بقلم: محمد ثابت
كل يوم للعسكر في بلادي شأن، وصدق القائل، رحمه الله، إن الله إذا غضب على بلد سلط العسكر عليها، وفي ظل حكم العسكر، رأينا الفساد يكشر عن أنيابه، ووجدنا أتباعه ينتشرون في طول البلاد وعرضها، وصار الصواب خطأ طالما انه لم يصدر من العسكر، والخطأ صواباً طالما صدر من العسكر والموالين لهم..
ومن أقرب للعسكر من الشرطة؟
لعبوا معهم في يناير 2011م .. وأطاحوا بهم، وادعوا الانحياز إلى الجماهير، وازعم أن العسكر أو الجيش هو صاحب أسطورة سقوط الشرطة في 28 من يناير، ومن قال غير هذا فإنما هو يقرأ ظواهر الأمور فحسب، وبعد استعادة عسكرة الدولة، أو محاولة هذا اعطى العسكر (الميكرفون) أو الضوء الأخضر للداخلية لتعود لسابق عهدها..
ولندع تصريحات السادة قيادات الداخلية أن مصر عادت إلى سابق عهدها قبل 25 يناير، وأن الأمور قيد الانضباط، فما كانت انتفاضة الشعب المصري، أو ثورته التي بدأت في ذلك التاريخ ولم يشأ الله تعالى لها ان تتم بعد، فما تلك المقدمات الثورية للشعب المصري في عرف هؤلاء إلا من أعمال الفوضى، كما كانت أعمال عرابي، رحمه الله، ومن بعده طوفان الشعب المصري في عهد سعد زغلول، أما انقلاب 1952 لدى الجيش لما يصافي الشرطة فإنما هي الثورة الوحيدة في تاريخ بلادنا..
من جديد تاريخ العسكر في مصر.. أن آيات الظلم للداخلية تجاوزت الشوارع والبيوت والمصالح الحكومية والخاصة، وكان لا بد لها أن تصل، بلا سلام ولا أمان إلى المدارس بخاصة في أسبوع الدراسة المصري الأول، وهاتان الحكايتان لو صدرتا عن الإخوان لسار بهما الركبان، وتوالى عليهما الليل والنهار وما نسيتا على مدار الأزمان، أما لأنهما صدرتا في زمان العسكر فلا حس ولا خبر ..
في صباح ثالث أو رابع أيام الدراسة، وفي مدرسة ثانوية للبنات بالثغر المصري الإسكندرية وقعت (الحدوتة) غير الجميلة التالية:
أحد المدرسين البالغين من العمر سبعة وخمسين عاماً، علم او شاهد أو تنامى إلى سمعه أن طالبة بالمدرسة تتظاهر ضد حكم العسكر فما كان منه إلا أن أتى بها وقال لها:
ـ لن أقول إنك تتظاهرين أو تحرضين على التظاهر .. ولكن لي الحلاوة..
وبمنتهى (الغشم) الطفولي قالت الفتاة:
ـ كم (الحلاوة) يا أستاذ..
الفتاة الطاهرة تظن الأمر مالاً ..
وللذين لا يعرفون أو نسوا الطقس المصري فإن الحلاوة ما يدفع للآخرين مقابل النجاة من مصيبة من العيار الثقيل، ولأنه لا مصيبة كاتهام مصرية بالتظاهر، وبالتالي القبض عليها، من رجال العسكر وأذنابهم بالداخلية، وانتهاك عرضها المحتمل، فإنه من الأفضل للفتاة أن تقدم (المقابل).. أما عن ماهيته فقد فسره مربي الأجيال الذي تجاوز من العمر أرذله، ويعرف قدر ما يقول:
ـ إنني لا أريد مالاً.. بل إن هذا هو مفتاح الشقة الخاصة بي وبالدروس الخصوصية .. أريدك هناك .. ولكن لا تقولي لأبيك لئلا يتسع (الموضوع)..
ولا أدري أي اتساع للموضوع أكثر مما يطالب به السيد المعلم..
وطبعاً لأنه مسنود، او عصفور من عصافير الداخلية في التربية والتعليم، فلتذهب التربية قبل التعليم إلى الجحيم.
أما والد الفتاة الطاهرة البريئة فقد ذهب بها إلى الناظرة، التي ذهبت بهما إلى المدير، الذي أصدر قراراً فورياً بإيقاف الناظرة التي تجاسرت على رفع الشكوى إليه، ولعله فعل هذا مع الفتاة لأنه لا يستطيع مواجهة عصفور الداخلية، رغم أن الفتاة سجلت له طلبه الفاجر، لأنها المرة الأولى بالتأكيد..
ثاني الحكايات في نفس الأسبوع، وفيما ترويه جريدة الوطن الموالية للإنقلاب أيضاً، والخبران عن الأسبوع الماضي فقط، أن قوات الانتشار السريع بمحافظة كفر الشيخ اقتحمت حرم مدرسة، وألقت قنابل الغاز، والقوات تعلم أنها مدرسة، على الطلبة وأولياء الأمور الذين شاء حظهم العاثر التواجد بالمدرسة، أما عن السبب فهو أن السيدة المديرة (شطبت) على زوجة ضابط شرطة برتبة ملازم، وقيل رائد، اواحتسبتها غياباً بالأمس لأنها غابت عن المدرسة..
وصباح الدراسة والمدارس والعدل يا شعب مصر.. فهذا غيض من فيض ولدى العسكر وفي جعبتهم المزيد، بل إن ما حدث وتم التستر عليه أكثر.. وما خفي كان أعظم..