د/ إسماعيل علي:

جعل الله تعالى لأهل العلم منزلة عظيمة، ورفعهم به مكانة عالية، فقال سبحانه: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [سورة المجادلة 11].

وهذه المكانة لا ينالها إلا مَن قاموا بحق العلم عليهم، والتحلي بآدابه، وخشية ربهم، وتبليغ علمهم، وصيانته عن المهانة والذل، وإلا كان العلم حسرة عليهم، وسببا في انحطاط قدرهم إلى أسفل سافلين.

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [سورة الأعراف 175ـ 176].

ولو أن أهل العلمِ صانوه صانَهُم ** ولو عَظَّمُوه في النفوسِ لَعُظِّما وقد رأينا في واقعنا مؤسسات علمية وشيوخا ارتضوا لأنفسهم أن يجعلوا العلم الذي شرّفَهم اللهُ به مطية للظلم والبغي، وقطيعة الأرحام، والإفساد في الأرض، ووسيلة للكذب على الله ورسوله !! رأينا هذا من علماء أيدوا إراقةَ الدماءِ المعصومةِ بغير حق، على يد عصابة الانقلاب في مصر.

واليوم يتكرر نفس المسلك البغيض في أعقاب قيام السعودية والإمارات يتبعهما نظام الانقلاب بقطعية ظالمة فاجرة لبلد عربيٍّ مسلم هو "قطر"؛ حيث تداعى الأزهر ورابطة العالم الإسلاميّ، وبعض المشايخ لتأييد هذه القطيعة الأثيمة شرعا وعقلا ومروءة، في مخالفة صريحة لأحكام الشرع الثابتة ونصوصه المُحْكَمة، وتبعية مهينة لأهواء حكّام محادّين لله ورسوله، وغارقين في موالاة مَن نَهَى الله عن موالاتهم.

وعندما أصدرت الدولُ التي تتبنى المقاطعةَ قبل يومين لائحة تتضمن وصْم علماء أثبات ربانيين بالإرهاب، مثل الدكتور "القرضاوي" وغيره من أهل العلم والفضل، وعددٍ من المؤسسات العاملة في مجال الدعوة بالحسنى، وإغاثة الملهوفين من المسلمين؛ سارع هؤلاء بتأييد هذا الافتراء، وزينوه لفاعليه.

مع ملاحظة أنّ جميع مَن شملتْهم قائمة البهتان والعار من علماء ومؤسسات هم من أهل السنة الذين كانوا ولا يزالون محل تقدير المسلمين في المشارق والمغارب !! ولا تجد في القائمة إرهابيا شيعيا واحدا، ولا سفاحا صهيونيا واحدا .. فقط مسلمون سنّة !!

والعجيب أنه لو غيّر أولئك الحكامُ موقفَهم، ورجعوا عن المقاطعة، وما تبعها من مظالم؛ فلسوف ينبري هؤلاء العلماء على الفور لتأييد الموقف الجديد، بل ويزينون لهم ـ كما زينوا مِن قبل ـ باسم الشرع أنّ ما فعلوه ويفعلونه كان عملا حلالا جائزًا !! نعوذ بالله من الخذلان، ونسأله ـ تعالى ـ العافية

 

 

المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي نافذة مصر