كتب - شرين عرفة :

 في 6 ديسمبر 1987  - نفذ سائق شاحنة إسرائيلي حادث إعتداء ضد سيارة صغيرة كان يستقلها عمال عرب،  
أسفر عن هذا الإعتداء  إستشهاد أربعة من أبناء فلسطين الأبرار في مخيم جباليا ، 
انطلقت بعدها  الحشود الفلسطينية ثائرة منتفضة احتجاجا على ذلك الإجرام الإسرائيلي ،  وكان سلاحهم الوحيد وقتها هو الحجارة، قصفوا بها كل ما يمثل المحتل من جنود وآليات ومواقع، 
فكانت هذه هي بداية لإنتفاضة الحجارة في فلسطين . 

حينها إجتمع سبعة من كوادر وكبار قادة جماعة الإخوان المسلمين العاملين في الساحة الفلسطينية  على رأسهم  المجاهد الشهيدرالشيخ  "أحمد ياسين" و معه كبار قادة ومؤسسي حماس "إبراهيم اليازوري" و"محمد شمعة" وهم ممثلو مدينة غزة ، وعلى الجانب الآخر "عبد الفتاح دخان" كممثل للمنطقة الوسطى ،و "عبد العزيز الرنتيسي" بإعتباره ممثل خان يونس ، و"عيسى النشار" ممثل مدينة رفح ، و"صلاح شحادة" ممثل منطقة الشمال ، بالإضافة إلى "محمد الضيف" ، فكان هذا الاجتماع إيذانًا بإنطلاق حركة حماس و الشرارة الأولى للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الغادر.

**كالعادة، تحمل( جماعة الإخوان المسلمين)  راية تحرر الشعوب العربية الثائرة.

*في عام 1987 أصدرت الحركة بيانها الأول ، ثم صدر ميثاق الحركة في أغسطس 1988،  
وكان التيار الإسلامي من قبل يعمل تحت اسم "المرابطون على أرض الإسراء".

لا تؤمن حماس بأي حق لليهود الذين أعلنوا دولتهم عام 1948 في فلسطين، ولكن لا تمانع في القبول مؤقتاً وعلى سبيل الهدنة بحدود 1967، ولكن دون الاعتراف لليهود الوافدين بأي حق لهم في فلسطين التاريخية.

وتعتبر صراعها مع الاحتلال الإسرائيلي "صراع وجود وليس صراع حدود". وتنظر إلى إسرائيل على أنها جزء من مشروع "استعماري غربي صهيوني" يهدف إلى تمزيق العالم الإسلامي وتهجير الفلسطينيين من ديارهم وتمزيق وحدة العالم العربي، وتعتقد بأن الجهاد بأنواعه وأشكاله المختلفة هو السبيل لتحرير التراب الفلسطيني، 

* وتمثل "كتائب عز الدين القسام"  الجناح العسكري لحركة حماس و مهمتها هي مقاومة العدو بكل أشكال المقاومة المتاحة ، وقد ظل اتباعها نهج العمليات الاستشهادية حتى وقت قريب إذ بدأت كتائب القسام في تطوير نفسها و زيادة كفائتها من حيث السلاح و التدريب..

*في 28 من سبتمبر عام 2004م، شنت قوات الاحتلال عملية عسكرية على شمال قطاع غزة اسمتها ( أيام الندم) و أطلقت عليها المقاومة الفلسطينية اسم معركة (ايام الغضب) والتي استمرت 17 يوما، ولم يكن لدى المقاومة آنذاك سوى أسلحة بسيطة عرفت بصواريخ "قسام 1" و "قسام 2"، وبعض القاذفات والأسلحة الخفيفة ، وبالطبع لم تكن المعركة متكافئة ولا يوجد اساسا وجه للمقارنة فالكيان الإسرائيلي يعد العاشر عالميا من حيث القوة، فهو يمتلك حوالي 3000 دبابة وأكثر من 700 طائرة مقاتلة ، وأكثر من 300 ألف جندي، ناهيك عن القوة النووية والتي تقدر حسب وسائل الإعلام بأكثر من 250 رأس نووي، بخلاف القدرات الصاروخية والآلية ؛
ومع ذلك فقد انتهت المعركة بانسحاب شارون وجنوده وآلياته من أرض غزة،  بعد أن اثبتت حماس وكتائب القسام  ثباتا وصمودا لا مثيل لهما. 


*ثم جاء عدوان 2008 الذي أطلق العدو الإسرائيلي عليه عملية "الرصاص المصبوب"، فيما أطلقت المقاومة عليها اسم معركة "الفرقان"، واستمرت 21 يوما،

وأعلنت إسرائيل أن هدف الحرب هو وقف إطلاق الصواريخ واستعادة الجندي الإسرائيلي "شاليط" الذي أسرته حركة حماس ، فلم تحقق إسرائيل أيا من أهدافها، بل استمرت حماس في إطلاق الصواريخ حتى الساعة الأخيرة من المعركة، وظل شاليط في الأسر خمس سنوات كاملة قبل أن يتم تبادله في أكبر صفقة تبادل اسرى في تاريخ إسرائيل ،  وبالرغم من قيام إسرائيل بمجازر بشعة استخدمت فيها الأسلحة المحرمة دوليا ( كالأسلحة الفسفورية والقنابل العنقودية واليورانيوم المنضب ورصاص دمدم  ) ،  إلا أن المعركة انتهت بخسارة "إيهود أولمرت " و كيان الإحتلال ، وانتصار غزة من جديد.

 

*وفي 2012 شنت إسرائيل  من جديد عدوانها الغاشم واختارت  لعمليتها اسم "عامود السحاب"، فيما أسمتها المقاومة "حجارة السجيل"، وبدأتها باغتيال ( أحمد الجعبري)  القائد العسكري لكتائب القسام الذراع العسكري لحماس، فكان أن ردت حماس بقصف تل أبيب لأول مرة،  و بعد ثمانية أيام من الصمود الأسطوري  اضطرت إسرائيل مرة أخرى للرضوخ لشروط المقاومة وإعلان الهدنة، وخسر "نتنياهو" وانتصرت غزة مجددا.

وبعد مرور ثماني سنوات على حصار خانق قامت إسرائيل بفرضه على قطاع غزة إثر نجاح حركة المقاومة الإسلامية حماس في الانتخابات التشريعية في 2006 قبل دخول حماس غزة بعام، وتعزيزها للحصار في 2007 بعد سيطرة حماس على غزة في حزيران 2007. وبعد هدم إسرائيل لمطار غزة الدولي كليا المطار الوحيد في القطاع  مما زاد من شدة الحصار والمعاناة.

و دفعت الحالة المتردية لسكان القطاع منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة (ماكسويل غيلارد) لوصف الحصار بأنه "اعتداء على الكرامة الإنسانية". 
 

واليوم تشن إسرائيل  من جديد عدوانها الغاشم على( غزة) وفصائل المقاومة حماس واختارت لمعركتها اسم ( الجرف الصامد) في حين اسمتها المقاومة ( العصف المأكول)

وعلى الرغم من وقوف حماس وحيدة بعد الثورة السورية ومشاركة إيران لنظام المجرم بشار في حربه، ثم إنحياز حماس لجانب  الشعب السوري الحر ،
وبعد مشاركة الحكومة المصرية في حصار غزة بشكل فج ومشين بدء من مبارك ( كنز إسرائيل الإستراتيجي)  نهاية ب (السيسي)  الابن الشرعي للتحالف الصهيو أمريكي والحليف الأبرز لإسرائيل والذي اثبت انتماء للكيان الصهيوني اكثر من الصهاينة انفسهم،  وإعلانه منذ بداية الحرب مشاركته في العدوان  باستمرار هدمه للأنفاق و إغلاق المنفذ الوحيد لأهل غزة وهو معبر رفح. 

ومع ذلك ؛ فمنذ بداية الحرب فجر الثلاثاء8/7/2014  والعالم بأسره والإسرائيليين في مقدمتهم يقفون مشدوهين أمام تطورات مذهلة في قدرات حماس القتالية وأسلحتها الذاتية،  وباتت كتائب القسام  تفاجئ العدو يوميا بأسلحة جديدة، 

بدأتها بمباغتة لقاعدة زكيم العسكرية عبر كوماندوز ضمن وحدة  تعرف بـاسم "الضفادع البشرية "،و التي قطعت نحو 6 كيلومترات تحت المياه البحرية لتصل إلى القاعدة وتهاجمها،  والعملية الثانية

حين تصدت فصائل المقاومة الفلسطينية فجر الجمعة الماضية لمحاولة توغل نفذتها البحرية الإسرائيلية على شواطئ مدينة غزة، حيث وقعت مجموعة من قوات النخبة البحرية الصهيونية في كمين أسفر عن سقوط خسائر بشرية، واعترف جيش الكيان الصهيوني بكونها أوقعت 4 إصابات في صفوف الكوماندوز المقتحم، الذي فر تحت وابل كثيف من القصف، مخفقاً في تحقيق أي اختراق للدفاعات البحرية للقسام.

وهي عمليات نوعية  تحدث لأول مرة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ،

وكذلك شاهد العالم إطلاق الكتائب لصواريخ نوعية  يصل مداها إلى نحو 150 كالتي استهدفت مدينة ( تل أبيب)  وتحتوي على تقنية تمنع (القبة الحديدية)  من اعتراضها ، مما جعل افتتاحية ( يديعوت احرونوت)  الإسرائيلية تقول :
حماس استطاعت إدخال 6 مليون إسرائيلي الملاجئ واستطاعت إخراج 2 مليون فلسطيني لمشاهدة الصواريخ وهي تقصف كافة المدن الكبيرة في إسرائيل. 

وتتوالى المفاجآت  بإعلان كتائب حماس عن نجاح القطاع الهندسي التابع لها بتصنيع طائرات بدون طيار تحمل اسم ” أبابيل 1 ” ، وأنها أنتجت منها 3 نماذج هم : ” طائرة A1A ” وهي ذات مهام استطلاعية

و” طائرة A1B ” وهي ذات مهام هجومية – إلقاء

 و” طائرة A1C ” وهي ذات مهام هجومية – انتحارية.

وأعلن بيان حماس أن هذه ليست أول مرة تقوم فيها طائراتها بتنفيذ مهام في عمق الأراضي المحتلة ، ولكن هي المرة الأولى التي تقوم فيها الطائرات بمهام محددة فوق مبنى وزارة الحرب الصهيونية ” الكرياة ” بتل أبيب .

ومن المفاجآت المذهلة في هذه الحرب  : إعلان كتائب القسام  قبل ساعة من إطلاق الصواريخ أنها ستقوم في الساعة التاسعة مساء  بإطلاق عدد من الصواريخ على تل أبيب عاصمة كيان الإحتلال ودعت وسائل الإعلام لتصوير ذلك،  مما شكل تحديا كبيرا للعدو، وخطوة بارعة في مجال الحرب النفسية التي تشنها حماس،  وبالرغم من  إطلاق العدو عشرات طائرات الاستكشاف والطائرات بدون طيار لمعرفة أماكن منصات الإطلاق، إلا أنها فشلت، وانطلقت هذه الصواريخ في الموعد بالضبط نحو أهدافها، ليعيش اليهود حالة من الرعب والخوف لم يتعرضوا لهم في تاريخ كيانهم، 

ومن إبداعات حركة حماس في حربها النفسية التي تخوضها ضد المحتل هي إرسالها رسائل باللغة العبرية واختراقها لشبكات هواتف الصهاينة وبث الفضائيات العبرية،  وقد شاهد الملايين في الكيان الغاصب رسالة حماس التي قطعت بها بث القناة العاشرة الإسرائيلية ووجهت فيها تهديدا لكل صهيوني مغتصب يعيش على أرض فلسطين المحتلة.

لم تنته الحرب بعد ولم تنته مفاجآت حماس،  
و سيكتب التاريخ في صفحاته أن جماعة إسلامية مقاومة تتبع جماعة الإخوان المسلمين تسمى "حماس " وقفت وحدها منفردة وبقدرات ذاتية متواضعة مع عقول جبارة وإيمان راسخ وإرادة صلبة كالجبال الرواسي تدافع عن شرف أمة كاملة قوامها مليار ونصف المليار مسلم،  و تعيد كتابة تاريخ المنطقة والعالم بأسره.

فخر ثم فخر ثم فخر أن تمثلني حماس.   

[email protected]