لا تزال ذاكرة الفلسطينية رجاء البطش (38 عاما)، تحتفظ بتلك اللحظات المؤلمة التي عاشتها عندما فقدت أبنائها الخمسة الذين قتلوا في قصف إسرائيلي استهدف منزلها شرقي مدينة غزة، إبان الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة صيف العام الماضي.


وبعد مرور عام كامل على انتهاء الحرب، لا يحمل وجه الفلسطينية البطش، إلا ما يدل على الحزن والألم والحسرة، جراء فقدانها لأبنائها في آن واحد.

وفي تاريخ، 12يوليو/ تموز، من العام الماضي 2014، سقط (25) قتيلاً، من عائلة البطش، عندما استهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية بصاروخين منزل العائلة في حي “الشعف” شرقي مدينة غزة، فيما تسببت تلك الغارة بهدم عدة منازل مجاورة للمنزل المستهدف، وقال خبراء بأن الصاروخ الواحد كان يزن حوالي (1) طن، من المتفجرات.

وتستحضر الفلسطينية “البطش” في تفاصيل تلك اللحظات التي “تجرعت فيها الألم والقهر”، على حد وصفها.

وتقول: “في ذلك اليوم ذهب أبنائي الخمسة إلى منزل عمهم المجاور لمنزلنا، وبينهم طفل لم يتجاوز عمره الـ10 أعوام، وبعد دقائق قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية المنزل بصاروخين فركضت إلى المكان لاكتشف حجم الجريمة الإسرائيلية فالمنزل كان مدمر بشكل كامل والدخان والنيران تتصاعد من كل مكان. كان حجم الصدمة كبير فلم أدري ماذا علي أن أفعل”.

وتضيف :”بعد لحظات من وصولي للمنزل المستهدف وصلت سيارات الإسعاف والدفاع المدني وجاءت إحدى قريباتي لتخبرني أن هناك شهداء داخل المنزل، ليصلني بعد ذلك نبأ استشهاد 25 من أفراد عائلة البطش وبينهم أبنائي الخمسة وهم (صبحي 19 عام)، (زكريا 22 عاما)، (يحيى18 عام)، (أنس 10 أعوام)، (سماح 20 عام)”.

وتذكر أن “نبأ استشهاد خمسة من أبنائي دفعة واحدة كان مؤلم وفاجعة كبيرة، أصابني بحالة شديدة من البكاء والصراخ”.

وتشير إلى أن عملية البحث عن جثث أبنائها القتلى، بين ركام المنزل المستهدف كانت متعبة وصعبة للغاية، حيث مضت عدة أيام قبل أن تعثر عليهم طواقم الدفاع المدني بسبب شدة القصف الإسرائيلي الذي حول المنزل إلى كومة من الحجارة.

وتقول: “إن الاحتلال الإسرائيلي استهدف عائلتي، وأباد جزء كبير منها، دون أن يلقي بالاً لأي معايير للإنسانية، لقد استخدم العدو كل وسائل القسوة في استهداف الأبرياء والعزل، فامتزجت أجساد أطفالنا ونسائنا بالركام، وتحولت إلى أشلاء”.

وتضيف: “إسرائيل أرعبتنا في حربها الأخيرة، دون أن يكون لنا أي ذنب، فهؤلاء الشهداء لم يكونوا يحملوا السلاح والمدافع”.

وتتابع “إسرائيل قتلت جمال الحياة بعد أن استشهد أبنائي، لا زلت أذكر جلستي معهم وأحاديثهم الشيقة وضحكاتهم”.

وبخطواتها المتثاقلة تتنقل البطش، كل يوم بين قبور أبنائها، التي تتواجد بالقرب من منزلها شرقي مدينة غزة، وتسترجع تلك الحظات الجميلة التي عاشتها معهم.

والد القتلى الخمسة، “علاء البطش” هو الآخر، لا ينسى تفاصيل تلك “المجزرة البشعة” التي ارتكبتها إسرائيل بحق أفراد عائلته، كما يقول.

ويضيف البطش لمراسل وكالة “الأناضول”: “لا يمكنني وصف ذلك المشهد لقد كان بشعا للغاية ومنافي لكل معاني الإنسانية، إسرائيل لم تحقق شيء خلال معركتها على غزة، فأرادت أن تحقق انجاز من خلال قتل الأبرياء والعزل “.

وأشار البطش، إلى أن عائلته رفعت دعوى قضائية ضد إسرائيل وجيشها، “لقتلها 25 من افراد عائلته المدنيين الأبرياء”.

وفي السابع من يوليو/ تموز 2014 تعرض قطاع غزة، والذي يُعرف بأنه أكثر المناطق كثافة للسكان في العالم، (1.8 مليون فلسطيني) لهجوم عسكري إسرائيلي جوي وبري وبحري، استمر 51 يوما، وأدى إلى مقتل 2147 فلسطيني من بينهم 578 طفلا، و489 امرأة، و102 مسن، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فيما جُرح 11 ألفا،  قالت وزارة الصحة إن من بينهم “ألف” باتوا يعانون “إعاقة دائمة”.