بقلم - خميس النقيب :
علي غرار محكمة القرن استنسخت الاحداث الدراماتيكية في مصر ما يعرف ببراءة القرن، فساد متمدد وقتل متعمد ونهب متجدد بالفيديو او قل بالصوت والصورة والشهود العيان بل وباعتراف البعض منهم ثم تحدث البراءة، صحيح لا تعليق علي احكام القضاء لكن عندما يكون قضاء عادل ، اما قضاء يحكم علي احداث بالمؤبد والاعدام في قضية تظاهر ويحكم علي حرائر بل فتيات في عمر الزهور عشرات السنين سجن ثم يحكم علي قتلة وسرقة وفسدة بالبراءة المطلقة حتي ولو غيبت المستندات بفعل فاعل ربما منهم انفسهم فهو قضاء ظالم، والا فهم يثيتون للمغيبين والسذج يوم بعد يوم انه انقلاب، كيف؟ يقلبون المقتول قاتل والقاتل مقتول، يقلبون المتهم برئ والبرئ متهم، يقلبون الباطل حق والحق باطل، يقلبون الظلم عدل والعدل ظلم، يقلبون الجلاد ضحية والضحية جلاد، لكن يوما ما وهو قريب انشاء الله " سيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون " ( الشعراء ) ان العالم كله يشاهد ما يحدث ويسجل هذه الحقبة من الظلم المركب في تاريخ الكنانة التي خرج منها يوما احد المصلحين ولو كان من الانبياء - موسي عليه السلام - خائفا يترقب، خرج فرارا بدينه وخوفا من بطش فرعون اللعين بعد ان تعرض لانقلاب قديم سجله القران الكريم كيف؟
في قرن مضي ... ، هذا طاغية قديمٌ جديد، يريد أن يُعبِّدَ الطريقَ لإفساده!! " وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ " [غافر: 26].
عندما يعمُّ الطغيان، فيعمي الأبصار، ويصمُّ الآذان، ويُبَدِّد الإيمان، عندها يكون التهديد للخالق والمخلوق سِيَّان؛ ﴿ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ﴾! لماذا يا مَلْعون؟! ﴿ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ﴾ [غافر: 26]! هل تصدِّق، فرعون الملعون يدَّعي الإصلاح، ويرمِي موسى - عليه السلام - بالإفساد؟ هذا منطق كان وكائن وسيكون! انه انقلاب علي الحقائق وافتئات علي الواقع ..!!
وفي قرن اخر .. هؤلاء قوم جيَّشوا كل طاقاتهم السياسيَّة والاقتصاديَّة والإعلامية ضدَّ نبيِّهم الذي كان يدعوهم لعبادة الله وحْدَه، وتَرْك ما هم عليه منَ الفاحشة، بل وصَلَ بهم الكِبرُ والْخُيلاء، وإعجابهم بسلوكهم الشاذ، ومَنطقهم الانحلالي، إلى أن سَعوا جادِّين لتلويث طُهْر أضياف نبيِّهم - عليه السلام.
استمرَّ نبيهم لوط - عليه السلام - في تذكيرهم بأهميَّة مراجعة النفْس، وإعمال العقْل بصِدْقٍ؛ لتصحيح المسار، وكَرَّره عليهم؛ ﴿ أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ ﴾ [هود: 78].
إلا أنهم في ذلك المجتمع
تبجَّحوا في كَسْب أصوات بعض المستضعفين السُّذَّج، فقالوا بصوت واحد: ﴿ أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ ﴾ [الأعراف: 82]، لماذا؟ وما هو الذنب؟ وما هي الجريمة؟ قالوا: ﴿ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 82]!
أهل الباطل لا يوجد لديهم منطق وقُدرة على حوار أهل الحقِّ بالمنهج الموضوعي والعلمي والإنساني، إلا استخدام أدوات القوَّة، اللغة الوحيدة التي يفهمُها ولا يُتقنُ سواها.
وكما هو الحال امس واليوم وغدا فان بطانة الإفساد مُرتبطة بمصالح مُتداخِلة مع أهْل الباطل في كل المؤسسات واولهم اعلام وقضاء ..!! الا من رحم ربي ، كون الخير والحق ينادي بمفاهيم تتعلَّق بحياة الإنسان على الأرض؛ من عَدَالة اجتماعية ومساواة وحرية ، وكَرَامة انسانية واستقامة مجتمعية ، وبُعدٍ عن الفساد بأشكاله المختلفة، وهذه المعاني لا تُرْضي أهْل الإفساد في كثيرٍ من الأحيان؛ لأنَّ تطبيقَها في الواقع الإنساني قد يُبعدهم عن مواقعهم، ويَتَحدّون أهل الحقِّ بكافَّة الأساليب والوسائل، أو قد تَنطلي أساليبُ خداعِ أهل الباطل على أهْل الفساد بأنَّ أهْل الحقِّ يشكِّلون خَطَرًا حقيقيًّا عليهم بما يحملون من بنود للخير والاصلاح التي يعتبرونها بمنطقهم الانقلابي تخلف وارهاب ، ومِن ثَمَّ يتَّخذون موقفَ العداء الصارخ من أهل الحق، تأمَّل كلمة (أخرجوهم)، فهي فعل أمْرٍ يُبيِّن الْحُكم النهائي لمصير لوط - عليه السلام - وأتباعه، وتدلُّ على أنَّ قائلها يتمتَّع بسلطة كبيرة في القرية.كما اليوم سلطة عسكرية تخويفية في الدولة ..
