بقلم : حسن القباني
مع حلول ذكرى مليونية "حماية الديمقراطية " أو "المطلب الواحد" في 18 نوفمبر الجاري ، فإن مطالعة الأرشيف مهمة في التوثيق والتصحيح ، ليتضح للجميع من باع وخان ومن ثبت وصمد ، ومن رفض الانقلاب منذ وثيقة السلمي حتى خيانة عبد الفتاح السيسي ، ومن رفض وثيقة السلمي ثم قبل بالتمهيد لها والتطبيق الميداني لها في انقلاب 3 يوليو المجرم .
وبالنظر الي تغطية موقعي "اليوم السابع" و"المصري اليوم" عن الدعوة للمليونية في 2011 ، فنجدهم ابرزا التوافق الثوري الجامع في حضور مؤتمر التحالف الديمقراطي بمقر حزب الحرية والعدالة اعتراضا علي وثيقة السلمي التي تمنح المجلس العسكري الدولة ، لتصبح مصر دولة المجلس العسكري ، ولفتا الانتباه إلى البيان الصادر عن الاجتماع الذي نعتبره وثيقة خاصة أنها اختصار الدعوة بعد رفض الوثيقة في مبدأ " إعلاء الإرادة الشعبية التى هى أهم أهداف ثورة 25 يناير" مع التمسك بالوثائق الاسترشادية التي سبق التوافق عليها وهي وثيقة الأزهر ووثيقة التحالف». و"تحقيق السيادة للشعب وانتقال السلطة إلى حكم مدني منتخب
وبالنظر لردود الافعال والكواليس الأخيرة ، فالموضوعات المتعلقة بالخبر في موقع اليوم السابع كشفت الخونة مبكرا والمعسكرات مبكرا ومن عناوينها : " "السلمى": المقاطعون لمؤتمر وثيقة مبادئ الدستور سيتحملون المسئولية ، "الوفد" و"التجمع" و"الديمقراطى الاجتماعى" يوافقون على "وثيقة السلمى للدستور" ، رفعت السعيد يهاجم الإخوان..والشباب يرفضون سرية ميزانية العسكرى ، وهجوم على وثيقة "السلمى" فى مواقع التواصل الاجتماعى ووصفها "بالعسكرية" ، "الفلول" يعودون للظهور بـ"مؤتمر المبادئ الدستورية".
اما التغطية الأخيرة قبل المليونية من "المصري اليوم" والتي نشرت الخميس 17 نوفمبر 2011 ، تحت عنوان " «التحالف» و«الإسلاميون»: مليونية 18 نوفمبر ستكون «ثورة ثانية» ضد «وثيقة السلمي»"، فرصدت أراء توثق جزء من الحقيقة.
التقرير بعد أن رصد المشاركين نقل عن المهندس خيرت الشاطر، نائب مرشد الإخوان، قوله :«لن نفرط في حقوق شعبنا، ولن نقبل الوصاية عليه، وسننزل إلى التحرير لحماية الديمقراطية».،فيما قال الدكتور أحمد أبو بركة، المستشار القانوني لحزب «الحرية والعدالة»: «المشاركة في مليونية الجمعة المقبل ستقتصر حتى نهاية اليوم، ولن يكون هناك اعتصام»، مشيرا إلى أن الحزب سيطالب خلال مشاركته في ميدان التحرير بتسليم السلطة إلى المدنيين».
أما الدكتور طارق الزمر، رئيس حزب البناء والتنمية الحالي قال في ذات التقرير، متحدثا باسم «الجماعة الإسلامية»: «الجماعة ستشارك بكل قوتها في المليونية»، نافيا مشاركتها في أي اعتصام داخل ميدان التحرير" أما الدكتور خالد سعيد، المتحدث الرسمي للجبهة السلفية فقال : "مطلب المليونية لن يقتصر على الاعتراض على وثيقة السلمي، إنما «سيمتد لمطالبة المجلس العسكري بسرعة تسليم البلاد إلى سلطة منتخبة وعودة الجيش إلى ثكناته".
