بقلم / صادق أمين
 
من المهم أن نتذكر أن نزولنا إلى الساحة ليس كنزول غيرنا من الشلل المستعجلة؛ إذ _ و الكلام لسيد قطب رحمه الله_" يد الله تعمل و لكنها تعمل بطريقتها الخاصة و أنه ليس لنا أن نستعجلها و لا أن نقترح على الله شيئاً ".
 
لذا " نصبر صبر العارف البصير الواثق من وعد الله، و الذي لا يتم في هذه الجولة يتم في الجولة الثانية أو الثالثة أو العاشرة أو المائة أو الألف، ثم يكون دائماً ما يريده الله أن يكون ".
 
" فما أنت إلا واحد من ذلك الموكب الكريم الذي يقود خطاه ذلك الرهط الكريم : نوح و إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب و يوسف و موسى و عيسى و محمد عليهم الصلاة و السلام .. هذا الموكب الكريم الممتد في شعاب الزمان من قديم يواجه مواقف متشابهة و أزمات متشابهة و تجارب متشابهة على تطاول العصور و كر الدهور و تغير المكان و تعدد الأقوام؛ يواجه الضلال و العمى و الطغيان و الهوى و الاضطهاد و البغي و التهديد و التشريد، و لكنه يمضي في طريقه ثابت الخطو ، مطمئن الضمير ، واثقاً من نصر الله ، متعلقاً بالرجاء فيه ، متوقعا في كل لحظة وعد الله الصادق الأكيد. ( و قال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنّكم من أرضنا أو لتعودنّ في ملتنا.. فأوحى إليهم ربهم لنهلكنّ الظالمين.. و لنسكننّكم الأرض من بعدهم .. ذلك لمن خاف مقامي و خاف وعيد ) إبراهيم / 14:13
 
" و لا يهولنّ المسلم أن تكون هذه القوة الضالة ضخمة أو عاتية؛ فهي بضلالها عن مصدرها الأول _ قوة الله _ تفقد قوتها الحقيقية .. تفقد الغذاء الدائم الذي يحفظ لها طاقتها؛ و ذلك كما ينفصل جرم ضخم من نجم ملتهب، فما يلبث أن ينطفئ و يبرد و يفقد نوره و ناره، مهما كانت كتلته من الضخامة.. على حين تبقى لأية ذرة متصلة بمصدرها المشع قوتها و حرارتها و نورها : ( كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ) .. غلبتها باتصالها بمصدر القوة الأول و باستمدادها من النبع الواحد للقوة و للعزة جميعاً " .
 
" و من ثٓمّ فلابد للحق أن يظهر و لابد للباطل أن يزهق، و مهما تكن الظواهر غير هذا فإن مصيرها إلى تكشف صريح ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق و لكم الويل مما تصفون )".
 
 و هذا إيماننا و حداؤنا في معركة النضال، و هو وعد السيد المسيح لأنصاره : « الحقيقة التي كنتم تخشون النطق بها حتى في الظلام ستسمعونها يوماً في النور، و الإيمان الذي اكتسبتموه في خلوات المنازل لاشك سوف تنادون به يوماً فوق السطوح».
 
( و الله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون ).