في واحدة من المفارقات الغريبة، وذلك بعد تصديقه على أحكام الإعدام بحق العديد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، ضبط الدكتور شوقي علام، مفتي الانقلاب متلبسًا بنشر مقتطفات من كتاب "في ظلال القرآن" لأحد أشهر رموز جماعة الإخوان المسلمين وهو الشهيد سيد قطب.
 
وعلى الرغم من أن المفتي أصدر العديد من الفتاوى التي تحرم السرقة العلمية والاقتباسات من نصوص الغير ونسبتها إلى السارق، فإنه نشر كلام "قطب" ونسبه إلى نفسه دون أية إشارة إليه، كما تقتضي الضوابط العلمية والمنهجية في مثل هذه الحالة.
 
ففي مقاله المنشور بتاريخ (23/6/2015) بجريدة "اليوم السابع"، تحت عنوان  "نجحت لعلكم تتقون"، نقل المفتي معظم المقال  من تفسير الشهيد المفكر سيد قطب، فقد أخذ مقاله – كمًّا وكيفًا – من كتاب "في ظلال القرآن"  (صفحتي 140- 141) ، غيَّر فقط في ترتيب الفقرات فقدم واحدة وأخَّر الثانية.
 
وكتب علام مقالا بجريدة "اليوم السابع" الثلاثاء، تحت عنوان: "نجحت لعلكم تتقون"، بدأه هكذا: "إن الله - سبحانه - يعلم أن التكليف بالعبادة أمر تحتاج النفس البشرية فيه إلى عون ودفع لتنهض به وتستجيب إليه مهما يكن فيه من حكمة ونفع".
 
والعبارة عند سيد قطب، من طبعة دار الشروق، صفحة رقم 168، كالتالي: "إن الله - سبحانه - يعلم أن التكليف أمر تحتاج النفس البشرية فيه إلى عون ودفع واستجاشة لتنهض به وتستجيب له؛ مهما يكن فيه من حكمة ونفع، حتى تقتنع به، وتراض عليه".
 
ثم يضيف المفتي: "ومن ثم يبدأ التكليف بالصوم بذلك النداء المحبب إلى المؤمنين، الذين يذكرهم بحقيقتهم الأصيلة؛ ثم يقرر لهم - بعد ندائهم ذلك النداء - أن الصوم فريضة قديمة على المؤمنين بالله في كل دين، وأن الغاية الأولى هي إعداد قلوبهم للتقوى والشفافية والحساسية والخشية من الله، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون".
 
والعبارة عند سيد قطب كالتالي: "ومن ثم يبدأ التكليف بذلك النداء الحبيب إلى المؤمنين، المذكر لهم بحقيقتهم الأصيلة؛ ثم يقرر لهم - بعد ندائهم ذلك النداء - أن الصوم فريضة قديمة على المؤمنين بالله في كل دين ، وأن الغاية الأولى هي إعداد قلوبهم للتقوى والشفافية والحساسية والخشية من الله: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون".
 
وتابع المفتي مقاله: "وهكذا تظهر الغاية الكبيرة من الصوم أنها التقوى، فالتقوى هي التي تستيقظ في القلوب وهي تؤدي هذه الفريضة، طاعة لله، وإيثارا لرضاه".
 
أما العبارة في "في ظلال القرآن"، فجاءت كالتالي: "وهكذا تبرز الغاية الكبيرة من الصوم.. إنها التقوى.. فالتقوى هي التي تستيقظ في القلوب وهي تؤدي هذه الفريضة، طاعة لله، وإيثارا لرضاه".
 
وأضاف شوقي علام: "فالتقوى هي التي تحرس هذه القلوب من إفساد الصوم بالمعصية، والمخاطبون بالقرآن يعلمون مقام التقوى عند الله، ووزنها في ميزانه".
والعبارة لسيد قطب تقول: "والتقوى هي التي تحرس هذه القلوب من إفساد الصوم بالمعصية، ولو تلك التي تهجس في البال، والمخاطبون بهذا القرآن يعلمون مقام التقوى عند الله، ووزنها في ميزانه، فهي غاية تتطلع إليها أرواحهم، وهذا الصوم أداة من أدواتها، وطريق موصل إليها، ومن ثم يرفعها السياق أمام عيونهم هدفا وضيئا يتجهون إليه عن طريق الصيام..(لعلكم تتقون)".
 
وهنا نلاحظ أن المفتي لم يترك التعبير الأخير لقطب دون اختلاس أيضا، لكنه أخر ترتيبه في مقاله ليقول بعد قليل: "فالتقوى إذا غاية تتطلع إليها أرواح المؤمنين، وهذا الصوم أداة من أدواتها، وطريق موصل إليها، ومن ثم يرفعها السياق أمام عيونهم هدفا وضيئا يتجهون إليه عن طريق الصيام (لعلكم تتقون)".
 
وفي مقطع آخر يقول المفتي: "ثم يبين الله لعباده أن الصوم أياما معدودات، فليس فريضة العمر وتكليف الدهر، ومع هذا أعفى من أدائه المرضى حتى يصحوا، والمسافرون حتى يقيموا، تيسيرا".
 
أما العبارة فجاءت عند قطب كالتالي: "ثم يثني بتقرير أن الصوم أيام معدودات، فليس فريضة العمر وتكليف الدهر. ومع هذا فقد أعفى من أدائه المرضى حتى يصحوا، والمسافرون حتى يقيموا، تحقيقا وتيسيرا".
 
وإلى هنا يكون المفتي، قد اقتبس قرابة ثلاثة أرباع مقاله حرفيا من كتاب  "في ظلال القرآن"، لسيد قطب، إلا أنه آثر أن يأتي الاختلاف عن قطب فيما تبقى من مقاله، وهو قرابة الربع، وخصصه للحديث عن التقوى.
 
ومن جهتهم، أشار نشطاء وصحف إلكترونية إلى أن ما فعله المفتي ليس الحالة الأولى له.
 
فإذا ما تتبعنا مقالات مفتي الانقلاب ، في رمضان وقبل رمضان، نجد أنه ما زال قائمًا على العهد، وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر مثالاً واحدًا، ففي مقال قديم  بتاريخ (2015/04/17) "الدين المعاملة - منهج الصحابة في التيسير 2 " نشرته صحيفة "المساء"  نجد أنه نقل في هذا المقال جزءًا كبيرًا من كتاب الدكتور عبد الله بن إبراهيم الطويل "منهج التيسير المعاصر" (صفحة 41).