عبدالعزيز مجاور

ليس الهدف من فضح عملية الخداع والتموية التي قام بها العسكر ضد الشعب المصري منذ ثورة يناير 2011 وحتى انقلاب يوليو 2013 أن نبحث عن تبرير أو أن نظهر الشعب في صورة من ابتلع عملية التمويه في صمت وكان قليل الذكاء بلا إرادة لمقاومة العسكر، ولكن الهدف الحقيقي أن نسلط الضوء على يقظة الشعب وخاصة الأحرار منه وفي القلب منهم التيار الإسلامي الذين وقفوا في وجه عملية الخداع مما دفع العسكر عن التخلي عن الخداع واللجوء إلى الكشف عن أطماعه الغير نظيفة بصورة بدائية ساذجة محفوظة منذ بداية التاريخ الانساني وهي استخدام القوة في فرض الرأي فكان الانقلاب العسكري الدموي والذي خلف وراءه أكثر من سبعة آلاف نفس في غضون سبعة أشهر، كما أن التحليل يريد أن يؤكد فرضية هامة وهي أن المشكلة ليست في شخص انقلب على رئيسه بل في مجلس كامل يخطط ويدبر وله أطماع وبالتالي فذهاب طنطاوي وتعيين أي من هذا المجلس كان سيصل بنا إلى نفس النتيجة طالما لم يرتضي الرئيس المنتخب بأن يكون ترس في منظومة الفساد وحاول أن يقاوم لتلك الأطماع، بالإضافة إلى فرضية أخرى وهي أن العسكر لم يكن له لينجح دون التقاء مصالحه مع مصالح القضاء الفاسد والذي كان رأس الحربة في الانقضاض على الديمقراطية، ودون استخدام بعض اليساريين أمثال حزب الوفد وجبهة الانقاذ التي جمعت كل المؤيدين لحكم العسكر، والذين فشلوا في الوصول للحكم عبر الشعب في كل استحقاقاته الانتخابية فامتطوا الدبابة ليصلوا إلى الحكم، ولا ندري إيهما امتطى الآخر هم أم العسكر.

ولتذكرة القارئ فقد مرت عملية الخداع بمراحل عديدة بداية من صفقة الخروج الآمن لمبارك وذهابه إلى شرم الشيخ دون توجيه تهمة أو محاكمة، وبسبب الضغط الشعبي تم البدء في محاكمته بعد شهرين من الاتفاق وكانت المحاكمة الصورية والإقامة الملكية له، ثم مرحلة الخداع الدستوري بإعلان دستوري مخالف لما تم الاستفتاء عليه في مارس 2011.

وبسبب الفشل في إدارة البلاد من قبل العسكر، طالب البعض في يونيو 2011 بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة حتى يقوم المجلس العسكري بتسليم السلطة كما وعد في غضون ستة أشهر ووود المجلس أن يختبر الفكرة ليقرر هل تتسق مع مصالحه أم لا، فما كان منه إلا أن قام بتصرف بعيد عن مهامه العسكرية بل من صلب عمل الأحزاب،فقد أظهر تطلعه لحكم البلاد من خلال أعداد استبيان لمعرفة اتجاهات الشعب نحو المرشحين المحتملين وأضاف إليهم مرشحين عسكريين وذلك في الفترة من 19 يونيو ولمدة شهر، رافق ذلك استبيان آخر تم توزيعه في التحرير حول رأيك في أداء المجلس العسكري خلال الفترة الماضية، وقد عبر أيمن نور رئيس حزب غد الثورة عن رفضه لهذا الاستبيان والذي كان سبباً للتسويف والتأخير في إجراء الانتخابات، والبدء في اسطوانة (الدستور أولاً) حتى يتم تشكيل لجنة تعين من قبل المجلس لتفصيل دستور على مقاس المجلس العسكري تماماً كما حدث بوثيقة الدم قابل الشعب ذلك بالرفض في مليونياتمتعددة فتم إلغاء الفكرة، والدعوة لتأجيل الاستحقاقات الانتخابية مع تشكيل حكومة تقتسم السلطة مع المجلس العسكري.

وفي 14 يوليو 2011 حاول المجلس من خلال أذرعه السياسية أن يمرر ما حدث في انقلاب يوليو 2013 بطريقة سلمية، بأن أعلنت (الجبهة الحرة للتغيير السلمي) على أنها استقرئت آراء القوى (الثورية) على حد تعبيرها عن إدارة المرحلة وكان الرأي بأن يتم تشكيل حكومة وللمفاجأة بقيادة الببلاوي وتضم فيها حسام عيسى وتهاني الجبالي لتقتسم السلطة مع المجلس العسكري بدلاً من انتخاب رئيس، ولولا يقظة التيار الإسلامي والشعب الذي سانده ورفض ذلك وأصر على تنفيذ ما جاء باستفتاء مارس 2011 لتم الانقلاب منذ عامين كاملين وبنفس الوجوه تقريباً.

لم ينجح الخداع والتمويه خلال النصف الأول من عام 2011، فكيف عدل المجلس الانقلابي من خططه؟ وكيف استخدم أدواته السياسية والقضائية في المرحلة التالية؟ وكيف واجهها الشعب؟ ربما تحتاج الإجابة لعدة مقالات لنصل إلى نتيجة واحدة وهي أن الانقلاب ما كان له أن يكون لولا مقاومة الشعب لخداع العسكر.