نافذة مصر :

يحبس النظام الانقلابي أنفاسه قبل حلول شهر مارس 2015، وهو موعد مؤتمر المانحين لمصر، الذي سيعقد في شرم الشيخ، وأيضا هو موعد تقييم دول الخليج لدعمها الاقتصادي للانقلاب.

فالوضع الاقتصادي الدولي تغير كثيرا في فترة الـ18 شهرا الأخيرة وهي عمر انقلاب السيسي وعصابته على الشرعية الدستورية، المتمثلة في الرئيس والدستور والبرلمان.

في الأيام القليلة الماضية ألقت أزمة البترول العالمية بظلالها على أكبر الدول الداعمة للانقلاب في مصر (السعودية - الإمارات - الكويت - روسيا)، وبالطبع عدد من الدول الأخرى في مقدمتها قطر وإيران.

فحكومة الانقلاب تترقب بقلق الانخفاض المستمر فى أسعار النفط عالمياً، ما يتسبب فى اتباع دول الخليج لسياسة اقتصادية انكماشية قد تنعكس مباشرة على الاستثمارات المتوقع ضخها خلال مؤتمر المانحين شرم الشيخ.

السعودية والإمارات.. على رأس المتضررين

(أزمة النفط) .. في ٣٠ يونيو  ٢٠١٣
كان سعر برميل البترول قد بلغ ١٠٥ دولاراً للبرميل، واليوم، السعر وصل إلى 55 دولاراً للبرميل ! .. وهناك توقعات بوصوله إلى ٤٥ دولاراً بنهاية يناير القادم، وربما ينخفض أكثر مع إنتهاء الشتاء!.

وقد تخطت خسائر السعودية في هذه الأزمة أكثر من 100 مليار "دولار"، وهو ما اعتبره اقتصاديون انهيارا كبيرا،  فـ 90% من دخل المملكة من النفط، وأقل من 55 دولار للبرميل يعني ذلك أن السعودية تعاني عجزاكبيرا.

انهيار النفط السعودي يعني كارثة للملك -الكهل- عبد الله الذي تخطى الـ 90 عاما ولمن سيأتي بعده.

وها قد بدأ المستثمرون مغادرة البلاد، ومنذ شهر سبتمبر انهارت بورصة السعودية بـ25% ( ودبي بـ 31%) في دبي غاصت البورصة بـ 7% في يوم واحد 11 ديسمبر. ومنذ شهر أكتوبر سُحق 150 مليار دولار في البورصات الخليجية. وحاول آل نهيان النفخ  في البورصات بشراء أسهم محلية بواسطة القروض، لكن الآن تراجعت الأسهم ببطء أقل من سعر القرض، حتى وصلت لأدن مستوياتها أمس الثلاثاء.

أما فيما يخص مصر من الدعم السعودي تحديدا، ففي مقابلة سابقة لوزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، مع شبكة فوكس نيوز الأمريكية، قال: "لكل بداية نهاية والسعودية قدمت لمصر مساعدات كبيرة ودعمنا لن يستمر إلى الأبد"، غير أنه تراجع عن التصريح بعد هجوم عددا من وسائل الإعلام الانقلابية عليه.

ومع الانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية، الأمر الذي أثّر بالقطع على دخول الدول الخليجية الداعمة لمصر من العوائد النفطية، ربما ينعكس ذلك على تقلص المساعدات لمصر، أو توقفها في وقت ما، وفق ما يراه محللون وخبراء.

روسيا .. بوتين يعيش أسوأ أيامه !

هي أيضا دولة عملاقة مع مصدر دخل واحد رئيسي "البترول ".

الروبيل -العملة المحلية-  ينهار، سلع ومنتجات رئيسية تختفي من الأسواق،  عاد المواطنون لتخزين الغذاء مثلما كان يحدث في الحقبة الشيوعية.

 في روسيا يتم اقتطاع 130-140 مليار دولار سنويا بسبب العقوبات وإنخفاض أسعار النفط، أي نحو 7% سنويا.

يضع هذا  الرئيس الروسي  فلاديمير بوتين في وضع سئ للغاية، ما يعني تزايد احتمالات حرب أخرى في أوروبا، فالهجرة من روسيا قفزت خلال الشهور الأخيرة وسوف تتزايد بوتيرة أعلى.

