بقلم- عبدالعزيز مجاور
 
لخص د.فؤاد رياض رئيس لجنة تقصي الحقائق عن الأحداث التي تمت بعد انقلاب يوليو 2013 الهدف من تقرير لجنته قائلاً (لقطع الطريق على تشكيل لجان دولية لتقصي أحداث الداخل)، فلم يكن هدف لجنة تقصي الأحداث هو الانتصار للضحايا والمطالبة بالقصاص لدمائهم التي سالت دون حساب، أو توضيح الحقائق للعالم بقدر ما كان تبريراً وتسويقاً  لجرائم الانقلاب في مصر.
ودون التطرق إلى تفصيلات التقرير وما ورد به من أخطاء موضوعية، فهناك نقاط تطعن في حيادية تلك اللجنة بما يجعل مثل هذا التقرير غير مقبول شكلاً.
فمن المفاجآت أن تلك اللجنة ضمت في عضويتها عضوين سبق أن عينهما نظام مبارك لتقصي حقائق (الانتفاضة الشبابية) كما أطلق عليها قرار رئيس وزراء مبارك أحمد شفيق رقم 294 لسنة 2011  في 10 فبراير2011 وهما إسكندر غطاس ومحمد بدران.
ومن المفاجآت الأخرى الجديرة بالملاحظة أن رئيس لجنة تقصي الحقائق لأحداث ما بعد 30 يونيو  2013 د. فؤاد عبدالمنعم رياض له موقفه الثابت والمعلن من الأحداث قبل تشكيل اللجنة مما يستحيل معه إبدا رأي محايد، فيكفي مثلاً أن يعرف القارئ أنه كان من ضمن الوفد الشعبي الذي سافر لجنيف في 27 أغسطس2013 للدفاع إعلامياً عما حدث في رابعة وللترويج للانقلاب.
كما أنه في 29 نوفمبر2013 صرح لجريدة الوفد بأن (جماعة الإخوان المسلمين جرائمها تعدت مفهوم الإرهاب، ووصلت إلي حد ممارسة جرائم ضد الإنسانية، وهي جرائم ممنهجة ومتواصلة ضد مجموعة غير محددة) ونصح بأن تقوم الدولة بإعلانها جماعة ارهابية حتى يسهل محاكمة ومتابعة تنظيم الإخوان دولياً إذا ما أدرجتها الحكومة المصرية كجماعة إرهابية وبما يجعل من السهولة على مصر على حد قوله (مطالبة العالم بتسليم هؤلاء المجرمين من تنظيم الإخوان ومن ثم محاصرتهم وخلاف هذا النهج عاصفة في فنجان) وهو ما تم بالفعل في 25 ديسمبر2013 أي أنه مهندس هذا الإعلان وحتى لا ينكسر الفنجان.
وقد يظهر هذا الانحياز المسبق في البحث عن أي أدلة لتوريط الضحايا في المجازر من خلال تصريحه لوكالة أنباء الشرق الأوسط في 25 سبتمبر2014 بأن اللجنة طالبت وزير الخارجية بمخاطبة جميع السفارات المصرية بالخارج خاصة تلك في الدول التي يتواجد فيها الإخوان، من أجل مد اللجنة بالمعلومات التي ممكن أن تتوافر لديهم عن الإخوان هناك، وبما أن خارجية الانقلاب شريك في الجريمة فلنا أن نتخيل تلك البيانات التي تم تجميعها، ثم لماذا لم يطلب رئيس اللجنة طلباً مماثلاً عن قوى الثورة المضادة في دول خارجية لا تخفى على أحد فضلاً أن تخفى على سعادته.
وعندما أرادت اللجنة أن تستمع لآراء أساتذة في القانون الدولي للتدليل على أن الاعتصام لم يكتمل له شروط الاعتصام السلمي وبما يبيح فضه بالقوة اختارت في انتقائية عجيبة الدكتور أيمن سلامة، المعروف بموقفه المضاد للاعتصام بل أنه أبدى رأياً في 4 يوليو2013 في صفحته الرسمية بأن الرئيس مرسي (ملاحق جنائيا لارتكابه جرائم جنائية منها التخابر مع دولة أجنبية، فضلا عن تعطيل المؤسسات الدستورية في البلاد و انتهاك الدستور المصري الذي كان ساريا حال كونه رئيسا للجمهورية) هكذا عرف تهمة التخابر من الكواليس قبل توجيهها للرئيس رسمياً بعدها بأسابيع.
ومن الملاحظات الشكلية أيضاً التي تجعلنا نترفع عن مناقشة التقرير موضوعياً الاستناد لفيديوهات الداخلية كما أدلى رئيس اللجنة مثنياً على دقة وجودة التصوير، والتي من السهل تمثيلها وتصويرها تحت إشراف المخرج البارع الذي اعترف بأنه استخدم الحيل السينمائية في إظهار تجمعات 30 يونيو الشهيرة.
إن إعلان تقرير لجنة تقصي الحقائق يعد الاغتيال الثالث لضحايا مذبحة فض رابعة والنهضة وما سبقها وتلاها من مذابح، بعد الاغتيال الثاني الذي قام به مجلس حقوق الإنسان المصري في تقريره عن تلك الأحداث.
 ويعتقد الكاتب أن مثل هذه التقارير لن تستطيع أن تخدع العالم أو تزور التاريخ، بل قد تكون سبباً في وقود جديد للثورة المستمرة ، ولعل التقرير جاء ليذكر العالم بهذه الجريمة التي تمت تحت أعينهم ولم يتم تقديم شخص واحد من القتلة إلى المحاكمة، ولتبقى لجان تقصي الحقائق كأداة في يد السلطة تستدعيها عند الطلب.