لم تصمد حكومة الانقلاب طويلا أمام ضغوط شركات الأدوية، وأصدرت قرار يوم الثلاثاء الماضي برفع أسعار عشرات الأصناف من الأدوية بنسب تصل إلى 50% على الرغم من تأكيدها المتكرر بعدم زيادة أسعار الأدوية مجددا.
وهذه هي المرة الثالثة التي تتخذ فيها حكومة الانقلاب العسكري قرارا برفع أسعار عشرات الأدوية خلال عام واحد تقريبا، حيث تم رفع الأسعار في مايو 2016 ثم في يناير 2017.
وأعلنت وزارة الصحة بحكومة السيسي الانقلابية يوم الثلاثاء موافقتها على رفع أسعار 30 صنفا دوائيا ناقصا من السوق المصرية لعلاج الأمراض المزمنة ومن بينها أدوية السكر والضغط والقلب والمخ والأعصاب.
في صالح المواطن؟!
وبررت حكومة الانقلاب الفاشلة هذا القرار بأنه في صالح المواطن المصري، موضحة أن شركات الأدوية أحجمت عن طرح منتجاتها في السوق المصري بسبب تدني أسعارها وتكبدها خسائر جراء ذلك، وأن رفع الأسعار سيشجعها على إعادة تلك الأدوية إلى الأسواق والقضاء على أزمة نقص عشرات الأصناف والتي تؤثر على حياة ملايين الأشخاص.
وأعلنت رئيسة الإدارة المركزية لشؤون الصيدلة بوزارة الصحة رشا زيادة، في بيان لها، أن الزيادة تمت للأدوية التي تقول الشركات الأجنبية إنها تسبب لها خسائر لأن تكلفة إنتاجها أصبحت أعلى من سعر بيعها ما يجعل تلك الشركات غير قادرة على توفيرها للمرضى.
وأوضحت أن قرار الزيادة تم بناء على دراسة أعدتها لجنة تسعير الأدوية بالوزارة، مؤكدة أن الوزارة لا تنوى رفع أسعار الأدوية بشكل موسع كما حدث في المرتين السابقتين على الرغم من تلقيها عشرات الطلبات بذلك.
وأشارت إلى أن التوجه إلى زيادة الأسعار جاء كإجراء استثنائي لضمان توفير الأدوية للمرضى، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من الإجراءات السريعة لتوفير جميع النواقص من الأدوية سواء المحلية أو
المستوردة.
أمر متوقع
وفي تعليقه على هذا القرار، قال المركز المصري للحق في الدواء أن زيادة أسعار الأدوية كان أمرا متوقع، لافتا إلى أن الحكومة فشلت في الحصول على تعهد مكتوب من شركات الأدوية في كانون الثاني/ يناير 2017 حينما رفعت أسعار 3010 صنفا دوائيا مقابل توفير النواقص في الأسواق وعدم طلب رفع الأسعار مجددا.
وأوضح المركز في بيان له، الخميس، تلقت "عربي21" نسخة منه، أن الشركات تضغط على الحكومة منذ ثلاثة أشهر تقريبا لزيادة الأدوية حيث قامت بتقليل إنتاجها حتى تجبر الوزارة على رفع الأسعار، وبدلا من التعامل بقوة مع هذا التصرف وتنبيه الشركات بأن هناك اتفاقا قبل عام بإنتاج كل الأدوية غير المتوفرة، رضخت الوزارة للشركات ورفعت الأسعار.
وقال مدير المركز محمود فؤاد إن التضحية بالمريض المصرى وتقديم مصالح الشركات أصبحت سياسة ثابتة لوزارة الصحة التي لا تمتلك أي خطط واضحة أو رؤية ثابتة لملف الدواء منذ عامين، حيث ظهرت لأول مرة في مصر طوابير الحصول على الدواء فى مشهد يدلل على العجز الحكومي.
وحذر المركز من أن هذا القرار قد يدفع بشركات أخرى لتقليل إنتاجها لزيادة أسعار منتجاتها.
الزيادات لم تتوقف منذ عامين
وكشف نقيب الصيادلة محي الدين عبيد أن الحكومة اتجهت في الفترة الأخيرة إلى طريقة جديدة في زيادة أسعار الدواء حيث أصبحت هذه الزيادة تحدث بصورة مستمرة لكن دون الإعلان عنها حتى تتجنب غضب المواطنين.
وأوضح عبيد، في بيان له الخميس، أن لجنة تسعير الأدوية بوزارة الصحة تجتمع بشكل دوري وتوافق على الزيادات دون أن تصدرها في منشور واحد، لكن ما حدث هذه المرة أن شخصا سرب خبر زيادة أسعار 30 صنفا دوائيا وهو ما تسبب في إثارة الرأي العام.
وأكد نقيب الصيادلة أن نفي وزير الصحة زيادة الأسعار خلال الفترة المقبلة هي تصريحات سياسية لتهدئة الأوضاع في الشارع، لكن الواقع أن أن زيادة الأسعار لم تتوقف طوال العامين الأخيرين استجابة لضغوط شركات الأدوية.