رسالة من معتقل : زوجات المعتقلين ضربن أروع الأمثلة في الصبر والصمود
نص الرسالة
لا اكتب لكي وحدك ولكنى اكتب لكل من كافحت مثلك وكل من صبرت على غياب الزوج والأولاد واكتب لكل امرأة غاب زوجها أو ابنها عنها في السجن وهو يعلم أن هناك من مليء مكانه ليعوض غياب الأب والابن فأنتم الاثنين معا.

ولكني اكتب يا من أحببت نظرتها خلف القضبان وأنت أعلم حجم ما تعاني ولكنها تظهر عكس ما بها من آلام ولكنى اكتب ولكل امرأة سترت زوجها وسترت بيته حين غاب وهي تموت عليه شوقا واكتب لكل امرأة بعدما غاب الزوج قالت لأولادها علي درب أبيكم فسيروا وهي تعلم أن المصير إلي جنة الخلد أو إلي سجن الطغاة..اليكي أكتب ولكل امرأة لبست ثوب صفات الرجال وخرجت تقف في وجه الطغاة لا تبالي بقتل أو سجن أو إهانة فإنها لله باعت منذ أن قالت الله غايتنا والرسول قدوتنا والموت في سبيل الله أسمي أمانينا.

اكتب لكي ولكل امرأة وقفت بباب السجن لتسجل زيارة لزوجها خلف القضبان كم من مرة سمعت المهانة وكم من مرة سمعت الإشاعة وكم من الساعات تقضي على قدميك في انتظار أن يسمح الظالم لك بزيارة المظلوم.

كم عانيت ولكنكِ حين دخلتِ في الزيارة كأنك قمت لتوكِ من مراسم العرس تملؤكِ ابتسامة ويفيض منكِ الحنان ، أرادوا أن يقتلوا ابتسامتك ويقتلوا إرادتك لكنكِ كنتِ أقوي من الجميع من السجان والمسجون ومن كل من أرد لكِ أن تفهمي أنكِ مخلوق ضعيف. لله درك ما كنت أظنكِ حين عرفتكِ أن بكِ من القوة مالا يستطيعه الرجال.

كم مشيتِ من مسيرة؟ كم وقفتِ من سلسلة ؟ كم دخل إلى رئتيكِ من دخان المسيل للدموع؟ كل الرجال كانت تجري ولكنكِ وكل أشباهك وقفتن في وجه الطغاة لم تأبهوا للرصاص ولا التهديد ولا الوعيد وحين أرادوا بكِ كيدا كان كيد الله فوق كيد المعتدي فكيف ينالوا منك ؟.

والله يعجب من صبركِ فما عدت أعرف من الأقوى أنت أم كل الرجال. كم كنتِ في بيتك ملاك زوجة وأم وطاهية ومربية ومدبرة. كم كنت حنونة عطوفة رشيقة نظيفة جميلة يفوح العطر منكِ كأنكِ فواحة. وكم كنت صوامة قوامة حافظة محفظة صابرة صامدة مرابطة وكم كنت دعوة وداعية وراعية ومبشرة ومنذرة ومحذرة.

كم كانت تحوطنا رعايتك وعنايتك ودرايتك ودعائك ؟ كم رأيتك في الليل تقومينه لله ثم تقومينه للأولاد وتغطيهم صيفا وشتاءا بردا وحرا ؟
كم كني تنظرين إليهم لتسأليهم حاجاتهم من مأكل ومشرب ودواء وكساء؟

كم كنت أري الحنان والعطف والرضا في عينيك وفي عين الأولاد ؟

كم سألتيني وسألتيهم ماذا تريد أن تأكد اليوم ؟ فأقول لكِ أي شيء تحبينه. فيجيء الرد أنا أحب من الطعام ما تحبون.

وأراكي تأكلين ما زاد من الطعام وكم من مرة طلبت منكِ ألا تقسمي حظك من الطعام بين الأولاد فتهزي رأسك بالرضا وحين تغيب عنكِ عيني تسرعي بخلط نصيبك بنصيب الأولاد وهم يروكِ ويحرجوكِ مش عايزين.

يا معشر نساء الإخوان بالله عليكن أجيبوا هل أنت من طين هذا البشر أم أنتن ملائكة هبة من الرحمن عوضا لنا عن ظلم الطغاة.فالله أدعو أن يجمعني بكي في الدنيا والآخرة على رأس الحور العين.فالله أشد أني ما قصرتي ولا فرطتي ولا أرض عنك بديلا وإن كانت ملاكا فأنت تجمعين بين الاثنين ، فأنت بشر وملاك.

فالله أدعو لكِ أن يفديكِ ويحميكِ ونخرج من رحم المحنة سعداء حافظين ذاكرين لدعوة الله متحركين بها بين البشر ، حاملين معاول هدم أصنام الظلم وأزلام الطغاة.

فالله الله عليكِ زوجة الإخوان سأزود عنك وأحميك وإن فاضت روحي فهي لك فداء ومكانك بين الضلوع وفي صميم القلب وإن كان القلب صغير فأنت لا تسعك كل القلوب ولكني أعلمك رفيقة دربي وأم أولادي وأمي ، إني أحبك وما أري اللفظ يعبر عما في صدري تجاهك ولكني أري الرجال يقولون هكذا أحبك فأنت بنت دعوة الإخوان أخت سمية وحبيبة أخت بلال فاصبري لله درك فإني أري النور بين يديك وفي صبرك فالله أقسم الخلافة قادمة قادمة قادمة يا بنت دعوة الإخوان.