شعبان عبدالرحمن*
سبحان الله.. لِصَوْلجان الحكم بريقه وسكرته، لكني لم أكن أتصور أن التشبث به بهذه الصورة الجنونية التي تحوّل صاحبه إلى فاجر زنديق، يتحدى الله ليل نهار ويسبّ دينه، بل ويسبّ الله (حاشا لله)، ويقهر الذين سقطوا في محرقته الجهنمية على سبِّه سبحانه وتعالى.. ليس ذلك فحسب، فقد نصّب «بشار الأسد» وشقيقه «ماهر» أنفسهما إلهين من دون الله.. ألم يتابع العالم الصور الواردة من داخل مسالخ النظام وزبانيته وهم يجبرون المعتقلين على الركوع لصور «بشار»؟! وقد تابع العالم صورة طفل أجبروه على الركوع للصورة المشينة وقد ركع، لكنه عندما اقترب منها بصق عليها.. والآن، لا يعرف أحد إلا الله تعالى أين هو الآن!!
وتابع العالم عمليات التعذيب لمعتقلٍ وإجباره على القول: «لا إله إلا بشار».. كما شاهد على «اليوتيوب» فرقة من الزبانية تحيط بضابط منشق وهم يتبادلون عليه التعذيب تمهيداً لذبحه، وهم يقولون له وهو يردد وراءهم من شدة التعذيب: «لا إله إلا بشار الأسد.. لا إله إلا ماهر الأسد» (شُلت ألسنتهم ولُعنوا بما قالوا).
http://www.youtube.com/watch?v=Kr6jG7fIuvs&skipcontrinter=1
http://www.youtube.com/watch?v=o7trncJchBY
http://www.youtube.com/watch?v=gBnQEPECz2E&feature=related
إن المجزرة الوحشية الدائرة في شوارع سورية بآلة الجيش الحربية وآلة الشبيحة المجرمة تُقدِّم للعالم خلاصة عهد «البعث» في سورية، وخلاصة فكره ومعتقده الذي يلخّصه شاعرهم الكفور:
آمنت بالبعـــث إلهاً لا شريـك له وبالعروبة ديناً ما له ثان
كما أن أنهار الدماء التي تغرق فيها سورية على مدار الساعة، والتي حصدت ما يقرب من الثلاثة آلاف شهيد وعشرات الآلاف من المعتقلين والمفقودين، تلخّص حال سورية المسجونة والمقهورة والمستعبَدة تحت حكم الطائفة العلوية النصيرية (5% من الشعب)، كما يجسد ذلك إلى أي حال بلغ الكبر والفرعنة والزندقة بتلك الطائفة التي نسيت أن للكون إلهاً، وهي حال تقدِّم - في نفس الوقت - خلاصة مسيرة هذا الحكم العائلي الذي نصَّب نفسه إلهاً من دون الله، بعد أن دارت سكرة الحكم برأسه حتى الثمالة، فلم يعد يرى إلا نفسه، وكفر بخالق الكون، بينما يطوف حوله جنود «إبليس» من الزبانية والأفّاقين وهم يقدسونه ويمجدونه، ولسان حالهم ينطق بقول شاعرهم الزنديق:
شِئْ أنت لا ما شاءت الأقدار احكـــم فـأنت الواحـــد القهار
إن مجزرة «الأسد الابن» اليوم لا تختلف عن مجزرة «الأسد الأب» بالأمس القريب.. فهي هي في قسوتها وفجورها ودمويتها واحتقارها لحياة الإنسان.. وسجلات التاريخ لا تخطئ، فهي خير شاهد على أن «الأسد الأب» منذ أن استولى على السلطة عام 1970م، حكم البلاد بالأحكام العرفية وبالحديد والنار، وكانت المجازر الجماعية وإبادة معارضيه من أبناء الشعب السوري العريق «سياسة دولة ومنهج حكم»!!
وما مجزرة «تدمر» الكبرى التي اقترفها «رفعت» شقيق «حافظ الأسد» في 27/6/1980م منا ببعيد، ولن ينساها التاريخ، كما أن مجزرة «جسر الشغور» في 10/3/1980م ليست بخافية.
ولم ينسَ التاريخ مدينة «حماة» قديماً وحديثاً، فقد ذاقت من المجازر ألواناً.. أولاها استمرت أسبوعاً (5 - 12/4/1980م)، حيث اقتحمت قوات «الأسد الأب» المدينة بفرقة مدرعة من كتيبتين من الوحدات الخاصة، قطعت المدينة عن العالم الخارجي، كما قطعت عنها الماء والكهرباء، وفتشتها بيتاً بيتاً مع الضرب والنهب، وقتلت عدداً من أعيان المدينة وشخصياتها، كما اعتقلت المئات، وأدت المجزرة إلى استشهاد المئات من أبناء المدينة.. ويبدو أن تلك المجزرة لم تروِ ظمأ «الأسد الأب»؛ فكررها بعد عامين، ولكن بصورة أوسع وأكثر وحشية، حيث استمرت شهراً كاملاً (فبراير عام 1982م).
وتقول سجلات التاريخ: إن نظام «الأسد» وجّه كلاً من: «اللواء 142 من سرايا الدفاع»، و«اللواء 47 دبابات»، و«اللواء 21 ميكانيكي»، و«الفوج 41 إنزال جوي» (قوات خاصة)، و«اللواء 138 سرايا الدفاع»، فضلاً عن قوات القمع من مخابرات وأمن دولة وأمن سياسي، وفصائل حزبية مسلحة، وأعملت بالمدينة قصفاً وهدماً وحرقاً ورجماً وإبادة جماعية طوال الشهر المذكور، حتى قُتل فيها ما يزيد على 30 ألفاً من سكانها.
ولم يراعِ النظام الدموي حرمة لعيد ولا حرمة لطفل، فتوجهت جحافله صبيحة عيد الفطر في 11/8/1980م إلى «حي المشارقة» بمدينة حلب لتحوله إلى مقبرة، بعد أن قتلت حوالي مائة مواطن، ودفنتهم الجرافات، وكان بعضهم مازال جريحاً لم يُفارق الحياة، لكن الجرافات دفنته حياً!!
إن مجازر اليوم تسير على خُطى مجازر الأمس في كل شيء، ولم تختلف فيها إلا أسماء الضحايا، وتطوُّر الآلة الإعلامية التي باتت تفضح المجرمين، لكن «الأسد» واحد في كلتا الحالتين.. «أسد عليّ وفي الحروب نعامة..».
هل شاهدتم - يوماً - دبابات ومدفعية وقوات سورية مدججة بأحدث آلة عسكرية على الحدود مع العدو الصهيوني المحتل؟! أين كانت تلك الآلة العسكرية الحديثة؟ كانوا يخبئونها للشعب لإبادته إن تجرّأ وطالب بحقه في الحياة! وجنود «إبليس» في دمشق لا يختلفون عن جنود الشيطان في صنعاء.. فالمدرسة واحدة؛ وهي مدرسة الاستبداد.. والمهنة واحدة؛ وهي إبادة الشعوب.. والهدف واحد؛ وهو حكم الطائفة والعائلة حتى آخر نَفَسٍ في الحياة.. ألم يتعظ هؤلاء مما جرى اليوم لشيطانهم الأكبر في صحراء ليبيا؟!
_________
(*) كاتب مصري- مدير تحرير مجلة المجتمع الكويتية
[email protected]