حدثت خلال الأسبوع الحالي أحداث خطيرة مؤسفة تُعدّ الأخطر منذ انتهاء الثورة راح ضحيتها أعداد كبيرة من القتلى والجرحى تتسم بالطائفية ونحن على أبواب انتخابات البرلمان التي طالما تطلعنا إليها للتعجيل بنقل السلطة من المجلس العسكري إلى حكومة مدنية منتخبة، وقد تم اليوم فتح باب الترشيح لعضوية مجلسي الشعب والشورى، كما تم إصدار تصريحات متضارية من وزيري القوى العاملة والمالية حول ضياع أموال التأمينات الاجتماعية، ولا تزال السلطة في مصر (المجلس العسكري والحكومة) تتجاهل إصدار قانون العزل السياسي، أما على المستوى الإقليمي فتأتي صفقة تبادل الأسرى بين حماس والكيان الصهيوني كثمرة لمفاوضات غير مباشرة استمرت خمسة أعوام وأثمرت الإفراج عن ألف أسير فلسطيني إضافة لإطلاق سراح جميع الأسيرات الفلسطينيات من السجون الصهيونية، وكذلك حصول السيدة كرمان توكل على جائزة نوبل للسلام بما يحمله ذلك من معان ودلالات، وكذلك تشكيل المجلس الوطني السوري الذي يجمع كافة القوى الوطنية السورية وبداية الاعتراف به ممثلا للشعب السوري بعد إقرار الثائرين السوريين بأنه يمثلهم، وعلى المستوى الدولي لا تزال أمريكا تلعب على وتر الأقليات للتدخل في الشئون الداخلية للدول .

ويوضح الإخوان المسلمون موقفهم من هذه الأحداث فيما يلي :

أولا : الشأن الداخلي :

·بخصوص مظاهرات الأحد الماضي التي قام بها الأخوة الأقباط وأريقت فيها دماء وأزهقت فيها أرواح وأتلفت ممتلكات فقد أصابتنا كمصريين بحزن بالغ وأسى شديد، ولا زالت هذه المشاعر تسيطر علينا، ولقد أصدرنا يومها بيانا أسميناه (نداء للعقلاء) بينا فيه موقفنا كاملا، ولازلنا نخاطب ضمائر المصريين جميعا أن يرتفعوا إلى مستوى المسئولية في هذا الظرف بالغ الحرج والحساسية، وأن يقدموا المصلحة العامة على المصالح الشخصية والفئوية والطائفية والحزبية، وعندما تنتقل السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة، تكون وقتها مسئولة عن فتح كافة الملفات والعمل على حلها حلا جذريا يرضى كافة الأطراف ويكون هذا هو مجال اختبار نجاحها من عدمه .

· مما لا شك فيه أن هناك من حاول استغلال هذه الأحداث المؤسفة في الدعوة لتعطيل الانتخابات البرلمانية لإبقاء مصر في حالة الاضطراب والقلق والتعثر الاقتصادي، حتى يكره الناس الثورة وييأسوا من تحقيق الأهداف، ولكن الإرادة الشعبية التي فرضت الاستمرار في الذهاب إلى الانتخابات وتم فتح باب الترشيح لها اليوم يقطع الطريق على أعداء الثورة، بيد أننا جميعا ينبغي أن نظل متيقظين لمؤامراتهم فمن الوارد أن تتكرر محاولات إثارة الفوضى، واستخدام البلطجية لتعويق المسيرة، وهذا يفرض على قوات الأمن والجيش توفير الحماية للعملية الانتخابية، وأيضا على الشعب أن يشكل لجانا شعبية للمساعدة في حمايتها، والإخوان المسلمون على أتم الاستعداد لذلك .

· ولقد طالبت مختلف القوى الوطنية المجلس العسكري إصدار تشريع للعزل السياسي لمن أفسدوا الحياة السياسية قبل الثورة، خصوصا قادة الحزب الوطني المنحل بحكم القضاء، فذلك كفيل بالقضاء على آمالهم في القفز على المشهد السياسي مرة أخرى ومحاولة الوصول لمقاعد البرلمان مستخدمين المال الحرام والخارجين عن القانون للحصول على الحصانة من المساءلة القانونية، ومن أجل الاستمرار في الفساد والإفساد، وهذا التشريع من شأنه أن يخفض مستوى الفوضى والجريمة ويوفر الأمن والأمان لاسيما إبان الانتخابات، ولكن – للأسف الشديد – لا يزال التباطؤ في إصدار التشريع مستمرا حتى الآن، الأمر الذي يثير علامات الاستفهام حول نيات المجلس العسكري في هذا الشأن .

