يا شعب مصر العظيم..
آثرنا أن نخاطبك قبل أن تظهر النتائج؛ لكي نقدم لك جزيل الشكر والتقدير على موقفك في صناعة يوم تاريخي ولحظة فاصلة في حياتنا جميعًا كمصريين، بالإقبال الشديد غير المسبوق والمنقطع النظير في تاريخ مصر كله.
إنك بذلك إنما تصنع مستقبلاً زاهرًا لك ولأجيالك، في ظلال الحرية والكرامة والسيادة والديمقراطية والعدالة والنهضة، التي سيكرمنا بها جميعًا رب العزة صاحب الفضل، كما أكرمنا بثورتنا المباركة، والتي لا فضل لأحد فيها علينا غيره.
وإننا ونحن نقدم لك هذا الشكر إنما نقدمه لك على هذا الأداء الحضاري المتميز، والإدلاء بصوتك في هذه الانتخابات، بغضِّ النظر عن النتيجة؛ لأننا نحترم إرادتك ونرضى باختيارك، أيًّا كان؛ لأن هذا مقتضى الديمقراطية التي ندعو إليها ونلتزم بها.
كما نتقدم بالشكر إلى كل من أسهم في إنجاح العملية الانتخابية، إدارةً وتأمينًا.
إن المشهد الذي تجلَّى في الحشود المتدفِّقة على لجان الانتخابات، أمس واليوم، له دلالات كبيرة:
- أن الحرية هي الحياة، وأنها تفجِّر في الإنسان أنبلَ وأعظمَ ما به من خصائص وخصال.
- وأن الديكتاتورية تدفن هذه الخصال وتطلق في الإنسان أسوأ غرائزه.
- أن الشعب المصري ليس شعبًا خانعًا ولا سلبيًّا، مثلما كان يُشيْعه الأفاكون، ولكنه شعبٌ إيجابيٌّ حرٌّ واعٍ كريمٌ.
- أنه انتصر في ثورة 25 يناير، وكسر حاجز الخوف، وقدَّم التضحيات الغالية من الأرواح والدماء.
- وأنه انتصر أيضًا في 28 و29 نوفمبر على حملات الإرهاب والتخويف والتفزيع التي أشاعها عدد من الإعلاميين والسياسيين والمثقفين؛ بأن الدماء سوف تسيل للركب، وأن التزوير لن تكون له حدود، وأثبت بملايينه- التي وقفت في طوابير طويلة لساعات كثيرة وتحت المطر في بعض المحافظات- أن فلسفة بعض الإعلاميين والسياسيين وتحليلاتهم المغرضة؛ إنما هي ثرثرة فارغة ومضيعة للوقت وإثارة للجدل.
- أن قرار إجراء الانتخابات في موعدها كان هو القرار الصحيح، وهو ما كنا نطالب به دائمًا.
- أن مطالب ميدان التحرير العليا وأهداف المعتصمين فيه إنما تتحقَّق بصناديق الاقتراع، والإسراع على طريق المسيرة الديمقراطية؛ ليتسنَّى نقل السلطة من المجلس العسكري إلى السلطة المدنية المنتخبة.
وبقدر سعادتنا بالحدث الديمقراطي العظيم، كان أسفنا للحملات الإعلامية الظالمة التي وُجِّهت لنا قبل الانتخابات وأثناءها، ولا نعتقد أنها ستتوقف بعد الانتخابات، والتي وصفتها مجلة "فورين بوليسي" منذ أيام بقولها: "إن هناك حالة هياج سياسي في الإعلام المصري ضد جماعة الإخوان المسلمين"، ودعوتنا لإخواننا المصريين ألا يتأثروا بهذه الدعاية المغرضة، وأن يعرضوا الأخبار والآراء على عقولهم وقلوبهم؛ فنحن نثق في ذكائكم، واستقامة فطرتكم، ومعرفتكم بالحقائق التي تكشف الأكاذيب.. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ ولَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الوَالِدَيْنِ والأَقْرَبِينَ) (المائدة: من الآية 11).
الإخوان المسلمون
القاهرة في: 4 من المحرم 1433 هـ= الموافق 29 من نوفمبر 2011م