بقلم شاهين فوزى
من جديد تهب علينا نسمات يناير العطرة لتُعيدنا لأمجد أيام الشعب المصرى فى نضاله للتحرر من نير الفساد والاستبداد ، تحل علينا ذكرى يناير الرابعة وقد مر عام ونصف على الانقلاب العسكرى الدموى .... فأين نحن الآن من الثورة ؟؟؟
باتت ثورة المصريين فى 2011 أثراً بعد عين ، فقد تولى سفاح الانقلاب تشويه رموزها و تدمير مكتسباتها و لا يزال نظامه يعمل جاهداً لمحو آثارها على كل صعيد و فى كل منحى يمس المجتمع المصرى ، فقد اعتمدت وسائل الدعاية السوداء ( الاعلام الحكومى والخاص ) رواية رسمية تفيد بأنه لم يكن هناك ثمة ثورة فى بر مصر !!!! ، وانما هى مؤامرة اخوانية حمساوية لزعزعة الاستقرار الوطنى ، ومنذ 3 يوليو توالت مجازر و محارق وجرائم وبغى و توظيف لكافة أدوات النظام فى اطار حملة مكارثية لتدمير كل ما يمت بصلة ليناير 2011 عبر قضاء يأتمر بأوامر العسكر و عبر أذرع اعلامية رددت الأكاذيب والافتراءات بحق شرفاء الوطن فى وصلات من الصفاقة والانحطاط الصحفى والفضائى تحت الشعار المقيت ( الحرب على الارهاب ).
( صَدَقَ الْخَبِيثُ وَهُوَ كَذُوب )
" لا يوجد شىء يسمى ((النظام)) حتى يسقط ...الجيش والشرطة والاعلام والقضاء يد واحدة فى خدمة الوطن" ..... "سفاح الانقلاب فى منتصف ديسمبر"2014
وللحقيقة فقد صدق وهو كذوب ، ولكنه تناسى أن يسبقهم بأجهزة المخابرات فهم جميعاً يداً واحدة و طبقة سائدة تعبث بمقدرات الوطن وتهدر دم أبنائه لضمان بقاء مصر رهينة لفسادهم واستبدادهم ، ولابأس فى سبيل ذلك أن يصبح نظامهم حليفاً أساسياً علنياً للصهاينة وتابعاً ذليلاً لأنظمة الخليج يتم استخدام عسكره كمعول لهدم ما تبقى من ثورات الربيع العربى .
ثم جاءت تسريبات وزارة الدفاع الفاضحة الأخيرة كى تثبت بالدليل الساطع ما أكدته كل القرائن منذ فبراير2012 مروراً بنكسة يوليو2013 ، ثم أحكام الاعدام الجماعية بالمئات التى تقابلها البراءة لكل المتهمين فى قتل الثوار ( حتى فاجعة ترحيلات أبى زعبل) ، و أخيراً تبرئة المخلوع و العادلى وكبار مجرمى داخليته من قتل شهداء الثورة، و كلها تثبت أن ما يسمونه (( الدولة )) قد اضحت وهماً كبيراً وأن المؤسسات المختلفة تنفيذية وتشريعية واعلامية و قضائية صارت مجرد أدوات رخيصة فى ايدى العسكر والمخابرات ، و أن هؤلاء يحكمون بمنطق العصابة ذات الفروع المتعددة وبالتالى فلا مجال للحديث عن أوهام كإستقلال قضاء أو حرية إعلام أو سلام مجتمعى فالهدف هو استعباد الشعب و نسف الحراك الثورى وفى سبيل ذلك أسفر الحكم العسكرى الغاصب عن وجهه الدموى القمىء بعد أن تخفى وراء أقنعة زائفة طوال ستةِ عقودٍ منصرمة.
كان الانقلاب العسكرى نتاجاً طبيعياً لتخطيط العسكر والمخابرات لاجهاض إنتفاضة يناير الشعبية تحت دعاوى التمسك بدولة القانون و الحفاظ على الأمن القومى، وبات واضحاً أن الثورة قد تم اختراقها منذ اليوم الأول برجال تم منحهم صفة الثورية بينما هم مجرد أدوات بائسة للعسكر ،فكانت تلك النكسة هى النتاج المرير لأنانية القوى الثورية ولسذاجة المنطق الذى تعامل به الاسلاميون مع العسكر.
والأن وقد سقطت الأقنعة السياسية والثورية والإعلامية الزائفة ، و أدرك الشباب الثائر الغث من السمين ، يبدو الواقع الانقلابى فى مصر مُنبئاً المراقبين بعدة دروس:
- لا مخرج للمصريين مما يعانونه من ذلة وهوان وجرائم يومية كبرى ترتكب بحقهم إلا عبر اسقاط الحكم العسكرى الذى عبث بمقدرات مصر لتقبع فى ذيل الأمم ، فلا مناص من كسر الانقلاب العسكرى مهما طالت مدته .
-لا مجال لوقف الحراك الشعبى الثورى المستمر منذ 18 شهراً و من المنطقى أن يمر الحراك بجولات ضخمة تكشف الغطاء الشعبى الزائف عن سفاحى الانقلاب ومن أهم تلك الجولات 25 يناير القادم.
- انه من السذاجة بمكان ان نتوهم أنه يمكن تكرار سيناريو 28 يناير 2011 بحذافيره فقد إدعى العسكر الحياد وقتها ( رغم سماحهم بهجوم البلطجية فى موقعة الجمل ) أما الآن فقد كشفت العصابة الحاكمة بفروعها المختلفة عن وجهها القبيح وصار اطلاق الرصاص الحى على المصريين أمراُ هيناً طالما أنهم من الارهابيين أعداء الوطن !!!
- لا مناص من العمل الجاد لكسب معركة الوعى و زيادة الكتلة الشعبية المناهضة للانقلاب والمدركة لما جناه حكم العسكر على المصريين بدليل الحال و المآل ، ولابد من التفكير خارج الصندوق للتخطيط لتحريك تلك الكتلة الشعبية الضخمة مستقبلاً لاحداث أزمات مفصلية تمضى بالانقلاب سريعاً إلى التراجع فالسقوط.
- إن الاصطفاف الثورى يعدُ ضرورة وطنية لن يُكتب لها الصمود إلا إذا تم بناؤها على سيناريو تشاركى واضح المعالم لمرحلة ما بعد اسقاط الانقلاب ، أما مسئولية تحقيق ذلك الاصطفاف و انضاج هذا السيناريو فهى تقع بالأساس على عاتق الاخوان المسلمين و(البرلمان المصرى) و المجلس الثورى بالتنسيق مع الرموز الثورية البارزة فى الداخل والخارج.
عادة ما يظن الطغاة أنهم قد نجوا بجرمهم واستتب لهم الحال وكيف لا وأبواقهم مسلطة لتزييف وعى الشعوب ليل نهار؟؟
،، بينما تخاطبهم الشعوب الثائرة بلسان "أحمد مطر":
أنا مِـن تُرابٍ ومَـاءْ .........خُـذوا حِـذْرَكُمْ أيُّها السّابِلَـهْ
خُطاكُـم على جُثّتي نازِلَـهْ .............وصَمـتي سَخــاءْ
لأنَّ التُّرابَ صَميمُ البقـاءْ...............وأنَّ الخُطى زائِلَـهْ
أجلً إنّني أنحني....................فاشهدوا ذُلّتي الباسِلَهْ
فلا تنحني السُنبلَهْ ........................إذا لمْ تَكُن مثقَلَهْ
ولكنّها سـاعَةَ الإنحنـاءْ ..............تُواري بُذورَ البَقاءْ
فَتُخفي بِرَحْـمِ الثّرى.....................ثورةً .. مُقْبِلَـهْ !!
أجَلْ .. إنّني أنحني......................تحتَ سَيفِ العَناءْ
ولكِنَّ صَمْتي هوَ الجَلْجَلَـهْ......وَذُلُّ انحنائـي هوَ الكِبرياءْ
لأني أُبالِغُ في الإنحنـاءْ...............لِكَي أزرَعَ القُنبُلَـهْ !