أكدت شبكة Al-Monitor “المونيتور” الأمريكية أن المساعدات الخليجية والوعود الخليجية الغير مسبوقة للاستثمار فى مصر تتقلص قبل شهور قليلة من عقد القمة الاقتصادية، حيث قالت أنه برغم محاولات النظام الجديد في مصر برئاسة عبد الفتّاح السيسي الخروج من عنق الأزمة الاقتصاديّة التي حلّت بمصر، بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق محمّد مرسي. غير أنّ هذه الوعودالخليجية لم تعد واضحة المعالم كما كان مخطّط لها.

وقال المدير التنفيذيّ لمجموعة “مالتي بلس” للاستثمار عمر الشنيطي، في تصريحات لـ”المونيتور”: “لم يتوقّف الدعم الماليّ الخليجيّ لمصر، لكنّ ما حدث أنّ المساعدات انخفضت في شكل كبير”، مضيفا أنّ تلك المساعدات قدّمت في الأساس لأسباب سياسيّة، نتيجة دعم دول الخليج باستثناء قطر وقتها، للتخلّص من سيطرة نظام الإخوان المسلمين، إضافة إلى أنّ هذه المساعدات لم تقدّمها الرياض وأبو ظبي والكويت، خلال فترة حكم محمّد مرسي. والواقع يشير إلى أنّ الأموال المنهالة على القاهرة لم تكن لتستمرّ من دون نهاية.

ويقول الباحث غير المقيم في مركز كارنيجي للشرق الأوسط عمرو عدلي لـ”المونيتور”، إنّ “انخفاض الدعم يأتي في شكلين، إمّا في قلّة الأموال المقدّمة إلى مصر أم في صورة وعود لم تنفّذ، معلّلاً ذلك بعدم وجود ضمانات للدول المموّلة في خصوص طرق إنفاق الأموال التي تمنحها إلى مصر. فالإمارات مثلاً كانت أعلنت في آذار/مارس الماضي أنّها ستشيّد مليون وحدة سكنيّة في مصر ضمن مشروع قيمته 40 مليار دولار، وهو ما لم تبدأ به حتّى الآن.

لم يكن انخفاض الدعم الخليجيّ أمراً مفاجئاً للقاهرة، فالإمارات أعلنت صراحة عن ذلك، على لسان وزير شؤون الرئاسة منصور بن زايد آل نهيان، في أكتوبر 2013، الذي قال: “لن يستمرّ الدعم العربيّ لمصر طويلاً”. غير أنّ مصر لم تتّبع سياسات اقتصاديّة من شأنها خفض قيمة العجز. وبحسب عمر الشنيطي، “فقد كان يفترض أن تقوم حكومة الدكتور حازم الببلاوي بالاستمرار في سياسة التقشّف للسيطرة على العجز، إلّا أنّه حدث عكس ذلك. وساهمت المساعدات الخليجيّة السخيّة على انتهاج الحكومة سياسة توسعيّة، فرفعت الإنفاق الحكوميّ لكي يشعر المواطنون بالتحسّن الاقتصاديّ”.

أسندت الإمارات بدورها إلى بنك لازارد الفرنسيّ، المتخصّص في تقديم الاستشارات والحلول الفعّالة للمشاكل الماليّة، إعداد تقرير عن الحاجات التمويليّة لمصر وأهمّ مشاكلها الاقتصاديّة. وانتهى التقرير إلى أنّ مصر تحتاج إلى 30 مليار دولار سنويّاً لمدّة 4 سنوات، منها 15 مليار دولار لسدّ الفجوة التمويليّة للمصرف المركزيّ، أيّ الحفاظ على مستوى آمن للاحتياطيّ من النقد الأجنبيّ يغطّي 3 أشهر من الواردات، إضافة إلى 15 مليار دولار أخرى في صورة استثمارات لتحقيق معدّل نموّ بنسبة 5% في المتوسّط خلال الأربع سنوات المقبلة.

ولفت الشنيطي إلى أنّه، وبعد وصول الرئيس عبد الفتّاح السيسي إلى سدّة الحكم، انتظر الجميع التدفّق الغزير للدعم الخليجيّ (بحسب ما توقّع بنك أوف أميركا)، وإطلاق مشاريع قوميّة عملاقة، نوّه عنها السيسي قبل تولّيه السلطة. وتمّ بالفعل إطلاق مشاريع عملاقة كقناة السويس الجديدة. لكنّ المليارات الخليجيّة لم تتدفّق، وكان على الحكومة اللجوء إلى التمويل المحليّ. كما قامت حكومة إبراهيم محلب في مراحل خطّة التقشّف الأولى برفع أسعار الطاقة (البنزين والغاز الطبيعيّ) في يوليو الماضي.


أزمة انخفاض أسعار النفط وتأثيرها على حزم المساعدات الخليجيّة.

تختلف أراء الاقتصاديّين في مصر حول تأثير انخفاض سعر برميل البترول على إسهام دول الخليج في المشاريع الداعمة لمصر. ففي حين يرى المحلّل الاقتصاديّ عمر الشنيطي، أنّ أزمة النفط ستؤثّر سلباً على دول الخليج، وبالتالي على حجم المشاريع الاستثماريّة التي ستشارك فيها، يرى أحمد عدلي أنّه من المبكر الحديث عن تداعيات أزمة النفط على النهوض بالاقتصاد المصريّ. فبحسب رأيه، إنّ الفوائض الرأسماليّة لدول الخليج ضخمة للغاية (2 إلى 3 تريليون دولار)، ولن يؤثّر بها انخفاض سعر البترول (64 دولاراً للبرميل).

 

طالع أيضا :