· من المفارقات المؤسفة أن يصرح وزير القوى العاملة أن 436 مليار جنيه من أموال التأمينات الاجتماعية قد ضاعت، ثم يخرج نائب رئيس الوزراء ووزير المالية في اليوم التالي ليصرح بأن أموال التأمينات كلها آمنة، والغريب أنهما وزيران في وزارة واحدة وأن الرقم المختلف حوله ليس رقما صغيرا، وهذا ما يثير قضية في غاية الخطورة وهى قضية الشفافية المعدومة لدى المسئولين وانعدام المحاسبة على التصريحات غير الصحيحة، فكم هي الموضوعات التي لا تزال معلقة بغير جواب سواء قبل الثورة وحتى بعدها، فما هي المنظمات التي تلقت أموالا من الخارج بطريقة غير قانونية ؟ ومن هي الجهة التي كانت وراء أحداث السفارة الصهيونية ؟ وما حقيقة أحداث ميدان العباسية؟ ومن هي الجهات الخارجية التي كانت وراء أحداث ماسبيرو الأخيرة ؟

إن ضياع أموال التأمينات الاجتماعية أمر نسمع عنه من قديم، وضياعها في البورصة لصالح مجموعة من أقطاب النظام البائد على يد وزير المالية الأسبق الهارب أمر شائع، ظل النظام البائد ينفيه، فإذا جاء وزير اليوم يؤكده، يخرج آخر ينفيه، وأصحاب الأموال حائرون، لذلك نطالب بلجنة محايدة من رجال الاقتصاد والقانون تبحث الموضوع وتنشر علينا الحقائق قبل أن نفقد الثقة في كل شيء .

ثانيا : الشأن الإقليمي :

· تأتي صفقة تبادل الأسرى بين الجانب الفلسطيني (حركة حماس) والجانب الصهيوني كنتيجة إيجابية لها دلالاتها على مبادئ ومواقف كبيرة : أن المقاومة هي السبيل لاستعادة الحقوق وتحرير الأوطان والإنسان، أن المفاوضات الشاقة غير المباشرة التي خاضتها حماس وتشبثت فيها بمطالبها أجبرت العدو الصهيوني على الاستجابة لهذه المطالب، أن الصبر والثبات الذي استمر خمسة أعوام في هذه المفاوضات، وعدم الضعف حتى إبان الحروب كفيل بتحقيق الأهداف، أن الحفاظ على حياة الجندي الأسير حتى في ظروف الخطر ينبئ عن أخلاق إسلامية أصيلة، أن حركة حماس أثبتت قدرتها على التغلب على كل وسائل التجسس بالعملاء وبوسائل التقنية الحديثة وبحلفاء الصهاينة في المرحلة السابقة، أن مصر قد تغيرت تغيرا جذريا، فقد كان النظام المصري البائد منحازا للصهاينة في هذه القضية، وقد قام بتعطيل هذه الصفقة أكثر من مرة، واليوم بعد التحرر من التبعية للعدو والانحياز له تمت الصفقة تحت الرعاية المصرية وبضمانها، وهذا من شأنه أن يعيد لمصر قدرا من مكانتها باعتبارها الشقيقة الكبرى للعرب التي تتبنى قضاياهم وتشعر بمشاعرهم وتحل لهم مشكلاتهم.

· إن تشكيل المجلس الوطني السوري من جميع القوى والأطياف الوطنية والسياسية السورية بعد انتظار طويل إنما يُعد إنجازا على طريق نجاح الثورة السورية لأنه يمثل الشعب السوري الثائر البطل الذي يجابه أسلحة البطش بصدره العاري ويده الخالية، وهذا المجلس هو الذي عبر الشعب الثائر عن أنه يمثله ومن ثمّ يجب على الحكومات والشعوب وفى مقدمتها العربية والإسلامية أن تعترف به وتدعمه وتسحب اعترافها بالنظام الإرهابي القاتل لشعبه، وإننا لنقدر موقف المجلس الوطني الليبي في تأييده والاعتراف به، وكذلك أحزاب التحالف الديمقراطي في مصر التي زادت على الثلاثين حزبا، وإن التهديد والوعيد الأجوفين اللذين يُرعد بهما النظام الوحشي لكل من يعترف بالمجلس إنما يدلان على رُعبه الشديد من هذا المجلس، وفقدانه للشرعية لدى الشعب السوري .

