حازم سعيد :
ثبات وشموخ ويقين هو التوصيف البسيط للحالة التي بدا عليها الرئيس المؤمن الصامد الدكتور محمد مرسي ، ومعها حالة من الإصرار والعند يتسم بها كل أنصار الشرعية داخل المعتقلات وخارجها ، ودأب على النضال واستمرار التظاهر وفعاليات كسر الانقلاب رغم طول الأمد ورغم كل هذا الطغيان من المعسكر العلماني العسكري الانقلابي الخسيس .. اعتقالات .. شهداء .. قصف إعلامي وتشويه وشبهات .. حرق جثث أحياء وأموات .. انتهاكات جسيمة وتعذيب بالشوارع والأقسام
رغم كل ذلك حالة من الصمود والتصميم تعكس يقيناً جازماً وثباتاً حازماً لا يعدو عليه تغير أو تلون ، نتدبر سوياً في النقاط المختصرة التالية خواطر حول هذه الحالة من الصمود والثبات :
أولاً : تثبيت الله سبحانه للمؤمنين :
وحين سقت هذا العنوان ذهبت بذهني مباشرة إلى استحضار بعض آيات من سورة الأنفال ، فمرت الآيات على عقلي وقلبي ، فإذا بقول الله عز وجل : " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون " فقلت هي هذه أستعرضها لقارئي الكريم ، ثم استعرضت ما بعدها فوجدت الآيات من قول الله عز وجل : " وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين .... " ، فقلت : إنها هي .
ثم أكملت سياحتي الممتعة ، ولو أن لي الدنيا كلها بهذه الآيات ما قبلت ، فإذا بالآيات : " إذ تستغيثون ربكم ..... " ، " إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا .... " ، " فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم ، وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى .... " . فقلت بل هذه أجدر بالعرض على القارئ .
لأكمل نزهتي وروعة كلام الله عز وجل لأجده سبحانه يقول : " يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله والرسول إذا دعاكم لما يحييكم ..... " ، وبعدها : " واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون " ، وبعدها " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين " فقلت : وقعت على مرادي .
ثم تسير بي الآيات لقول الله سبحانه : " إذ يريكهم الله في منامك قليلاً ولو أراكهم كثيراً لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم " ، " وإذ يركموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلاً ... " ، " يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون " ، " وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله ، هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم ، لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم ... "
فحرت في أمري ، أيها أسردها لك قارئي العزيز ...
بالجملة فإني أحيلك أخي الحبيب إلى هذه السياحة وأندبك إليها ، ومهما صورت لك بألفاظ أو إشارات أو بلاغات إلى المتعة التي تراها في تثبيت الله للمؤمنين بعد قراءة هذه الآيات فلن أستطيع أن أصف لك كما ستشعر أنت ، حين تقرأ هذه الآيات البليغات ... فاللهم ارزقنا فهم كتابك الكريم وتلاوته وتدبره كما تحبه وترضاه .
ثانياً : نحن أولياء الله وأنصاره :
ووالله ما أخرجنا من بيوتنا وراحتنا بين أهالينا فوق أسرتنا وعلى فرشنا إلا مرضاة الله ، فالله هو غايتنا سبحانه .
وحين نقول نحن أولياء الله وأنصاره ، ونستعرض حياتنا التي هي صلوات في جماعة ، وأخص الفجر والذي بعده نظل طوال يومنا في ذمة الله بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وصيام فرائض ونوافل ، وغض للأبصار ، وصلة للأرحام ، وقيام في ظلمات الليل ، وذكر وتسبيح وتهليل واستغفار ، وإعانة ملهوفين ومكروبين ومد يد الغوث للمحتاجين .
وقول بمعروف وكف أذى وصون ألسنة وفروج عما حرم الله ، وترك للمنكرات والكبائر إلا اللم ، مع الاستغفار الصادق والتوبة النصوح بعد كل ما يدق من الذنوب .
حين أقول ذلك فلست أمن على الله سبحانه ، فإن الفضل كله لله والنعمة كلها بيد الله ، ووالله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا ... بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان ...
نحن نقف في خندق أولياء الله وأحبائه ونسأله سبحانه أن يقبلنا فيهم ..
وسندي حين أستعرض ذلك ما جاء في السنة باستعراض أحب الأعمال إلى الله حين الكربات وجواز الاستغاثة بالعمل الصالح .
وهي مثل قول السلف الصالح : بيننا وبينكم الجنائز . فهي من باب التمايز ، نحن الذين ننتفض ونقوم لله سبحانه ، ونحن الذين نسمع ونطيع لله .... أفيشك مؤمن بالله أن الله يضيعه ؟
" أنا عند ظن عبدي بي ، فليظن بي ما يشاء " ... يا رب أظن بك أنا وإخواني من المؤمنين أنك ناصرنا ومثبتنا ومعيننا ومؤيدنا وكاشف همنا ، ومفرج كربنا ، ومقوي عزمتنا ، وليس لنا سواك يا رب . وإن كان الآخرون استعانوا بخلق من خلقك ، فإنا نستعين بك يا رب ، وليس لنا ملاذ إلاك ، ولا يوجد لنا ملجأ غيرك .. سبحانك .. سبحانك .
ثالثاً : كل القيم الطاهرة والجمالية والأخلاقية نتحلى بها :
فنحن لا نكذب ولا نفتري الكذب على خصومنا رغم كل باطلهم ، وما نستعرضه من بلاويهم ، فإنما هي غيض من فيض ، ووالله لا نحمل لهم إلا كل أمنيات الهداية ، رغم كل ما يفعلونه بنا من تنكيل .
نحن لا نكشف سوأة ولا نسرق ولا نكذب ولا نلقي بالشبهات ، نحمل أخلاق الأنبياء والمرسلين فنحن ورثتهم ، لذا فإننا بعد فضل الله سبحانه وكرمه وجوده .. نحن المنصورين .
وهو نفس السياق الذي عرضته أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم في بداية الوحي : " كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق" .
وانظر إلى الصديق رضي الله عنه حين هم بالخروج للحبشة حتى إذا بلغ (برك الغماد) لقيه "ابن الدغنة" وهو سيد (القارة) فقال: "أين تريد يا أبا بكر؟" فقال أبو بكر: "أخرجني قومي، فأريد أن أسيح في الأرض، فأعبد ربي " .
فقال ابن الدغنة: "فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج، ولا يُخرج مثله، إنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، وأنا لك جار، فأرجع فاعبد ربك ببلدك .
هذه هي سنة الله سبحانه مع أصحاب صنائع المعروف ، ما كان الله ليخذلهم ، وما يرضى سبحانه أن يكلهم إلى بعيد كافر، أو إلى قريب ظالم ، لقد أوجب على نفسه سبحانه وهو الخالق العظيم الذي يوجب ولا يوجب عليه أن يسخر لهم أمثال "ابن الدغنة".. ينصرهم ويؤازرهم ويستمروا في جهادهم واحتسابهم الأمر لله .
رابعاً : خصمنا حريص على كل ما يغضب الله سبحانه ، ويبارز الله بالمحاربة :
نعم ، خيانة للعهد ، سفك للدماء المعصومة ، محاربة من صلى الفجر في جماعة وهو في ذمة الله ، محاربة أولياء الله ، انتهاك للأعراض والحرمات ، تعذيب للإنسان المكرم .
إن خندق العلمانيين والعسكر والانقلابيين يعج بكل ما فيه منكرات ، خمور ونساء وأموال باطلة ، وترك وتضييع للصلوات والحرمات .
الممثلين والممثلات ، وكلهم وكلهن ممن ابتلين بمعاصي الشرف والمروءة ( والاعتلاءات ) بغير وجه حق وبسخط الله ، وعلناً وجهراً ، ويسمونه فناً !!!
الكذب - ولا يكون المؤمن كذاباً - ، تشويه الحقائق عمداً ، إلقاء الأراجيف والشبهات ، نشر الفاحشة بين المؤمنين ، حرب مواد الأخلاق والفضيلة والطهر في الدستور والقوانين .
هذا هو المعسكر الذي يسفك دمنا ويحاربنا ويسجننا وينقلب علينا بعد فشله في خمس تجارب انتخابية هزمهم أغلبية الشعب المصري المؤمنون الطاهرون ، والذين اختاروا العفة والطهارة على ذلك المعسكر الفاشل الراسب .
لذا تجد هذا التثبيت من الله سبحانه ، المعركة واضحة وفاصلة وفارقة لا لبس فيها ولا غبش ، إنها معركة هوية إسلامية ضد الباطل العلماني ، وإنها معركة إسلام ضد الجاهلية .
لذا نرى هذا التأييد من الله سبحانه والسكينة والثبات واليقين والتماسك لدى كل أنصار الشريعة والشرعية ، والله أكبر والعزة للمؤمنين .
خامساً : لا يغرنكم أشباه الأولياء .. فليسوا بأولياء
وكيف يكون ولي ذلك الذي لم يتمعر وجهه مع كل هذه المحرمات والانتهاكات والجاهلية وسفك الدماء .
إن دم المؤمنين معصومة وهي عند الله أشد حرمة من الكعبة ، فكيف لم تتعمر وجوههم غضباً لهذه الدماء !
إن أنفساً شغبت ضد رئيسٍ مؤمن حامل لكتاب الله وهيجت الدنيا بقضايا كلها شبهات في شبهات ، وظلمات بعضها فوق بعض ، ثم سكتت عنها بعد أن ساعدت الانقلابيين على سجنه والانقلاب عليه .
وإن أنفساً ما زالت تخادع الناس وتمد يدها للانقلابيين وتوهم الناس بظلال شرعية يحاولون أن يزيفوا بها عليهم ، ويلبسوا عليهم دينهم .
وإن أنفساً ما زالت تهاجم خندق المؤمنين وتقف ضدهم وتلقى بشبهاتها وأراجيفها حولهم ، وتوادع أصحاب المنكرات ومعسكر العلمانيين الذين يبارزون الله بالمحاربة .
إن أنفساً كهذه ما كان لها أن تكون مع أولياء الله الصادقين ولا حزبه المفلحين ، وأنا هنا أتحدث عما أراه من أحكام الدنيا ، وأما الآخرة فالله يتولى الأنفس وهو سبحانه الحكم العدل .
أنا أتحدث عن ياسر برهامي والصبي بكار والأفاكين الذين معهم من حزب الزور والظلام ، وما كان لهم أن يكونوا من أهل النور ولا من الأولياء ... أستغفر الله العظيم !
--------------