حنان السيد‎ :

قل للحياة أن عزمت وداعا.نصف الشجاعة أن تموت شجاعا

عش مثلما ولدتك أمك باسلا. إن الحرائر لايلدن ضباعا. ..

إن الرجولة مواقف عز وفخر وشجاعة يعتز بها الانسان وتكون من صفاته
التى لا تفارقه, الرجولة مواقف تدفعك دائما لتلبية نداء الحق والعدل نداءٌ تندفع إليه
بدون تفكير فى إنصاف الحق واتباعه وأن تكون متمثل بكل صفاتها
فى أحلك المواقف من الشجاعة والاقدام والشهامة والتضحية والثبات على المواقف أن تكون صاحب مبدأ ولا تفر حين تحمى المعركة ..
ضربت النساء اروع الأمثلة فى مواقف الرجولة .
فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ضربت الصحابية أم عمارة مثال الرجولة والفداء
يوم غزة أحد...لما كبر الهرج يوم أحد وبات الطريق إلى رسول الله غير محمىوهم الكفار أن ينالو من خير خلق الله كانت أم عمارة تقف بجوار رسول الله هى ووالدها موقف الابطال فى ساحات الوغى ...
فعندما أتى عبد الله بن قمئه يريد أن يقتل النبى صلى الله عليه وسلم أخذت أم عمارة سيفا كان موجودا على الارض ووقفت أمامه تحمى ظهر رسول الله الذى كان يقاتل أحد المشركين وراءها .. فيأتى ابن قمئه عن يمينها فتأتى له يمنة , ويأتى لها يسرة وهو لا يريد أن يقتلها لانه عيب وعارعلى العربى أن يقتل امرأة ....فأغتاظ ابن قمئه وضربها ضربة سقط بسببها السيف من يديها فقالت : ((هممت أن أجرى فنظرت فأذا النبى وحده فثبت فى مكانى )), فأغتاظ ابن قمئه أكثر فظل يضربها على كتفها بالسيف حتى غارت عظام الكتف وخرجت منها نافورة الدماء والمرأة لا تتحرك حتى سقطت فى مكانها , فجاء ابنها حبيب بن زيد لينقذها فقالت له((دعنى دعنى أدرك رسول الله))..
فنظر لها النبى صلى الله عليه وسلم وهو يقلب كفيه ويقول: (((من يطيق ما تطقين يا أم عمارة؟ ))) فقالت للنبى : ((أطيق وأطيق ولكن أسألك شيئا مرافقتك فى الجنة يا رسول الله )) فقال لها النبى: (((لست وحدك ...أنت وأهل بيتك ,,,أنتم رفقائى فى الجنة ))).
عندما يدرك الانسان سبب وجوده فى الحياة ولماذا خلق تهون كل التضحيات فى سبيل الله
ويشعر بلذة الصبر والتصبر والتضحية والثبات
يفهم معنى ان يكون جندى من جنود الله فتكون حياتة كلها خالصة لله ولنصرة دينه
هذا نموذج رائع للمرأة المجاهدة الشجاعة جلنار زوجة قطز عندما قالت لزوجها اثناء استشهادها
لا تقل واحبيبتاه.. ولكن قل: وا إسلاماه....
وجلنار -واسمها الحقيقي جهاد- هي ابنة جلال الدين بن خوارزم شاه، وزوجة بطل معركة عين جالوت سيف الدين قطز وابنة عمه..
وقد عاشت جلنار حياةً عصيبة مليئةً بالأخطار والمواقف الحرجة .. وتجاوزت كل مراحلها بصبر وعزة وثبات وإباء، لتواصل حتى النهاية الخالدة المؤثرة التي تركت بصمتها على صفحات التاريخ
فقد فتحت جلنارعيناها على الحياة ،وحال الامة مزري كحالها هذه الايام او اسوا،فقد كان العالم الاسلامي انذاك يتعرض لحملات ابادة من قبل الصليبين والتتار ، وتحكمه طغمة حكام طغاة انذال اشبه ما يكونون بحكام بلاد الاسلام هذه الايام فهم اساد على الامة فئران امام الاعداء وعبيد لهم ومطايا وعملاء.
وكان من اسوا ما تعرضت له انها تحولت من ابنة ملوك الى مجرد رقيقة اي جارية، حيث بيعت في سوق الرقيق كالمتاع مع أنها ابنة ملك كبير كُتبت عليه الهزيمة أمام التتار ليعاني هو وعائلته أشد المعاناة ..
وقد فرقت الأيام بينها وبين ابن عمها حيث عاش كل منهما في بيت أحد التجار أعواماً طويلة..ثم شاء الله تعالى أن يلتقيا في قصر الصالح نجم الدين أيوب عند زوجته شجرة الدر.وفي قصر شجرة الدر عانت جلنار من العيش في أجواء الفتن والمؤامرات ، لكن كل هذا لم يزدها الا صبرا وإيمانا بقضاء الله وقدره، وأن الله لا بد ان يجعل لها من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا .
وسارت الأيام وشاء الله ان تلتقي بابن عمها في ذلك القصر، ويهيئ الله تعالى لهما الزواج، ثم يهيئ لمحمود (قطز) مُلك مصر ومحاربة التتار..
وحصلت موقعة عين جالوت الشهيرة الحاسمة ، واوشك النصر ان يكون لامة الاسلام على امة الوحوش، وعندها حاولت مجموعة من التتار اغتيال قطز لعلهم يغرون من نتيجة المعركة نجح في قتل ثلاثة من مهاجميه ،وكاد فارس تتري رابع ان ينجح في طعن قطز من الخلف، فاذا به يفاجأ بفارس ملثم يضربه بالسيف فيرديه صريعاً، بعد أن تلقى منه ضربة قاتلة.. وما كان ذلك الفارس الملثم إلا جلنار زوجة القائد العظيم قطز.. جاءت إلى المعركة لتفديه بنفسها وتنقذه من القتل ليظل قائداً للمسلمين يقودهم نحو النصر النهائي على التتار الذين ارتكبوا بحق المسلمين من الفظائع ما لا يحيط به الوصف .
ومن شدة تاثره على زوجته الحبيبة انكب القائد على زوجته وهي تجود بروحها في سبيل الله صارخا : واحبيبتاه.. فتقول له: مه.. لا تقل واحبيبتاه.. ولكن قل: وا إسلاماه..
وعرفت النساء معنى الرجولة وصفاتها فكانت من أجمل صفات النساء ان تكتسبها وتعايشها وتفرضها
على أرض الواقع وينبهر بها الجميع ويشعر بالخيبة من لا يملكها
كانت غادة عمار إحدى الأخوات الناشطات في جمع التبرعات وكفالة أسر الإخوان وحمايتهم من التشرد في ظل غياب العائل في السجون لفترات طويلة، وكانت إحدى الأخوات المعاونات للسيدة زينب الغزالي ونعيمة خطاب وعلية الهضيبي؛
ولقد ذكرتها السيدة زينب الغزالي عند اعتقالها بقولها:
«كنت مستغرقة أفكر: علية حامل في شهورها الأخيرة ؟ كيف اعتقلها الطغاة؟ وغادة؟ ماذا فعلوا برضيعتها الصغيرة؟ كيف تركتها؟ إنها لقسوة وفجور ووحشية !! يا للبشر من حكامهم عندما يرتدون أردية الجاهلية، فتغطى كل مشاعرهم وتضيع ضمائرهم فيصبحون جلادين لرعاياهم»
تزوجت غادة عمار من الطيار يحيى أحمد حسين ورزقهما الله بسمية وهالة وكان عمرهما وقت اعتقال والدتهما عامين.
ما كاد عبد الناصر يعلن من الكرملين بالاتحاد السوفيتي اعتقال كل من سبق اعتقاله حتى هرب زوجها، فلم تجد المباحث بدا إلا اعتقالها وتعذيبها عذابا شديد؛
تقول زينب الغزالي:
«وأرسلت لابنتي في الإسلام غادة عمار وقلت لها : "اليوم اعتقلت مجاهدة جليلة فاضلة تدعى الست أم أحمد، وتقطن بناحية شبرا ولدى أموال لحساب أسر المسجونين وشؤون الدعوة فها هي إليك يا غادة، فإذا اعتقلت فسلميها للمرشد أو لآل قطب؛وسلمتها مظروفا فيه أموال الجماعة التي كانت أمانة عندي، وهى اشتراكات من الإخوان المسلمين
وتضيف قولها:
« وينفتح الباب ويرمى الشيطان الأسود ببطانية ووسادة، وكان قد مر علي ثمانية عشر يوما وأنا أفترش الإسفلت، وأعود بعد لحظات ووسادتي يرمى بهما على الأرض وأنا في دهشة مما يحدث، ولم تلبث دهشتي أن زالت حين فتح الباب ثانيه ليدخل صفوت وحمزة البسيوني مصطحبين علية الهضيبي وغادة عمار يدخلانهما ويخرجان ويغلق باب الزنزانة؛
وتقبل على علية تأخذني بين ذراعيها تقبلني وأنا منصرفة عن نفسي والدنيا وتتساءل في ألم : أنت الحاجة؟ والتفت إلى غادة فأرى عينيها ممتلئتين بالدموع تغرقان وجهها. وتبكي غادة في صمت وتتساءل علية في عجب: أيمكن أن يحدث هذا مع النساء»
لقد اعترف عليها علي عشماوي بأنها كانت إحدى القائمين على تمويل أسر الإخوان، فقد جاء في كتابه التاريخ السري للإخوان اعترافه بقوله:
« النقود ستكون عند غادة عمار لتسليمها إلى بيت الهضيبي أو بيت قطب، إذا قبضوا على اتصل بغادة أو بحميدة ستعرف أين النقود إذا احتجتم إليها».

