بقلم : حسن القباني

تتكرر المذابح الدموية ، وتأتي المجازر وراء المجازر، منذ أن قرر الشعب المصري أن تكون الاجابة تونس ، وأن ينضم للربيع العربي ، وأن يصنع المشرق الثائر ، لاسقاط عقود من التبعية والتغريب والاحتلال المباشر وغير المباشر والفساد والإستبداد ، ولكن لازالت نقاطا غائبة لدى البعض في مصر عن حروف المذابح ، ولذلك تنحرف بوصلته مع كل حادثة أو ذكرى، بعد أن ضاعت معه المرتكزات الاصلية للمشهد الدموي .

إن "الجاني واحد والضحية واحدة والدم واحد" ، منذ تفجير القديسين واستشهاد سيد بلال وموقعة الجمل مرورا بأحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء ومكتب الارشاد وحرق مقرات "الحرية والعدالة" والقائد ابراهيم والاتحادية إلى الحرس الجمهوري ورمسيس وسموحة ومحرقتي رابعة والنهضة و6 اكتوبر  وغيرهم من المجازر التي تمت بحق ثوار مصر ، أو أبناءنا علي الحدود سواء المجندين أو المدنيين  .

إن كل مذابح ما قبل ثورة 25 يناير وما بعد انقلاب 3 يوليو وما بينهما ارتكبها قاتل واحد هو مليشيات دولة الفساد الموازية بكل أنواعها ، وكانت الضحية واحدة في كل المذابح وكان الدم واحد ، كانت الضحية هي الشعب المصري وكان الدم هو دم الجماهير المصرية التي شاركت في الثورة واستحقاقاتها الديمقراطية وأداء واجبها الوطني.

وبات الدم للركب ، وبات بلا ثمن ، سواء عبر سيناريو "الردع الانتقامي" بالتركيز على كل طلائع الثورة خاصة الشباب منذ 25 يناير حتي تاريخه أو سيناريو "الترويع بالقرابين" والذي بنى بنك أهدافه على استهداف عناصر العسكر والشرطة من الرتب الأقل كقربان لتمرير الجرائم الكبري أو محاولة اسكات الثورة أو اخافة من بدأ يكره القمع في مؤسستي القمع .

وفي سبيل التشويش علي ذلك وصانعيه ، دبرت مكائد سياسية ممنهجة ، وحيكت مخططات إعلامية خبيثة ، واخترق الصف الوطني مرات ومرات بمسوخ أمنية في أزياء ثورية مبهرجة لتشتيت الأذهان وصناعة اختلاف خاطيء عن هوية القاتل ، ولكن كل ذلك سقط بوضوح عقب الانقلاب العسكري الدموي ، وسقطت كل الأقنعة المزيفة ، وظهرت الفروق بين فرسان ثورة 25 يناير وقطعان الثورة المضادة ، وافتضحت حقيقة "الطرف الثالث":   "مليشيات الدولة الموازية للفساد" ، لتتصاعد مطالب القصاص بقوة ويهتف الناس كل يوم باعدام القتلة : المخلوع وتابعه المنقلب وعصابتهما.

وفي محاولة فاشلة لمواجهة ثورة مصر مع انكشاف عورة الانقلاب وعناصره ، بادرت العصابة إلى حرق خطة الدولة الموازية ، واعتبر السيسي ومساعديه في الانقلاب أنفسهم في "حرب وجودية" زاعمين أنها معركة مصر ، وتبنوا ما يمكن أن نطلق عليه "القتل الوقائي الشيطاني" كمخطط غاشم يفتح سيناريوهات الانتقام ويتوهم أن " الرصاص وقاية من القصاص" ، كما استحضروا فزاعة الارهاب وهم يمارسون الارهاب والتميز والطبقية للتعمية واسكات الحديث الصاعد عن فشلهم الذريع واسقاطهم لمؤسسات الدولة لصالح المؤامرة الصهيوأمريكية بعد أن أفلسوا في مقامرات الفترة الماضية.

إن الدولة المصرية وداعميها من ثوار 25 يناير الأصليين تخوض بوضوح معركة وجود مع تلك العصابة الحامية للدولة الموازاية للفساد والحاكمة بالارهاب ، لاستعادة مسار مصر الجديدة الحرة المحروسة ، ولن تنجح محاولات التغطية على صوت الثورة المطالبة بالقصاص، وإن كل جرائم الارهاب والترويع التى ارتكبتها مليشيات الانقلاب ضد الشعب المصري لن تسقط بالتقادم .

إن القصاص قادم من جميع القتلة بعد انتصار الثورة الذي لن يوقفه قمعا أمنيا أو خلطا للأوراق أو تطرفا علمانيا وعسكريا ، وسيظل المجرم مجرما حتى لو اجتمع له ألف شيطان وشيطان ليدعموا انقلاب الدولة الموازية للفساد ويخططوا لافلات القتلة من الحساب ، فالله لا يحب الظالمين الفاسدين ، والدين يحض على مواجهة السفاحين ، والثورة مستمرة في سبيل الله حتى النصر وتحقيق القصاص باذن الله عزوجل .