كتب - شرين عرفة :


*" جيم جونز " هو قس أمريكي أسس طائفة بروتستانتية متطرفة في كاليفورنيا عام 1963 م وبلغ عدد اعضائها ثلاثين ألفا .

وقد تلقى "جونز "تزكيات عديدة من أعضاء في الكونجرس وزوجة الرئيس  الأمريكي "كارتر" شجعت حاكم ( غويانا ) في الساحل الشمالي لأمريكا الجنوبية على ان يمنحه قطعة ارض من 37 الف فدان يقيم عليها مستعمرته ويحقق عليها حلمه المزعوم بمجتمع تسوده المحبة والإخاء .

وقد قام "جونز" بإنشاء معبد فيها سماه معبد الشعب .
وفي 18 نوفمبر 1978م جمّع اتباعه وأقنعهم  انهم أصلا مخلوقات فضائية وأنهم دخلوا هذه الاجساد لمهمة معينة، وان مركبة فضاء ستأتي في تلك الليلة لتأخذهم جميعا، واعطاهم تعليمات للإستعداد، فحلقوا رؤوسهم ولبسوا زيا موحدا وشربوا سم السيانيد وحقنوا به أطفالهم واستلقى كل في سريره وغطوا وجوههم في انتظار سفينة الفضاء.

تسعمائة وثلاثة عشر شخصا قتلوا في هذا اليوم، أكثر من مئتين منهم من الأطفال ، وذلك في حدث اطلق عليه جونز اسم " بوابة السماء" ،
ويصنف على أنه  أكبر حادثة إنتحار جماعي في التاريخ الحديث .

**يصف علماء الطب النفسي هذا الحدث بأنه حالة جنون جماعي أصابت أفراد تلك البلدة ،وهي أحد الإضطرابات النفسية المسجلة في كتب الطب ،و تحدث عندما يصدق مجموعة من الناس كذبة أو وهم عجيب من شخص أو مجموعة من الأشخاص يتميزون بقدرة على الإقناع.

*فحينما يصدق مجموعة من المصريين حفنة من الأكاذيب العجيبة ويعيشون في مجموعة من الأوهام ،ويساندون سلطة فاسدة على تخريب ونهب الوطن ،ويؤيدونها في قتل إخوانهم من ابناء البلاد ، لابد أن يجتمع أطباء علم النفس وأفراد المجتمع الأصحاء  على تقديم الدعم النفسي لهؤلاء ومساعدتهم على تخطي تلك الحالة والخروج منها بسلام .
*فلم يعد الأمر مجرد إنقلاب على الشرعية المنتخبة وثورة المجتمع على هذا الإنقلاب ، بل أصبحت مصر دولة تحكمها عصابة تريد نهب ثرواتها وتتعمد تخريبها لتنفيذ مصالح دول معادية ، ويستخدمون من أجل ذلك آلة إعلامية مهولة تضم عشرات الفضائيات والإذاعات والصحف المطبوعة والإليكترونية والمواقع الإخبارية من أجل بث حالة مفزعة من التضليل والأوهام وتغييب الوعي .

*ولم تعد مشكلتنا الوحيدة مع إعلام منحط وسفيه أشبه بمراحيض تفيض بالروث والفضلات ، وأصبح  مادة للتندر والسخرية في كل دول العالم ، وجعل من مصر أضحوكة ولوث سمعة البلاد .

*بل للأسف أصبح أيضا لدينا مجموعة كبيرة من المواطنين ،أصابهم الإعلام المصري بلوثة جنون جماعي ؛فهم يصدقون الأمر وعكسه ويؤمنون بالشئ وضده ، ويرون اﻷشياء بعكس ما تكون .

*سجنهم الإعلام داخل مخاوفهم وأحاطهم بشرنقة من الأكاذيب ، يؤمنون بأن مصر تعاني مؤامرة كونية يشترك فيها دول العالم كله من أجل محاربة الجيش المصري والقضاء عليه ،وأن الثورة المصرية هي إحدى نتائجها ، وأن كل مصري يرفض حكم الجيش للوطن أو ينتقد تجاوزاته أوجرائم قادته ، إنما هو خائن وعميل ومتحالف مع قوى العالم الخارجي وشروره ضد البلاد .

*وأن الرئيس الذي اجتمعت مراحيض الإعلام المصري على سبه وانتقاده ليل نهار كان ديكتاتور ، والمنقلب الذي أغلق الفضائيات وكمم الأفواه وحبس وقتل الآلاف هو المسيح المخلص.

*الرئيس الذي زاد الرواتب وأراد تحسين حياة المواطن ولم يتقاضى مليما واحدا نظير ذلك هو العدو ، بينما المنقلب الذي  ضاعف راتبه عشرين ضعفا ثم زاد الأسعار على الناس ورفع الدعم وخصم من الرواتب وفرض الضرائب وجعل حياة المواطنين جحيما وعاشوا في الظلام ،إنما جاء ليحن عليهم،فهم نور عينيه ، وهو نصير الفقراء.

*مساعدة المقاومة في بلد عربي مسلم شقيق هو تخابر وخيانة ويتهم بها الرئيس ،و مساعدة المنقلب لإسرائيل وإعتباره بطلا قوميا لليهود إنما هي قمة الوطنية والإخلاص.

* الرئيس الذي أعلن أن مصر تريد تصنيع غذائها ودوائها وسلاحها وشرع في تنفيذ عشرات المشاريع التي تنهض بالبلاد وتسابق رؤساء العالم على لقائه هو من ضيع هيبة مصر ، بينما المنقلب الذي قاطعته أغلب دول العالم وكان يلقى الإهانات أينما جاء وحل ،وتنازل عن دور مصر طواعية للدول الداعمة له ، وجعل من التسول مشروعا قوميا، ومن الهذيان والتخريف خطبا رئاسية ،فقد أعاد الهيبة للبلاد . 
*قتلى المظاهرات وأحداث الفض هم من قتلوا أنفسهم ،و بعضهم أحرق جثته بعد الإنتحار ، 
*جماعة الإخوان قد انتهت تماما ولكنها مازالت تتحكم في كل مصر،ويقطعون عنها الكهرباء من داخل السجون والقبور .

*وغيرها الكثير والكثير من الكذبات الفجة والسخيفة والمتناقضات.

--ورسالتي للأصحاء من ابناء مصر ، نحتاج حملة توعية ضخمة ودعم نفسي وإرشاد لكل من أصيبوا في بلادنا بلوثة الإعلام ،

** سلاحنا الوحيد هو مخاطبتهم بكل الوسائل و التواصل معهم والصبر عليهم ، وتوعيتهم ، وكشف زيف الإعلام وفضح أكاذيبه ،
فلنذهب إليهم ،في مدنهم وقراهم وفي حقولهم وأماكن عملهم ومدارسهم ، نحاورهم في الطرق ونخاطبهم في وسائل المواصلات ، ونجعلهم يطمئنون للعالم ويخرجون من دائرة مخاوفهم ويكسرون قوقعة أوهامهم ،حتى نتمكن جميعا من الإنتصار على عصابة الإنقلاب وإفشال مخططاتها ومن ثم بناء دولتنا من جديد ،
دولة ذات عقل ومنطق وإرادة من حديد .