لقد ظلت الزوجة في السجن الحربي وكان اسمه كفيل بإلقاء الرعب في قلوب الشجعان، فقد ظلت فيه ما يقرب من ستة أشهر بعيدة عن زوجها الهارب وبناتها الصغار حتى أفرج عنها.
إن المرأة أظهرت معانى للرجولة عجز أن يكتسبها أشباه الرجال الذين رضوا الذل والمهانة والاستعباد ولعق البيادة فكانت الحرة حامية للوطن تقف بكل قوة وثبات للقوة العسكرية الغاشمة تصارع من أجل حقها وتناضل تسير فى مسيرات تتعرض للضرب والاعتقال والقتل ولا تتراجع خطوة واحدة للخلف أو تشعر بذبذبة فى نفسها بل تستمر مناضلة ثابته مهما كانت التضحيات تقف بجوار زوجها
وهو خلف القضبان صامدة ثابته الجبال لا تنحنى أو تلين تسانده وتشد على يديه وتثبته على الطريق تقدم فلذات أكبادها ما بين معتقل وشهيد
تتغاضى عن قلبها قلب الأم وتستمر فى طريقها مضحية ومقدمة باقى فلذات
أكبادها لا يعرف أشباه الرجال أن المواقف رجولة وعندما تقدم الحرة كل ما لديها فإنها تقدمه لله.

 

المقال يعبر عن رأي كاتبه، ولايعبر بالضرورة عن رأي نافذة مصر