كثير من الآباء والأمهات يجدون أنفسهم مضطرين للكذب على صغارهم، إذ يظنون أنهم بهذا يحمونهم من الألم، أو يجاملونهم كمحاولة لزيادة ثقتهم بأنفسهم، وأحيانًا لكي يخفوا عنهم أشياء لا تخصهم.

أسئلة مثل: هل سيعطيني الطبيب حقنة؟ أو هل لدينا المزيد من الشوكولاتة؟ قد تكذبين وتجيبين عنها بـ"لا"، وتبررين الأمر بعد ذلك بأنها كذبات "بيضاء" هدفها حمايتهم.

لكن هل هذا حقيقي؟ هل هناك كذبات بيضاء وأخرى ملونة؟

قد يبدو أننا لا نخطئ، فنحن نكذب لحمايتهم من الألم، لكن ما لا ندركه أنهم سيكتشفون كذباتنا عاجلًا أم آجلًا، وهو ما سيؤدي إلى نتيجتين:

1- من ناحية ستتأثر ثقتهم المطلقة بنا.

2- من ناحية أخرى، سيبدؤون في الكذب علينا ويجدون له مبرراته.

3- يتأثر حسهم الفطري في تمييز الصحيح من الزائف، فهم يستمدون معرفتهم بالحقيقة من ثقتهم في الأب والأم كمصدر للحقائق، وحينما تهتز هذه الثقة ترتبك قدرتهم على الحكم على الأمور.

قد تتساءلين إذًا ما الحل عندما يسألني الطفل على أمور لا تخصه؟ أو أمور لا أريد إخباره بها؟ هذه أمثلة لأغلب الامور التي يكذب أغلب الآباء والأمهات بشأنها، وكيف تتجنبين الكذب:

1- في حالة طلاق الأبوين، أغلب الآباء يخبرون الأطفال أن ماما وبابا ما زالوا يحبون بعضهم، لكن نادرًا ما يتطلق الأزواج الذين يحبون بعضهم البعض، ومن الأفضل إخبار الطفل أن ماما وبابا يحبانك لكنهما لم يعودا يستطيعان العيش معًا.

2-إذا فاتك حضور مناسبة مهمة لطفلك لانشغالك، لا تكذبي عليه، فمن الأفضل أن تعتذري بإخلاص، بدلًا من إطلاق حجج يعلم الطفل أنها كاذبة.

3- في حالة وجود مشكلات أو خلافات واضحة بينكِ وبين زوجكِ، لا تكذبي وتقولي إنه "كل شيء على ما يرام، وماما وبابا مبسوطين"، فللطفل أعين يرى بها بوضوح أن لا شيء "على ما يرام"، بل أخبريه ببساطة أن هناك خلافًا بين ماما وبابا، لكنهما يحبان بعضها البعض، ومن الطبيعي أن يختلف الناس أحيانًا، لكن إذا سألك عن التفاصيل فأخبريه بأنها أمور خاصة ببابا وماما.

4- تجنبي الحديث مع زوجك أو أصدقائك عن أمور خاصة لا تريدين اطّلاع الطفل عليها، على مسمع منه، كي لا تثيري أسئلته وتضطري للكذب، ولابد من وجود إجابات مناسبة لمثل هذه الأسئلة أفضل من الكذب. على سبيل المثال:

"هذه أمور غير مناسبة يا حبيبي".
"لا أريد الكلام في هذا الأمر".
"يمكننا التحدث عن هذا في وقت لاحق".