"وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ"

في إطار السعي لتحقيق العدالة والقصاص لدماء الشهداء ومحاسبة قادة الانقلاب العسكري المتورطين في جرائم ضد الإنسانية وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وبشأن ما أثير في الفترة الأخيرة حول "لجنة تقصي الحقائق" نضع أمام الرأي العام عدد من الحقائق:

أولاً: بناء على اتصال من السيد الأستاذ الدكتور محمد بدران عضو لجنة تقصي الحقائق بالسيد الأستاذ الدكتور محمد علي بشر وزير التنمية المحلية في حكومة الدكتور هشام قنديل في شهر مايو، لطلب المساعدة في تحقيق العدالة وحضور بعض المختصين الحقوقيين وذوي الضحايا بالإدلاء بشهاداتهم وتقديم ما لديهم من أدلة حول محرقتي رابعة العدوية والنهضة وكافة الانتهاكات التي تمارسها سلطة الانقلاب العسكري ضد المصريين، قدم عدد من المختصين حقوقيًّا وذوي الضحايا ما لديهم لإعلاء مبدأ حسن النية ولكن كان المناخ غير إيجابي، ثم فؤجئنا بتعقب بعض من أدلوا بشهاداتهم وتلفيق تهم للبعض الآخر.

ثانيًا: فؤجئنا في نهاية الأسبوع الماضي، بتجدد المناقشات بصورة غريبة عن لجنة تقصي الحقائق وعن تقصير ذوي الضحايا في الحضور أمامها، وكأن المطلوب حضور الشهود دون حماية وفق ما تقرره بالأصل مبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي، ثم وجدنا خبرًا منسوبًا للجنة يزعم عدم تعاون الدكتور محمد علي بشر مع اللجنة في توثيق جرائم سلطة الانقلاب العسكري، رغم أن د. بشر هو من كلف اللجنة الأولى بالتعاون وإبداء حسن النية، وهو ما أثار الريبة والشك في اللجنة مجددًا، وظهر بوضوح بعد البيان الذي أصدره الدكتور محمد علي بشر الخميس الماضي، وأوضح فيها طبيعة الاتصالين اللذين قام د. بشر بأحدهما برئيس اللجنة د. فؤاد رياض، وتلقى عقبه الاتصال الآخر من المستشار عمر مروان عضو اللجنة، لمحاولة المساعدة في تحقيق العدالة وإيفاد المختصين الحقوقيين وذوي الضحايا، ثم فؤجئنا باختصار القضية في توظيف سياسي غير مبرر، شارك فيه د. فؤاد رياض رئيس لجنة تقصي الحقائق إما بالتصريح أو بالصمت على ما نسب إليه مما يضر بميزان الحيدة ابتداءً، فتأكدت شكوكنا للمرة الألف.

ثالثًا: رصدنا تصريحات ومقابلات إعلامية لرئيس اللجنة د. فؤاد رياض في الفترة ما قبل الانقلاب وما بعده، أفصح فيها عن موقف سياسي واضح منحاز للثورة المضادة يكشف بواعث التوظيف السياسي الممنهج لأي تعامل مع لجنته.

رابعًا: أفصحت لجنة تقصي الحقائق عن رأيها في عدد من القضايا محل النظر والتي تدخل ضمن نطاقها بما يحول بينها وبين استكمال أي جهد ويوجب عليها التنحي، ومن هذه القضايا: قضية المضربين عن الطعام بالسجون الخاصة بالإعلامي عبد الله الشامي ومحمد صلاح سلطان والتي انحازت فيها لرؤية الانقلاب العسكري شكلاً وموضوعاً، وشنت هجوماً حادًّا ضد تقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية وآخرها تقارير منظمة هيومان رايتس ووتش، التي أدانت جرائم قوات من الجيش والشرطة وتورط قضاة في محاكمات غير عادلة وإعلاميين في التحريض على قتل معارضي سلطة الانقلاب العسك
خامسًا: جاءت اللجنة بعد تشكيل لجنتين لتقصي الحقائق منذ اندلاع ثورة يناير شارك فيهما المستشار عمرو مروان وآخرين، ولم يعلن حتى هذا الوقت نتائج عمل هاتين اللجنتين، أو اتخاذ إجراءات قانونية ضد من المتورطين في التقريرين الأول والثاني، وهو ما يثير الريبة والشك من جدية د. فؤاد رياض رئيس لجنة تقصي الحقائق واستقلال لجنته وتحقيقها لأهدافها المفترضة قانونيًّا في ظل عدم حسم ما سبق أو الإعلان عن إضافته أو الإشارة له، أو حتى إتباع ذات الأساليب من إعلان وتواصل جدي مع ذوي الضحايا وتطبيق المعايير الدولية اللازمة لاستقلال اللجنة.

سادسًا: لم تعلن اللجنة حتى تاريخه أي حماية من أي نوع، لكل من يدلي أمامها بشهادات أو بلاغات سواء من ذوي الشهداء والضحايا أو من المتورطين، طبقًا للقانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان، خاصة مع تواتر التهديدات الأمنية لذوي الضحايا.

سابعًا: لم تلتزم اللجنة بالإعلان الدوري لما توصلت إليه مضافًا إليه جهد اللجنتين المشكلتين بعد ثورة 25 يناير إلى الرأي العام ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية مباشرة، فالشعب صاحب السيادة، ونشير في هذا الصدد أن الجهد الذي تم في عهد الرئيس الشرعي المختطف الدكتور محمد مرسي لا زال حبيس أدراج الجهات المعنية.
 
وبناء على ذلك، وبعد تشاور حقوقي وقانوني مع المعنيين والمتطوعين في ملف دعم ذوي الضحايا حول الإطار الحاكم للتعامل مع أي لجان تقصي حقائق والوصول لما فيه مصلحة البلاد والعباد، وتحقيق العدالة ومطالب القصاص لدماء الشهداء، فقد قدمنا مقترحًا بالاعتذار الاحتجاجي عن التواصل مع لجنة د. فؤاد رياض لتقصي الحقائق، إلى السيد الأستاذ الدكتور محمد علي بشر وزير التنمية المحلية في حكومة د. هشام قنديل والقيادي بالتحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، لاتخاذ القرار المناسب في ضوء ما سبق خاصة أنه قد استقر في وجدان اللجنة الحقوقية المعنية عدم جدية التواصل مع لجنة تقصي الحقائق برئاسة د. فؤاد رياض لإخلالها بالحيادية والاستقلال والحقوق.
 
القاهرة في 14 سبتمبر 2014

هدي عبد المنعم

عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان الشرعي

عضو اللجنة الحقوقية بالتحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب

عضو التنسيقية المصرية للحقوق والحريات