعة، لكن السلطات المصرية عادت واعتقلته بالسجن ذاته، قبل أن يعود الرجل للأضواء قبل أيام عندما أوصت هيئة مفوضي الدولة بقبول دعواه بإغلاق السجن.

كانت البداية في شهر رمضان قبل الماضي، حينما حبس صادق دموعه وهو يستمع إلى مآسي نزلاء سجن العقرب، يحكيها ذووهم الذين يذوقون الأمرين من ألم الفراق وعنت الزيارة، وذلك في إحدى الفعاليات التي أقامتها رابطة أسر سجناء العقرب.
وتجرأ صادق على "العقرب" وهو السجن الأشد قسوة في مصر وفق تقارير حقوقية، فأقام دعوى قضائية تطالب بإغلاق السجن.
ومضى المحامي في الإجراءات رغم أن زملاءه قالوا له إنه "لا أمل في دعواه، في ظل هذا النظام الذي لا يقيم وزنا لحقوق الإنسان، ولا سيما السجناء، ولا يعبأ باحترام الدستور ولا القانون" وفق مقربين من صادق.
واختصمت الدعوى -التي انضمت إليها سبع منظمات حقوقية كوكلاء عن رابطة أسر سجناء العقرب- كلا من رئيس الجمهورية ووزير الداخلية بصفتيهما.
ولم تمض أسابيع على الشروع في إجراءات التقاضي حتى جرى اختطاف صادق من محطة قطارات الجيزة نهاية أغسطس/آب 2016، واقتيد إلى مكان مجهول، وظل في إخفاء قسري لأسابيع.
وبعد فترة أودع سجن العقرب لتتأكد له مقولة زملائه بانعدام الأمل، في حين كانت أوراق دعواه بإغلاق "العقرب" تودع ضمن سجلات المحكمة الإدارية العليا.

قبول الدعوى

وبينما يكمل صادق 14 شهرا في محبسه، تجدد الأمل لديه وذوي السجناء بإصدار هيئة مفوضي الدولة الأسبوع الماضي تقريرا قضائيا توصي فيه المحكمة بقبول الدعوى التي تطالب بإغلاق سجن العقرب "شكلا وتمهيدا وقبل الفصل في موضوعها".
وتقول الدعوى المرفوعة أمام القضاء الإداري إن "التصميم الهندسي لمباني السجن نفسه غير صحي، فهو عبارة عن مبان خرسانية تحول دون دخول الشمس والهواء، كما تتعنت إدارة السجن في دخول الأدوية والأطعمة وتمنع التريض والزيارة".

وأحيلت الدعوى إلى رئيس جامعة القاهرة لينتدب لجنة ثلاثية من الخبراء المتخصصين بمجالات الاجتماع وحقوق الإنسان والطب والهندسة، مع الاستعانة بمن يرونه من خبراء في المجالات الأخرى ذات الصلة، لإعداد تقرير حول صلاحية العقرب كسجن.
ويعتقد مدير التنسيقية المصرية للحقوق والحريات عزت غنيم بضآلة الأمل في بلوغ الدعوى هدف إغلاق العقرب، ويقول "لا أمل إلا في الله لإنقاذ سجناء العقرب".
لكنه يضيف أن "ضآلة الأمل لن تمنع الحقوقيين عن المضي قدما في النضال أمام المحاكم. وأدنى الأمل هو تحسين أوضاع السجناء بالعقرب" معربا عن توقعاته بتحسين إدارة السجن لمستواه قبيل وصول اللجنة التي ستفحصه، لترفع تقريرا إيجابيا للمحكمة.
التدهور مستمر
وتؤكد آية علاء زوجة الصحفي حسن القباني -المتهم بالتخابر مع النرويج- تدهور أوضاع السجن، حتى آخر زيارة لزوجها مؤخرا، والتي استغرقت كالعادة بضع دقائق.
وتقول للجزيرة نت إن "حسن ـكباقي السجناء الألف بالعقرب- محروم من تناول الطعام الآدمي، وحتى ما يجلبه الأهل للسجين يفسده التفتيش المبالغ فيه، ويعود الأهل بأطعمة يقال لهم إنها ممنوعة".
أما التشديد على كافة أنواع الأدوية فهدفه ـوفقا لآيةـ "إجبار النزلاء على شرائها من صيدلية السجن بأسعار مضاعفة، وغالبا ما تصل متأخرة بعد تدهور حالة المريض".
وتضيف أن "المرض الشائع بين سجناء العقرب هو آلام المفاصل والظهر مع ندرة التريض والتعرض للشمس واضطرار السجناء شتاء لافتراش الأغطية والالتحاف بها في الوقت نفسه".
وقد تخطى زوجها القباني مدة الحبس الاحتياطي القانونية بعام، كعشرات من سجناء العقرب، وفقا للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات.
ومن هؤلاء أيضا الكاتب هشام جعفر الذي انضم للإضراب عن الطعام الذي بدأه السياسي المسجون بالعقرب عصام سلطان اعتراضا على الانتهاكات القانونية والإنسانية، والتي تقول منار الطنطاوي زوجة جعفر إنها جعلت "المنقول من العقرب لأي سجن آخر يعتبر نفسه مولودا من جديد".
أما المحامي صاحب دعوى الإغلاق فمؤكد أنه ابتهج بنبأ قبول دعواه بإغلاق السجن الذي يقبع فيه لأنه تجرأ على عقرب النظام مرتين، أولاهما بنجاحه قبل عام ونصف العام في انتزاع حكم بحق أهل سجناء العقرب في زيارتهم، وثانيتهما برفعه دعوى لإغلاقه نهائيا.