·إن فوز السيدة اليمنية كرمان توكل بجائزة نوبل للسلام إنما يدعم الثورة اليمنية العظيمة، لأنه إذ يقدر لها سلميتها فإنه بالتبعية يدين النظام الذي يواجهها بالعدوان والوحشية والإرهاب، وهذه حقيقة فلا يزال حتى اليوم القتل مستعرا في البلاد الذي وصل في بعض الأحيان لاستخدام الدبابات والطائرات ضد الثائرين، وامتد العدوان حتى طال النساء والأطفال، كل هذا يحدث في مجتمع يمتلك فيه الثائرون عشرات الملايين من قطع السلاح المتنوعة ومع ذلك يأبون استخدامها حقنا للدماء ورغبة في وأد الفتنة والحرب الأهلية التي يحرص الحاكم الطاغية على إثارتها في البلاد، وفى الوقت الذي يتم فيه القتل والعدوان يصرح الحاكم بأنه سيترك السلطة وقد سبق له التصريح بذلك عديدا من المرات ولم يوف بوعده على الإطلاق، وإنما لا يزال يتشبث بها حتى بعد أن رأى الموت وكاد يلحق بالدار الآخرة، فعجبا لأمر سلطة زائلة تدفع إلى قتل الإخوة والشعب وتخريب البلاد .

ثالثا : الشأن الدولي :

· لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية تتصرف باعتبارها شرطة العالم التي من حقها التدخل في كل شئونه، فتصدر كل عام تقريرا عن حالة الأقليات والشئون الدينية في دول العالم المختلفة، وعن حقوق الإنسان فيها، ودائما ما يكون التقرير سلبيا يدين مصر في هذين الجانبين، ثم يتم التلويح بسلاح المعونات إن لم يتم تحسينهما، وهذا شأن مصري خالص، ونحن كفيلون بحماية ورعاية إخواننا الأقباط لأن هذا فرض ديني وإنساني ووطني وهم أقرب إلينا من الأمريكان والأوربيين، إضافة إلى أن ما يشتكي منه الأقباط إنما هو إرث النظام البائد السابق الذي كان تابعا ذليلا للسياسة الأمريكية، وليس فعل أحد من الشعب المصري، كما أن قضية حقوق الإنسان فنحن قد قمنا بثورتنا لاستعادتها من براثن النظام البوليسي السابق المدعوم بقوة من الإدارة الأمريكية والأوربية، وإننا إذ نرفض التدخل الخارجي في شئوننا الداخلية سواء كان أمريكيا أو أوربيا فإننا نذكر الطرفين بأولئك الذين كانت تختطفهم الإدارة الأمريكية بتهمة الإرهاب – سواء كانت صحيحة أم غير صحيحة – ثم تصدرهم إلى مصر ليساموا سوء العذاب من أجهزة الأمن المصرية، ونذكرهم بمعتقل جوانتانامو وأبى غريب والمعتقلات الطائرة، ونسألهم هل يحترمون حقوق الأقليات الإسلامية عندهم أم يعاملونهم معاملة غير كريمة ؟ إذًا عليهم أن يحترموا حقوق الأقليات عندهم وحقوق الإنسان قبل أن يقدموا الدروس لغيرهم، ولا يتخذوا من هذين الموضوعين ذريعة للتدخل في شئون غيرهم، فإن الشعوب قد تحررت .
 
 
المرشد العام يزور نائب الرئيس السوداني

زار وفد من جماعة الإخوان المسلمين، اليوم- يتقدمهم فضيلة الأستاذ الدكتور محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين، ود. محمود عزت نائب المرشد العام، ود. محمود حسين الأمين العام للجماعة- نائب الرئيس السوداني د. علي عثمان طه، بمقر إقامته بقصر العروبة.

وأكد فضيلة المرشد أهمية العلاقات المصرية- السودانية التي تشهد تقدمًا ملحوظًا بعد الثورة، مشدِّدًا على أن مصر والسودان بلد واحد، وأمن إستراتيجي واحد، وتقوية العلاقة بينهما تصبُّ في صالح البلدين، فضلاً عن أهمية هذه العلاقة للأمن القومي العربي والإسلامي.

وأشاد فضيلته بالخطوات السودانية لإنهاء الطريق البري؛ الذي سوف يربط بين مصر والسودان؛ مما يحفِّز التجارة البينية بين البلدين.

من جانبه أكد نائب الرئيس السوداني أن مصر دولة محورية، والعلاقات معها قوية ومتينة، وسوف تزداد قوةً بعد ثورة 25 يناير التي كانت فاتحةَ خير على العلاقات المشتركة، مؤكدًا أن بلاده تتطلَّع إلى زيادة المعدلات الزراعية والتجارية وكل معدلات الاستثمار مع مصر.