في الوقت الذي تروج فيه وسائل الإعلام المصرية التابعة للانقلاب بمختلف أشكالها لإنجازات زعيم عصابة الانقلاب عبد الفتاح السيسي في إطار حملة دعائية لدعم ترشحه لفترة رئاسية ثانية، أكدت تقارير اقتصادية دولية أن مصر غير قادرة علي سداد ديونها الخارجية خلال عام 2018، وطبقا لوكالة "بلومبيرغ" الاقتصادية، فإن ديون مصر ارتفعت من 55.8 مليار دولار عام 2016 إلى 79 مليار دولار بنهاية يونيو2017. ورغم أن مصر تمكنت من تعزيز احتياطاتها؛ إلا أنه يتوجب عليها سداد ما يقرب من 14 مليار دولار خلال عام 2018 وهي عبارة عن أقساط ديون وفوائد مترتبة عليها.


يأتي هذا في الوقت الذي كشف فيه التقرير السنوي للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الذى صدر قبل يومين أن معدلات التضخم في مصر وصلت إلى 30.7% خلال عام 2017 مقارنة بما كانت عليه في 2016، بزيادة قدرها 22.13%، كما ارتفعت أسعار الطعام بنسبة 25.3% عما كانت عليه عام 2016، ويتزامن ذلك مع إعلان وكالة رويترز لاستطلاع أجرته عن توقعاتها لمعدلات النمو في مصر خلال 2018 انتهت فيه إلى أن الاقتصاد المصري سينمو بنسبة 4.4% خلال السنة المالية الحالية، بما يقل كثيراً عن تقديرات الحكومة المصرية الانقلابية التي أعلنت أن معدلات النمو سوف تصل إلى 5.25%، كما أنه يقل عن تقديرات صندوق النقد الدولي الذي توقع كأن يصل معدل النمو إلى 4.5%.

 

هذا التضارب الواضح بين إنجازات السيسي الوهمية؛ والأرقام والتقارير الدولية والمحلية عن حالة الاقتصاد في مصر، أدت إلى حالة من الغضب لدى مختلف شرائح الشعب، خاصة أن كثيرا من المشروعات التي يتم الإعلان عنها تم افتتاحها أكثر من مرة، أو أنها عبارة عن مشروعات تكميلية أو تجديدات لمشروعات موجودة وليست مشروعات جديدة، بالإضافة إلى أن معظمها خاص بالقوات المسلحة، وبالتالي لا تمثل عائدا إضافيا للاقتصاد القومي، من حيث توفير فرص عمل أو المساعدة في خفض الأسعار.


وطبقا لمواطنين مصريين" فإنهم لم يشعروا بهذه الإنجازات، مبدين استغرابهم من وجود زيادة في الأسعار مع كل إنجازات يتم الإعلان عنها، والتي كان آخرها ارتفاع تذاكر مترو الأنفاق، حيث أكد درويش عمر (بائع خضروات) أنه لم يشعر بالإنجازات التي يتم الإعلان عنها، فالأسعار على حد تعبيره ركبت القطار السريع الذى لا يتوقف، موضحا أنه يرصد حالة الناس من كميات الخضروات التي يشترونها منه، فبعد أن كان يبيع الخضروات والفاكهة بالكيلوغرام أصبح الزبائن يشترونها بالقطعة، وحسب الفرز، بما يعنى أن الخضار الصحيح بسعر، والذي به عيوب بسعر آخر، وهي الطريقة التي لجأوا إليها حتى يلبوا رغبات كل الطبقات، ويشتكي الصيدلي علاء عبد الحميد لـ"عربى21" من الارتفاع الجنوني في أسعار الأدوية سواء المحلية أو المستوردة، وهو ما أدى إلى تراجع معدلات البيع بشكل كبير، وقال: "أقل روشتة للطبيب الآن ربما تكلف المريض أكثر من 500 جنيه مصري" (حوالي 30 دولارا أمريكيا) بحسب تقرير بثه موقع عربي 21.


وفي لهجة ساخرة علق الدكتور حازم حسني أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة قائلا: "إن إنجازات السيسي لا تحتاج لعدسات مقربة لكي نراها"، موضحا لـ "عربى21" أن تقييم إنجازات أي رئيس تحتاج أولا لتحديد ما هو المطلوب إنجازه من هذا الرئيس، والذي لا يجب أن يكون عبارة عن رجل مقاولات وهي الوظيفة التي يجيدها السيسي حاليا بل وأعلن عنها عندما قال بشكل واضح: "وفروا لي الأموال وسترون الإنجازات"، مشيرا إلى أن هذا منطق رئيس مجلس إدارة شركة مقاولات أو شركة توريدات وليس منطق رئيس دولة، لأن أي شركة مقاولات يمكنها أن تنجز ما هو أفضل بكثير مما أنجزه السيسي في دنيا المقاولات إذا ما توفرت لها الأموال ولو بقدر أقل مما تتوفر للسيسي الذي أغرق مصر في دوامة الديون والتضخم من أجل الحصول عليها.

 

وأضاف حسني أن السيسي خالف القسم الدستوري بضمان سلامة أراضي الوطن عندما شق تفريعة قناة السويس لخدمة دولة الإمارات، وعندما تنازل عن تيران وصنافير لصالح السعودية، مشيرا إلى أن ما يتم الإعلان عنه من مشروعات العاصمة الإدارية الجديدة أو تجمعات سكنية أو طرق جديدة هو عبارة عن وهم في شكل إنجازات أفقرت الشعب المصري، وأدخلته في دوامة العوز والحاجة، ما جعلها في النهاية شبه دولة كما أعلن السيسي صراحة في أكثر من تصريح له، ووصف حسني الحملات التي يقوم بها أنصار السيسي بأنها خطة "بروباغندا" النظام لتغييب عقل وضمير الشعب "بدون احتشام".