عقد السلطان محمد الفاتح اجتماعا ضم مستشاريه و كبار قواده بالإضافة إلى الشيوخ و العلماء؛ و قد طلب من الجميع الإدلاء بآرائهم بكل صراحة، دون تردد ـ خاصة ـ بعد اليأس من تسليم القسطنطينية صلحا؛ مما دفع السلطان محمد الفاتح إلى الهجوم، وخصوصا القصف المدفعي على المدينة؛ حتى أن المدفع الضخم الذي صممه المهندس المجري "أوربان" و قد ذُكر أن وزنه كان يصل إلى مئات الأطنان، و أنه يحتاج إلى مئات الثيران القوية لتحريكه، هذا المدفع انفجر من كثرة الاستخدام، و قتل المشتغلين له و على رأسهم أوربان.
فأشار بعضهم على السلطان بالانسحاب، و منهم الوزير خليل باشا، الذي دعا إلى الانسحاب و عدم إراقة الدماء، و التحذير من غضب أوروبا النصرانية فيما لو استولى المسلمون على المدينة، إلى غير ذلك من المبررات التي طرحها، و كان متهما بمواطأة البيزنطيين ومحاولة التخذيل عنهم.
بينما قام بعض الحضور بتشجيع السلطان على مواصلة الهجوم حتى الفتح، و استهان بأوروبا و قواتها، كما أشار إلى تحمس الجند لإتمام الفتح و ما في التراجع من تحطيم لمعنوياتهم الجهادية، و كان من هؤلاء أحد القواد الشجعان و يدعى "زوغنوش باشا" و هو من أصل ألباني، كان نصرانيا فأسلم.
و ما أن سأله السلطان الفاتح عن رأيه؛ حتى استوفز في قعدته، و صاح: ( حاشا و كلا أيها السلطان؛ انا لا أقبل أبدا ما قال خليل باشا؛ فما أتينا هنا إلا لنموت، لا لنرجع ) و أحدث هذا الاستهلال وقعا عميقا في نفوس الحاضرين، و خيم السكون على المجلس لحظة.
ثم واصل زوغنوش باشا كلامه فقال: ( إن خليل باشا أراد بما قاله أن يخمد فيكم نار الحمية، و يقتل الشجاعة، و لكنه لن يبوء إلا بالخيبة و الخسران )، ثم هوَّن من شأن القوات الأوروبية على السلطان.
ثم قال: ( يا صاحب السلطنة، أما و قد سألتني رأيي، فلأعلنها كلمة صريحة، يجب أن تكون قوتنا كالصخر، و يجب أن نواصل الحرب دون أن يظهر علينا أقل ضعف أو خور؛ لقد بدأنا أمراً؛ فواجبٌ علينا أن نتمه، و يجب أن نزيد هجماتنا قوة و شدة، و نفتح ثغرات جديدة، و ننقض على العدو بشجاعة؛ لا أعرف غير هذا، ولا أستطيع أن أقول شيئا غير هذا).
و سرت الحمية و الحماس في جميع الحاضرين، و ابتهج السلطان الفاتح و استبشر؛ و كان الفتح الأعظم.
و صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( لتفتحن القسطنطينية؛ فلنعم الأمير أميرها، و لنعم الجيش ذلك الجيش ) رواه احمد في مسنده.
هذا المشهد النضالي الحاسم، أحببت استدعاءه لكل مَنْ يشارك في الحراك الثوري؛ ليعلم أن النصر مع الصبر، و أنه ربما ضاقت الأمور و استحكمت حلقاتها و عند الله منها المخرج، و أنه مهما كانت قوة الانقلاب المادية فلن تغني عنهم من قوة الثورة شيئا؛ إذ القوة الحقة تكمن في الإيمان بالحق و بالقضية الني نحملها، و أنها قضيتنا نحن لا غيرنا، و إن هي إلا اختبار القدرة على الكفاح في سبيل استرداده؛ تأهيلا لما علينا القيام به ـ إن شاء الله ـ من أمور جسام.
أما عن تلامذة خليل باشا سابقا و أمثاله حاليا من الكلاب التي يطلقها علينا الانقلاب من المؤسسة العسكرية و الأجهزة الأمنية و الإعلام الرسمي و الخاص و شبكة المصالح المرتبطة بالنظام الفاسد البائد المتحكم بالسياسة و الدعم المادي الإقليمي و الخارجي، فما كان لهؤلاء جميعا أن ينالوا منا؛ لأن الإيمان الصادق و العزيمة الماضية كالسيف القاطع.
و مهما كان قدر ما نبذله من طاقة ـ و لو بدت قليلة في أعينهم ـ ستأتي ـ بإذن الله ـ بما تعجز عنه ماكيناتهم و إمكانياتهم الجبارة؛ و لعل جملة واحدة من خلال هاشتاج أو أسطوانة مدمجة لا تزيد سعتها عن 700 ميجا أصدق مثال على ذلك؛ إذ أصابت سمعتهم و جهودهم و نفوسهم في مقتل، بل كانا زلزلا بدرجة 100رختر؛ ضرب الانقلاب فصدعه من رأسه حتى ذيله.
و بغباء مستحكم يتساءلون كيف هذا؟
و لا أبخل عليهم بالإجابة؛ فأسوق لهم قصة الأرنب و الكلب؛ لعلهم يتفكرون أو يعقلون ثم ينتهون.
( حكوا أن كلب الصياد لاحق يوما أرنباً فعجز عنه و لم يستطع إدراكه؛ فسأل الكلبُ الأرنبَ: كيف تسبقني و أنا أقوى منك و أسرع؟!!!
فأجابه الأرنب: لأني أعدو لحسابي، و تعدو لحساب صاحبك).
أفلا تعقلون؟!!!
و سوف تعلم إذا انجلي الغبار *** أتحتك فرس أم حمار؟