"دموع التماسيح السعودية على غزة".. تحت هذا العنوان نشرت صحيفة "هافينجتون بوست" الأمريكية مقالا للكاتب ديفيد هيرست، الذي اعتبر فيه أنه ليس هناك أي شك في أن الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة يأتي بدعم سعودي، ملقيا الضوء في الوقت ذاته على أن عبد الفتاح السيسي -قائد الانقلاب العسكري- لا يمكنه التصرف حيال الوضع في غزة باستقلالية.

وقال الكاتب "ما من شك في أن المأساة التي ترتكب في غزة تكشف بوضوح عن أصحاب الأدوار فيها، والمثير للعجب في ذلك أنهم جميعا حلفاء للولايات المتحدة، ثلاثة منهم يوجد في أراضيهم قواعد عسكرية أمريكية والرابع عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ومن المفارقات أن تكون مشاكل الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط ناجمة عن حلفائها الحميميين أكثر مما هي ناجمة عن أعدائها".
وتابع: "على أحد الجانبين، تقف كل من إسرائيل والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن، وهذه الدول تعتبر نفسها صوت العقل والاعتدال، مع أن أساليبها عنيفة، ولم يفصل بين الانقلاب العسكري الذي وقع في مصر والهجوم على غزة أكثر من اثني عشر شهرا، وعلى الجانب الآخر تقف كل من تركيا وقطر وجماعة الإخوان المسلمين وشقيقتها حماس".
وأضاف أنه ليس هناك أدل على فحوى الاجتماعات السعودية-الإسرائيلية من السلوك المصري، إذ يستحيل تصديق أن "السيسي" بإمكانه أن يتصرف تجاه حماس في غزة باستقلال عن "مموليه" في الرياض، معقبا على ذلك بالقول "من يدفع لعازف المزمار -خمسة مليارات دولار مباشرة بعد الانقلاب، وعشرين مليارا الآن- هو الذي يختار ما يعزف من أنغام".
وأشار إلى أن السيسي لا ينظر إلى حماس إلا كما ينظر إلى جماعة الإخوان المسلمين التي أطاح بحكمها في العام الماضي -بانقلاب عسكري دموي-، ولذلك يجري شيطنة حماس في الإعلام المصري الخاضع تماما لرغبات من في السلطة، وتوصف الحركة بأنها عدو من أعداء مصر.
وألقى الكاتب الضوء على ما اعتبره ممارسات من النظام المصري تؤكد هذا الزعم، حيث لم يسمح حتى الآن بعبور سوى قدر قليل من المساعدات إلى غزة من خلال معبر رفح الذي لا يفتح إلا كل حين وحين للسماح بمرور بضعة الاف من المصابين الفلسطينيين، علاوة على أن أنفاق حماس لا يفجرها الجيش الإسرائيلي فقط، وإنما يقوم الجيش المصري بجهد كبير في هذا الشأن، حيث أعلن مؤخرا عن تدمير 13 نفقا آخر، مما أكسب الجيش المصري لقب "الجار البار" لإسرائيل، وأن السيسي راض عن توجيه الضربات الموجعة لحماس ولغزة، ولا يبذل أدنى جهد لوقف إطلاق النار، ولم يأبه حينما أعلن عن مبادرته الأخيرة حتى بالتشاور مع حماس.
وقال إنه حينما اجتاح الإسرائيليون لبنان في عام 2006 ارتكب مبارك "حماقة" مشابهة، إذ دعم العملية التي ظن أنها ستفضي إلى شل حزب الله وإعاقته تماما، وفي النهاية اضطر إلى إرسال ابنه جمال إلى بيروت ليعرب عن دعم مصر للشعب اللبناني.
وأكد هيرست على أن كلا المملكة العربية السعودية والسيسي يعلمان جيدا أن إسقاط ورقة "القضية الفلسطينية" أمر في غاية الخطورة.
واختتم الكاتب بالقول إن المملكة العربية السعودية تسير في طريق محفوف بالمجازفات، وأنه وفقا لمصادره الخاصة، ما كان نتنياهو ليجرؤ على رفض مبادرة كيري لوقف إطلاق النار نهاية هذا الأسبوع لولا الدعم الكامل الذي يتلقاه من حلفائه العرب، ولولا الدور السعودي لما استمرت هذه الحرب الوحشية على غزة يوما واحدا آخر.