"إن كُنتَ تقرأ هذا.. فهذا يعني أني قد متُّ.. وقد صعدت الروح إلى خالقها، وأدعو الله أن ألاقيه بقلبٍ سليمٍ مقبلٍ غير مدبرٍ، بإخلاص بلا ذرة رياء. لَكَم من الصعب أن تكتب وصيتك، ومنذ سنين انقضت وأنا أتأمل كل وصايا الشهداء التي كتبوها، لطالما حيرتني تلك الوصايا، مختصرة سريعة مختزلة فاقدة للبلاغة ولا تشفي غليلنا في البحث عن أسئلة الشهادة".

كانت تلك هي السطور التي قرر الشهيد باسل الأعرج، 31 عاما، الذي استشهد الإثنين، عقب مقاومة الصهاينة، وهي الوصية التي انتشرت، اليوم، عبر ساحات التواصل الاجتماعي، والتي حازت إعجاب الشباب في الوطن العربي، وكشفت عن حجم الصمود الذي يبديه أبناء فلسطين في وجه الاحتلال الصهيوني، في مقابل الاستسلام الواضح الذي تبديه القيادة الفلسطينية، التي أعلنت منذ زمن عن ترك خيار المقاومة، إضافة إلى حكام العرب الذي يتحالفون مع الصهاينة ضد شعوبهم وضد القضية الفلسطينية التي لم تعد تعنيهم في شيء.

ويعرف الشاعر عبدالرحمن يوسف، الشاب الفلسطيني الشهيد قائلا: "باسل الأعرج، أحد أشهر النشطاء في الضفة الغربية خلال السنوات الأخيرة، ومن أوائل من تحركوا لمقاومة الاستيطان في قرية الولجة قضاء بيت لحم، قاتل نحو ساعتين في منزلٍ قرب مسجد البيرة الكبير، قبل أن يرتقي شهيدًا، الإثنين 6 مارس، في عملية اغتيالٍ نفذتها قوات مشتركة من "حرس الحدود"، ووحدة "اليمام" الخاصة، وجيش الاحتلال، وجهاز "الشاباك" أيضًا".

ويكمل باسل الأعرج في وصيته "وأنا الآن أسير إلى حتفي راضيًا مقتنعًا وجدت أجوبتي، يا ويلي ما أحمقني وهل هناك أبلغ وأفصح من فعل الشهيد، وكان من المفروض أن أكتب هذا قبل شهورٍ طويلة إلا أن ما أقعدني عن هذا هو أن هذا سؤالكم أنتم الأحياء، فلتبحثوا أنتم أما نحن أهل القبور فلا نبحث إلا عن رحمة الله".

اللافت أن أحد الضباط الصهاينة حاول التمهيد لـ"أبو السعيد"، والد الشهيد باسل، بأن جثة ابنه مشوهة قائلا: "قبل ما تشوف الجثة عشان تتعرف عليها لازم تكون فاهم إنها بتختلف حاليا عن صورته دائما، وممكن تكون مشوهة بفعل الرصاص والشظايا". إلا أن الوالد الصامد رد عليه عقب مشاهدة جثمان ابنه: "الله يرضى عليه، عمري ما شفته أحلى من اليوم".

وقال شهود عيان إن اشتباكا مسلحا خاضه "الأعرج" مع قوات الاحتلال لمدة ساعتين، وإن ذخيرته نفدت، وبعدها اقتحمت قوات الاحتلال المنزل الواقع في منطقة مخيم قدورة، وأعدمته من مسافة قريبة، وفقا لوسائل إعلام فلسطينية.

وأضاف شهود العيان أنه بعد اقتحام قوات الاحتلال المنزل سُمع إطلاق وابل من الرصاص، حسبما تبين بقايا الرصاص التي خلفها جنود الاحتلال في المنزل.

وأخرج جنود الاحتلال جثة الشهيد من المنزل، بحمله من قدميه، وكان مضرجا بالدماء، وكان جسد الشهيد يرتطم بالأرض.

وذكر موقع "عرب 48" أن الشهيد الأعرج كانت قد اختفت آثاره في 31 مارس العام الماضي، سوية مع الشابين هيثم السياج ومحمد حرب. وبعد أسبوع أو أكثر بقليل عادوا إلى بيوتهم واعتقلتهم أجهزة أمن السلطة الفلسطينية بادعاء التحقيق معهم في أسباب اختفائهم، وبعد فترة أطلق سراحهم.

والشهيد الأعرج مطارد من قبل قوات الاحتلال منذ عدة أشهر، حيث اقتحمت قوات الاحتلال منزله عدة مرات بحثا عنه، وأصبح مطاردا للاحتلال منذ الأيام الأولى بعد الإفراج عنه من سجون السلطة بعد 6 أشهر من الاعتقال والإضراب عن الطعام.