قبل حوالي 10 أيام من النطق بالحكم في قضية مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم والمتهم فيها رجل الأعمال المصري هشام طلعت مصطفى وضابط الشرطة السابق محسن السكري، أرسل المستشار محمد حلمى قنديل، المحامى العام الأول لنيابات وسط القاهرة ، إلى الدكتور على جمعة، مفتى الديار المصرية يطلب منه تحريز رأيه فى إعدام المتهمين، داخل مظروف مغلق حتى يتم توصيله ضمن الملف إلى هيئة المحكمة التى تنظر القضية برئاسة المستشار المحمدى قنصوة دون أن يطلع عليه أحد.

ونقلت صحيفة "المصري اليوم" عن مصادر بدار الافتاء قولها أنه لم يتضح بعد ما إذا كان طلب النيابة بتحريز رأى المفتى جاء بناء على طلب من رئيس المحكمة أم لا، مشيرة إلى أن رأى المفتى تتم كتابته وإرفاقه فى ملفات جميع القضايا المشابهة دون تحريز.

كانت محكمة جنايات القاهرة قد قررت إحالة القضية إلى المفتى، لإبداء الرأى الشرعى فى إعدام طلعت والسكرى، وتسلمت نيابة وسط القاهرة الملف وأرسلته إلى دار الإفتاء.

وحسب المصادر فمن المقرر أن يرفق المفتى رأيه فى القضية محرزا، قبل أن يعيد الملف مرة أخرى إلى النيابة لإرساله إلى هيئة المحكمة، قبل جلسة النطق بالحكم المقررة يوم 25 يونيو/حزيران المقبل.

وكانت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار المحمدي قنصوه قضت الخميس 21 مايو/ آيار الماضي بإعدام. السكري، وهشام طلعت بعد ادانتهما بقتل سوزان تميم  بدبي في ‏28‏ يوليو/ تموز الماضي.

وأعلن القاضي إحالة أوراق المتهمين للمفتي للحصول على موافقته على حكم الاعدام، طبقا لما يقضي به القانون. كما حددت المحكمة جلسة 25 يونيو/حزيران 2009 للنطق بالحكم النهائى بحقهما، وذلك بعد ورود الرأى الشرعى لفضيلة المفتى.

وتعود أحداث القضية إلى تاريخ 28 يوليو/ تموز2008 عندما تم العثور على المطربة اللبنانية سوزان تميم مقتولة في شقتها في دبي.

واعترف السكري، وهو ضابط سابق في جهاز أمن الدولة المصري، اثر القبض عليه في أغسطس/آب 2008 في القاهرة بأن هشام طلعت مصطفى حرضه على قتل سوزان تميم، إلا أنه تراجع عن اعترافاته في بداية المحاكمة.

أوراق هشام والسكري بدار الإفتاء

 
  على جمعة    

تمر أوراق قضايا الإعدام عادة بعدة مراحل أولها الإحالة إلي المفتي بالكامل شاملة جميع الأوراق والحكم، وهذه الإحالة إحالة وجوبية بحيث لا يمكن لحكم بالإعدام أن يصدر قبل العرض علي المفتي وذلك تنفيذاً لنص المادة 381 من قانون الإجراءات.

يفحص المفتي القضية المحالة إليه من محكمة الجنايات، ويدرس الأوراق منذ بدايتها، فإذا وجد فيها دليلاً شرعياً ينتهي حتماً ودون شك بالمتهم إلي الإعدام وفقاً للشريعة الإسلامية أفتي بهذا الذي قامت عليه الأدلة، أما إذا خرج ما تحمله الأوراق عن هذا النطاق، كان الإعمال للحديث الوارد عن النبي صلي الله عليه وسلم عن عائشة وعمر بن الخطاب وابن مسعود وعلي رضي الله تعالي عنهم والذي صار قاعدة فقهية في قضايا الجنايات لدي فقهاء المسلمين وهو الحديث الذي يقول: "لأن يخطئ الإمام في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة".

والعمل بهذا الحديث يتسق مع سياق أن القرآن حرم قتل النفس الإنسانية بغير حق، فوجب التحقيق من واقع الجريمة وتكييفها وقيام الدليل الشرعي علي اقتراف المتهم لها حتي يقتص منه.

ويقوم المفتي بعد ذلك بمرحلة التكييف الشرعي والقانوني بمعاونة هيئة مكونة من ثلاثة من المستشارين من رؤساء محاكم الاستئناف، تكون مهمتهم دراسة ملف القضية، لبيان ما إذا كان الجرم الذي اقترفه المتهم يستوجب عقوبة القصاص حداً أو تعذيراً أو قصاصاً أولا،

ونظراً لخطورة ملف قضية الإعدام المتهم فيها هشام طلعت والسكري فإن المستشارين يقومون بدراسة ملف القضية دون نسخ أي ورقة من أوراق القضية، ويكتب التقرير الخاص بها داخل مقر دار الإفتاء المصرية، ولا تخرج أي ورقة متعلقة بالقضية خارج مقر دار الإفتاء نظراً للسرية التامة المحاطة بالقضية،

ثم يعرض المستشارون القضية علي الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي النهائي من دار الإفتاء فيها.

ويتولي المفتي مراحل التأمين من التسلم إلي التسليم، فتسلم القضية بواسطة مندوب المحكمة ومعه خطاب رسمي موقع عليه من رئيس المحكمة أو المحامي العام يفيد تسليم القضية وتاريخ الجلسة التي سوف ينطق فيها بالحكم النهائي ويكون الخطاب موجهاً لفضيلة المفتي ويؤمن المفتي إجراء قيام الموظف بدار الإفتاء المصرية بتسلم القضية من مندوب المحكمة،

وذلك بعد مراجعتها والتأكد من كمال أوراقها وسلامتها، وفي حالة وجود أي خلل في أوراق القضية يتم رفض تسلمها، لتعاد بالكامل إلي المحكمة حتي يتم استيفاء الأوراق الناقصة ثم إعادتها مرة أخري لدار الإفتاء المصرية التي تتضمن محاضر الشرطة وتحقيقات النيابة وأمر الإحالة وقائمة بأدلة الثبوت ومحضر الجلسة وتقرير الطب الشرعي والمعمل الفني ومذكرة محكمة النقض في حالة إعادة القضية منها.

وبعد تسلم ملف القضية يتم تحديد موعد تسليم القضية إلي الجهة الواردة منها وذلك قبل موعد جلسة النطق بالحكم بيومين أو ثلاثة أيام علي الأكثر للحفاظ علي سرية ما أفتي به المفتي، والذي يحظر التصريح لأي جهة إعلامية أو سيادية. ويتسلم مندوب المحكمة من دار الإفتاء القضية وبموعد محدد.

ويضع المفتي القضية كاملة في خزانة دار الإفتاء ولا تخرج إلا عند حضور السيد المستشار ثم يوقع المفتي التوقيع النهائي علي القضية بخاتمه وخاتم الجمهورية ليحفظ التقرير بتراث دار الإفتاء حول قضايا الإعدام.

ويؤمن أخيراً فضيلة المفتي القضية والتقرير حتي يأتي مندوب المحكمة لتسلمها، وللمفتي وفقاً للقانون أن يقوم بتسليم القضية للسيد المستشار رئيس المحكمة في مقر المحكمة بصورة رسمية إذا شك في تسريب معلوماتها.

محيط