وسيذكر"بوتين"  ما حدث في 16 ديسمبر 2014 كأحد أسوأ أيام حياته إن لم يكن أحلكها على الإطلاق؛ وذلك بعد السقوط الرهيب للروبل أمام الدولار بنحو 13% ( 72.6 روبل تساوي دولار واحد)، وتهاوي بورصة موسكو بنسبة 14.5% بعد فشل البنك المركزي الروسي في احتواء ذلك التردي عبر رفع سعر الفائدة الأساسي لـ17%.

و يقول الناشط  أحمد غانم : "يبدو أن الدب الروسي سينهار أسرع مما تصور الجميع..ويبدو أن القوى الخليجية أيقنت أن مواجهة المشروع التوسعي الإيراني الشيعي المدعوم روسيا له أولوية على مواجهة المشروع التوسعي الجهادي الداعشي...ولهذا سيتم إطالة أمد النزاع مع داعش قليلا وسيتم التركيز على تقليم أظافر الدب الروسي أقوى داعم سياسي لإيران بحرب النفط...لحظة تاريخية تتحد فيها المصالح الخليجية الأمريكية بصورة غير مسبوقة حتى في ترتيب الأولويات...نزيف مليارات النفط  لن يتوقف حتى يركع الدب الروسي وتتنازل إيران عن مشروعها التوسعي ولو لفترة".

وضع مصر الانقلاب بين السعودية وروسيا

يقول المحلل الصهيوني  للشؤون العربية "جي باخور" -شامتا- إنه إذا ما كانت السعودية أصيبت بنزلة برد فإن مصر تحتضر.

فالدولة التي يبلغ تعدادا سكانها نحو 85 مليون نسمة تفتقر لمصادر دخل حقيقية. تتعافى السياحة، لكن ببطء، وتتلاشى مصادر الطاقة الذاتية، وقناة السويس حتى بعد توسيعها، لن تمثل مصدر دخل كبير ( الآن 5 مليار- وبعد التوسيع يأملون أن يتضاعف الرقم).

تعيش مصر الآن على منح السعوديين، بنحو 10 مليار دولار في العام، فقط لأنها ضد "الإخوان المسلمين". لكن إن كانت الرياض نفسها تعاني انهيار اقتصادي فسوف تقلص أولا المساعدات الخارجية. وقتها كيف سيعيش المصريون؟. تحتاج مصر الغاز الإسرائيلي القريب والرخيص نسبيا، وفي القريب سنرى المزيد من صفقات الغاز الكبرى التي سنجريها مع المصريين، مثلما ستوقع الأردن أيضا.
 
تمول السعودية صفقات سلاح ضخمة لمصر مع روسيا، ومرة أخرى، ستم تقليص هذا التمويل. كذلك هناك الكثير من الأضرار غير المباشرة ستنعكس على هذه الدول المصدرة للسلاح، وبالطبع، انعدام الاستقرار الأمني.

ويضيف المحلل الاقتصادي "أحمد سلام" قائلا : "روسيا باعتبارها منتج أساسي للبترول ستخسر أموال طائلة خاصة وتكلفة إستخراج البترول بها عالية ، وبهذا يتعرض الاقتصاد الروسي لضربة هائلة،  والدولة الوحيدة التي استفادت من هذا الوضع هي "تركيا"  بتوقيع اتفاقيه خط البترول مع روسيا والذي صارت روسيا مرغمة عليه حتى تخفض من تكلفة التصدير وهكذا تنهى حلم روسيا في خط أخر يمر عبر أوكرانيا .. ولهذا وقف بوتين صمتاً وعجزاً عندما تحدث أردوغان عن الإنقلاب العسكري بمصر".

ويضيف سلام "وفي ظل هذه الأزمات المالية والركود الاقتصادي تتحرك مصر لتبني إمتدادا لقناة السويس يحمل الاقتصاد المصري نفقات هائلة وغير مضمونة العائد الاقتصادي خاصة إن حدث ركود إقتصادي عالمي ممتد الأثر لحركة الملاحة بالقناة. وأمريكا قررت عدم إرسال قوات بريه للعراق وبالتالي لا يوجد هناك توقع بازدياد الطلب على القناة".


في ظل كل ما سبق ماذا تظن سيكون مستقبل الاقتصاد المصري المريض والمتخم بالفساد وبسوء السمعة وفقدان النظام المصري للمصداقية؟.

هذه الدولة تحتاج لتغيير هائل وسريع في منظمة القيادة والادارة قبل فوات الأوان.

الأمر الذي دفع عراب الانقلاب محمد حسنين هيكل إلى تحذير السيسي قائلا "يجب ان تنتبه لما سيجري في "مارس" المقبل، وإلا ستفشل الدولة".