وهنا لنا وقفات علي هامش القراءة المطولة في هذا الأرشيف ، فقد أوضحت مواقف مهمة ، تزيل قدر كبير من الالتباس ، وتنسف المزاعم المثارة بين الحين والآخر لتعويق الثورة والثوار:
أولا : انطلاق دعوات حماية الثورة والديمقراطية والارادة الشعبية من مقر حزب الحرية والعدالة ، وتأكيد القيادات رفيعة المستوي والوسطى بالاخوان على هذه المباديء ، يكشف سر القمع المتزايد ضد الاخوان وحزب الحرية والعدالة ، ويكشف من تمسك بمباديء الشرف الثوري التي اعلنت في وثيقة الدعوة للمليونية ، ومن سقط تحت الضغط وقبل بمخالفتها ودعم الانقلاب العسكري الذي هو تطبيق ميداني كامل لوثيقة السلمي المنبوذة.
ثانيا : إن الارادة الشعبية قضية قديمة محل اتفاق منذ 2011 ، وليست وليدة بعد الانقلاب العسكري، ووقتها كانت رئاسة الدكتور محمد مرسي في علم الغيب ، وبالتالي فدفاع التحالف الوطني لدعم الشرعية عنها الآن إنما هو دفاع عن وثيقة التحالف الديمقراطي الموقعة في 2011 ، والتي أكدت ان اعلاء الارادة الشعبية من اهم اهداف ثورة 25 يناير ، وهنا تسقط أي فوبيا مصطنعة حول قيمة استعادة واعلاء الارادة الشعبية كمطلب ثوري راسخ وقديم وليس وليد اي اجراءات وهي والعدم سواء ، ويمكن القول أن وثيقة الدعوة لجمعة 18 نوفمبر من اهم الوثائق الثورية تقريبا ، ويمكن البناء عليها – برأينا - في اي مظلة محتملة أو اصطفاف أوسع ، كأساس ولد في مناخ توافقي نقي ومثالي الي حد ما.
ثالثا : اتضح من ردود الأفعال ، رفض ثوري جامع لعسكرة الدولة وانقلاب المجلس العسكري علي ثورة 25 يناير وخطفها ، وتواطؤ واضح من أحزاب ورقية كالوفد والتجمع و الديمقراطي الاجتماعي ، وهي ما شكلت مطية لركوب العسكر علي الحياة المصرية بدبابات ومجازر لم تتوقف حتي تاريخه وشارك معهم بعض المتعسكريين الذين كانوا يقفوا في مربع الثورة بأوامر عسكرية تحت لافتات يسارية وليبرالية هي منهم براء.
رابعا : وهنا يجب ألا ننسى القول أن القرار المنفرد بالاعتصام والذي تبعه عدوان أمني مجرم ومجزرة بدأت فصولها عشية 19 نوفمبر ، تحتاج الى اعادة التوثيق والتذكير أن خطأ الخروج عن ضوابط العمل الثوري والتنسيق المشترك والعمل الجماعي كخطأ عدم التعامل الجدي مع توابع القرار المنفرد والاكتفاء بتمثيل متساو لباقي الفصائل دون اتخاذ اليات مناسبة تحقق الردع وتحافظ على المسار الثوري ، وتتطالب التركيز علي صناعة اصطفاف مبني علي وثيقة النزول الاصلي والجماعي في 18 نوفمبر ضد القاتل، والذي أكدت المذابح انه واحد ، بداية من موقعة الجمل مرورا باحداث ماسبيرو ومحمد محمود والاتحادية الي محرقتي رابعة والنهضة ، سواء كان اسمه الفلول أو الطرف الثالث أو مليشيات الانقلاب العسكري ، فالاسماء تعددت والقاتل واحد والدم واحد ومن باعنا للمجلس العسكري لتطبيق وثيقة السلمي هو من باعنا في محمد محمود انتقاما من الاجماع علي رفضها وباعنا في رابعة والنهضة عقابا علي منع تنفيذها باليات ديمقراطية شعبية صعدت بالمسار الثوري الي قمة السلطة والقرار وخوفا من مقاصل الحق في ميادين الحرية.
وبقيت كلمة :
الحقيقة باتت كالشمس في رابعة النهار ومعسكر وثيقة علي السلمي الانقلابي سقطت ورقة التوت عنه ، وليس لثوار 25 يناير خيار : استكمال الثورة والقصاص أو استكمال الثورة والقصاص ، وليس للانقلابيين خيار : الرضوخ أو الرضوخ ، ولكل فرعون هلاك ولكل موسى نجاة ، وسنن انتصار الثورات ومبادئها لا تتبدل مهما طال الوقت وغباء الانقلابات بشير الهلاك والفناء مهما زاد القمع، والنصر قدر حتمي من عند الله عزوجل لمقاومي الظلم:"ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا".