شيرين عرفة :
حينما تحاول سلطة إنقلابية تتمتع بغباء منقطع النظير , يخيل إليك وأنت تراقب أحوالها .. أنهم و بقوة أسلحتهم ودباباتهم قد أستولوا على كافة أشكال الغباء التي وضعت في الأرض وإحتكروها لأنفسهم , و تراهم يتخبطون وكأن بهم مس من الشيطان , وبعد تهمة حمقاء لم تقنع أحدا بتخابر الرئيس مرسي مع جماعة حماس , الرئيس المتهم أصلا بتعاونه مع أمريكا وإسرائيل في إعلام الإنقلاب , يأتي إتهامه بالهروب من سجن وادي النطرون يوم 29 يناير 2011 م و في أثناء الثورة , ولأن وزير الإنقلاب وقائد قوات السحل والتعذيب ( محمد إبراهيم ) في حديث تليفزيوني له مسجل مع مذيع قناة ( cbc ) ( خيري رمضان ) في شهر مايو الماضي , أي قبل الإنقلاب بأكثر من شهر : أقسم بالله أن الرئيس محمد مرسي لا توجد أي ورقة تثبت أنه تم إعتقاله , ولا يوجد أساسا قرارا بالقبض عليه , وأن ما حدث في تلك الليلة هو مجرد ( لم للناس ) على حد تعبيره , ويقصد بها طبعا ( إعتقال عشوائي بدون تهم ) , و أكد ذلك أكثر من مرة للمذيع الذي أعاد عليه السؤال مرارا وتكرارا ..وقال له نصا ( أنا كنت مساعد مدير السجون وقتها وأتأكدت بنفسي أنه لا يوجد أي قرار لإعتقال سيادة الرئيس , وممكن تشكلوا لجنة وتتأكدوا , ولو في أي ورقة بذلك أكيد هطلعها ) , ولأنه لا يوجد قرار بالإعتقال ..إذن فتهمة الهروب منتفية بالأساس , فيكون حينها قرار النيابة في الإحالة للجنايات يتضمن إتهام سيادة الرئيس بتهريب المواشي والدواجن التي تمتلكها مصلحة السجون .. !!!
يا للفضيحة .. ويا للعار ... إلى تلك الدرجة يصل العته والغباء بسلطات الإنقلاب ..
أن تكون تلك هي التهمة الموجهة لمن انتخبه الشعب رئيسا للبلاد .. ونصبه حاكما على عرش مصر ,
و إن كان .. لا عجب .. فهو حقا .. إنقلاب ( المواشي ) .. الإنقلاب الذي لا يعترف بشرعية صناديق الإنتخاب ..الطريقة التي توصلت إليها دول العالم في العصر الحديث للإحتكام لرأي الشعوب في إختيار من يحكمها .. واستبدلتها بطريقة عد الرؤوس في الشوارع .. و هي تلك الطريقة المتبعة في إحصاء أعداد المواشي والغنم ...
فهو الإنقلاب على العقل إذن !!! .. و الإنقلاب على الأخلاق .. والإنقلاب على الفطرة الإنسانية السوية .. إنه التوحد مع الحيوان .. في الأخلاق والتفكير ..فلكي تكون إنقلابيا يجب أن تمتلك عقل ( المواشي ) وتصدق أن السيسي الذي ظل يحلم برئاسة مصر خمسة وثلاثين عاما ( كما قال هو في أحد تسريباته ) وارتكب ستة مذابح كبرى وقتل ما يقرب من سبعة آلاف مصري وأعتقل أكثر من عشرة آلاف إنما فعل ذلك من أجل تحقيق الديمقراطية والعدل وتلبية لمطالب من نزلوا في التظاهرات .
كما يجب عليك أيضا أن تمتلك قوة تحمل ( المواشي ) وصبرها الواسع كي لا تتذمر أو تمل من إنتهاكات شرطة الإنقلاب و ترضى بالإهانات والتعذيب في أقسام الشرطة لتخرج من بعدها تغني ( تسلم الأيادي ) ..
كما أنك محتاج وبشدة لأخلاق ( المواشي ) وتحديدا نوع معين من المواشي ( المحرم علينا أكلها ) .. و التي لا تمتلك أي شعور بالغيرة على محارمها ..كي لا تضايقك مشاهد الإعتداء بالضرب والسحل على بنات الجامعة من قبل عناصر الأمن على البوابات ( وبالطبع لن أقول عليهم الرجال ) ..
كما أنك محتاج لآذان طويلة كتلك التي يمتلكها أيضا أحد أنواع ( المواشي ) كي تواظب على سماع وابتلاع أكاذيب الإعلام المصري وتصدق أن من يقتل المتظاهرين في الشوارع هم المواطنون الشرفاء , وأن الرئيس مرسي قد باع الأهرامات لقطر وأعطى سيناء لأهل غزة وأهدى حلايب وشلاتين للسودان , وأن معتصمي رابعة أخفوا من قتلوهم في كرة أرضية تحت الأرض , و أن أوباما وأخيه أعضاء في التنظيم الدولي للإخوان , وأن هذا التنظيم هو من يمول ( التايمز) و( الجارديان ) و جميع صحف أمريكا وأوروبا التي تهاجم الإنقلاب ..
وأن جماعة الإخوان التي أحرقت جميع مقراتها في محافظات مصر و أعتقل كافة قياداتها من المرشد إلى نوابه إلى قياداتهم العليا و الوسطى والصغرى وبدون مقاومة تذكر حتى ولو بإلقاء الحجارة أو الحصي , ..أن تلك الجماعة التي وصلت إلى حكم البلاد ..وحازت أغلبية أصوات الناخبين في مجلسي شعب وشورى ..أنها جماعة إرهابية ..
وأن الفتيات اللاتي قبض عليهن بتهمة حمل بلالين صفراء , والطالب الذي تهمته هي : حمل مسطرة عليها شعار رابعة .. أن هؤلاء جميعا إرهابيون ويهددون الأمن القومي للبلاد ..
وتصدق أن القتل والذبح للمتظاهرين العزل هو ما سيحقق الأمن والإستقرار ... وعليك أن تفرح بقتلهم الآن و تنتظر حينما يأتي دورك في الذبح .. ولينتظر معك ( التيس ) الذي برر لذبحهم وإستخدمت لحيته كغطاء لتمرير الإنقلاب ..
وفي النهاية , ضع على عينك عصابة كتلك التي يضعونها للمواشي أثناء دورانها في سواقي المياه ..واذهب إلى لجان الإستفتاء ... وقل : ( نعم ) لدستور لا تعرف عنه شيئا و تمت كتابته في الظلام , و يعطي الشرعية لسرقة إرادة الشعب .. ويقنن السطو على حريته , ويلغي هويته الإسلامية التي عمرها أكثر من ألف عام , و يعطي الحصانة لوزير الدفاع ويجعله هو الآمر الناهي في البلاد ..
ويمنح العسكر حق تملك مصر بثرواتها وخيراتها ..بل ويعطيهم حق تملك رقبتك أنت .. وكل ( المواشي ) التي شاركت و أيدت ودعمت وسكتت عن الإنقلاب ..