بيان من دكتور احمد اسماعيل ,, واحمد عبدالعاطى
من سجن العقرب
بسم الله الرحمن الرحيم
ثلاثُ مائةٍ وتِسعونَ يوماً خلف قضبان السجون بين الزنازين وغرف التحقيق والتعذيب, ثلاثون يوماً من الإضراب عن الطعام .. لا لشيء سوى لكرامة انسانية عملنا لها في ثورة يناير المجيدة, أكثرُ من سبعةَ عَشرَ جلسةٍ أمام المحاكم المصرية لتهمةٍ بدت لي ضرباً من الجنون الذي يعبثُ بأرضِ الفيروز منذ أن كان الانقلابُ العسكري.
هنا العقرب. سجنٌ أصبح عنواناً للظلم والقهر الذي طال آلاف بني وطني من العلماء والمهندسين وأساتذة الجامعات. تهمتنا أننا رفضنا الظلم وقلنا لا للعبث بالأرض والعِرض من قِبلِ ثُلةٍ من المتآمرين مريضي النفس والسلطة.
قبل عام ونيف كنت معيداً في جامعتي أرسم لمئات الطلبة مستقبلاً من قلبي عملت أن يكون أفضل مما عشت وأعيش. كان من المفترض أن أنتهي من مرحلة الماجستير وأكون على عتبات الحصول على درجة الدكتوراة .. لكن مشيئة الله كانت أقوى من أحلامي البسيطة. اليوم أنا متهم بالتخابر مع دولة أجنبية لإفشاء ما في البلد من أسرار ونوايا. متهم أنا مع عشرة آخرين بينهم الرئيس الشرعي لوطني المسلوب الدكتور محمد مرسي.
قبل دخولي المعتقل كان خيالي ضيق الأفق, فكيف لمواطني أن يعذبني ويكيل لي الإهانة الجسدية والنفسية بشتى أنواعها؟ وهذا ما رأيته بأم عيني في غرف التحقيق والزنازين المظلمة, ضرب وإهانة تعجز عن وصفه خيالات حالم مبدع, جلسات التعذيب بالكهرباء وأهات المعتقلين واستغاثاتهم أصبح صداها لا يفارق مسامعي كما آلاف المعتقلين. مشاهد الاغتصاب لم تقتصر على الأفلام والمسلسلات فهنا أزلام السلطة يمعنون اغتصاب المعتقلين من الذكور لاجبارهم على الاعتراف بتهم لا تمت لواقعهم بشيء. طعامنا وشرابنا لا يصلح للاستهلاك الحيواني بأسوء دولة في العالم .. وكم ذا بمصر من المضحكاتِ ولكنه ضحكٌ كالبكاءِ.
جلسات فض الأحراز كانت مضحكة بما تحملة الكلمة من معنى, فالقضية الملفقة لنا هي التخابر, أما أحراز تلك القضية فكانت أناشيد اسلامية وأغانٍ وأفلام سينمائية مصرية وأجنبية, الأحراز تضمنت أيضا برامج لتعليم اللغات كالانجليزية والتركية وغيرها, كما كانت دراساتي الطبية وبحوثي الجامعية ضمن أحراز القضية؟؟
تفاجئت في الجلسة الأخيرة عندما نطق القاضي بوجود أفلام جنسية ضمن الأحراز, ليلقي على عاتقنا جزافاً سوء السمعة ورداءة الأخلاق. وهنا وقفت للمحكمة وطلبت عرض ما قالت إنها أفلام إباحية لتفنيد ذلك الإدعاء الباطل, عندها نطقت النيابة بأن تلك المقاطع قد حذفت ولا وجود لها, فاستنكرت معللاً كيف لشيء غير موجود أن يكون حرزاً؟؟ ما هذا التلفيق الرخيص والبعيد عن صلب التهمة المعيبة من الأساس, فطوال جلسات المحاكمة السبعة عشر لم تعرض المحكمة دليلاً واحداً على اتهامنا بالتخابر وعندما ضاقت النيابة العامة ذرعاً شاءت أن تعبث في سمعتنا وأخلاقنا كذباً وجزافاً وتزويراً أمام مسمع ومرئى القضاء ورجالاته!!
نحن لسنا متخابرين ولا متآمرين ولم نشئ أن نكون أرقاماً في معتقلات الظلم والسواد, بل أُلبسنا تهماً معيبة باتت مضغة صائغة في منابر الانقلاب وصحفه وجرائده, محاكمتنا كانت مسرحية هزلية وما زالت, ورغم ذلك وأكثر فنحن نحمل معنوياتٍ كما الجبال ولا ولن نركع في يومٍ من الأيام لظلمٍ بين وجبروت من ورق.
أحمد إسماعيل ثابت اسماعيل .. معيد بكلية العلوم الطبية .. عفواً .. معتقل بسجن العقرب .. زنزانة رقم " " .. جناح رقم " ".