الباطل يَخاف من الحقِّ وأهله، ولهذا يُحاول أنْ يصنعَ فاصِلاً ماديًّا بينه وبين أهل الحق؛ . ولذلك لا عجب ان تخدم المؤسسات علي بعضها البعض اعلام ينفخ جهارا نهارا مسموع ومقروء ومرئي ثم عسكرة الشوارع والمؤسسات لتخويف الناس ثم حكم بالبراءة ( براءة القرن المعاصر ) لقتلة وفسدة وسرقة لازالت اموال الفقراء التي نهبوها مؤمنة في الخارج ...!.
لهذا يلجأ أهل الباطل - تطبيقًا لمنهج ﴿ أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 82] - إلى إبعاد أهل الحق؛ سواء بالطَّرْد من الوظيفة أو من الوطن، أو التصْفِيَة أو التغييب؛ تطبيقًا لقاعدة تجفيف منابع الطُّهْر والرَّشاد.
وليحذر الذين يظلمون بمصادرة حريات البشر، وتزوير إرادات الشعوب،ا ن تصيبهم اللعنات لارتكابهم الكبائر..!! عن أبي بكرة رضي الله عنه قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا الإشراك بالله وعقوق الوالدين وشهادة الزور ألا وشهادة الزور وقول الزور وكان متكئا فجلس فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت" صحيح رواه البخاري ومسلم والترمذي.
لكن هناك يوم لا ظلم فيه ولا جور..!! ﴿ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [غافر: 17] نعم لا ظلم اليوم..!!، إنه العدل المطلق، انه يوم إعادة الحقوق لأصحابها، العملة فيه ليست بالدرهم أو الدينار، ليست بالجنيه أو الدولار، إنما بالحسنات والسيئات: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ۞ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7، 8].
في طريق الظلم لا يشعر الظالم بظلمه، بل يستمرئ الظلمويستعذب الجور مع انه مراقب على مدار اللحظة..!! منظور على طول الطريق..!! ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ۞ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء ﴾ [إبراهيم: 42، 43]
هذه البراءة هي فرية كبري وافتراءة عظمي كيف؟ فرية لان الجرائم ماثلة للعيان وبالدلائل والبراهين وافتراءة علي الشعب المطحون ، ان يوسف عليه السلام اتهم في شرفه لكن يوما ما حصحص الحق وبراه خالق الخلق و السجن في نظر المصلحين أفضل من الجنوح نحو الإفساد او حتى الرضا به ﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إلى مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ﴾ (يوسف: 33) والله يجيب هؤلاء ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ (يوسف: 34) وظهرت الحقيقة ...
.وتحدثت واعترفت المتهمة الأصلية في مسرح الجريمة المفتعلة ، لكن ماذا كانت النتيجة..؟ تمكين ورحمة للمحسنين من أمثال يوسف في الدنيا ﴿وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (يوسف: 56) وفي الآخرة ﴿وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ﴾ (يوسف: 57) بل والذين ظلموه من إخوته أصابهم الذل والفقر وتحولوا في نهاية الأمر إلى متسولين..!! ﴿فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ﴾ (يوسف: 88) أما يوسف الصديق فقد خرج من محنته بعديد من المنح..!! خرج أول رجل في هذا البلد لحفظه وتقواه ﴿قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ (يوسف: 55) نعم أجابه الله...انه يتحدث عن نفسه فيقول..!! ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ (يوسف: 101)
الالتزام بالطهر ونصرة الحق ودفع الباطل هي عوامل تدفع المفسدين الي طمس الحقيقة و قلب الاوضاع
، وعائشة كريمة الصديق وزوجة الصادق الامين تعرضت لمؤامرة الافك من عصية فاسدة نسجوا خيوطها ودبروا امرها ، واشاعوا خبرها ، وحازوا اثمها " إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ "(النور:11) لكن الله براها بعد عشرات الايام، واذا كان يوسف عليه السلام وعائشة رضي الله عنها قد مضيا فان الذي براهما لازال موجودا وسيبقي كذلك وهو يدبر لامر ، الارض جميعا في قبضته بما فيها من اسرار واخيار واشرار، والسموات مطويات بيمينه بما فيها من كواكب ونجوم واقمار، وهذا الافتراء في الاتهام والبراءة علي حد سواء إنه معلوم لدى الذي بيده الأمر "و َاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 95] أيها الظالم كيف لو مات المظلوم قبل أن ترد له حقه؟ يوم يكون الشهود من جوارحك انت والقاضي هو الله احكم الحاكمين واسرع الحاسبين وبحضور الملائكة رقيب وعتيد .. !! فكيف بمن نصب قاضيا ليعدل فيظلم ؟ وكيف بمن نصب نفسه حاكما ليحكم بالسوية فهو يرضي بالدنية و يجور بالكلية؟ وكيف بمن جاء شاهد بما راته عيناه فاذا هو يشهد زور ليغير الحقيقة التي ترعب الفسدة وتخيف الظلمة ؟!! ونحن هنا نذكر ولا نتهم وننقد ولا نشرد وننصح ولا نفضح ..
فلا تظلمن اذا كنت مقتدرا
فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه
يدعو عليك وعين الله لم تنم
غدا توفي النفوس ما كسبت
ويحصد الزراع ما زرعوا
فان احسنوا احسنوا لانفسهم
وان اساءوا فبئس ما صنعوا
[email protected]