شيرين عرفة :

على الرغم من إمتلاء السوق المصري بوسائل عديدة للحماية من التسرب ,
تتوالى علينا إنجازات شبكة رصد من تسريبات القائد العام للقوات المسلحة , ويأتي التسجيل الأخير , ( والذي سيكون الأخير له بالفعل ولسلطته الإنقلابية  بإذن الله ) , لتتضح لنا أمورا كثيرة عن مأساة الحكم التي نعيشها في مصر ,  وتصدم المغيبين وتضعهم أمام السبب الحقيقي وراء عزل الرئيس ( محمد مرسي ) ,

فبعد محاولات مضنية لفهم ما يحتويه هذا التسجيل المسرب , وبعد الإستماع إليه عدة مرات , و بعد حذف الكلمات المكررة والمتشابهة والتي لا معنى لها , من أجل الحصول على جملة واحدة مفيدة ومترابطة قالها الفريق ( السيسي ) , وهو ما أعاد لذهني خطابات الفريق ( أحمد شفيق ) .. وجعلني أتسائل  : ( أين هي الكاريزما  التي تحكي عنها مراحيض الإعلام المصري ويتشدق بها المعاتيه والمجانين عشقا للفريق السيسي  .... إن كان حتى لا يجيد الكلام ?!!!! ) .

فما فهمته من ذلك التسجيل : أن الجيش كمؤسسة عسكرية يريده ( السيسي ) أن يكون محصنا من خمس لعشر سنوات قادمة بحيث أي رئيس مهما كان ( تيار ديني , علماني ليبرالي ) لا يستطيع أن يتحكم في تلك المؤسسة حتى لا يهدمها ولو من غير قصد  , وأن ذلك التحصين هو علم وليس ( فكاكة ) , وحقيقة لم افهم ما المقصود ب ( فكاكة ) ولم أجد لها أثرا في اي معجم من معاجم اللغة  ويبدو أننا في حاجة لأن ( نسأل عباس ) .

ثم تعجب ( الفكيك ) اقصد ( الفريق )  كثيرا من قرار الرئيس (محمد مرسي ) من إحالة طنطاوي وعنان للتقاعد , في حين من كان قبله ( يقصد مبارك طبعا ) كان يتشاور عاما كاملا قبل أن يأخذ قرارا بصلاة العيد مع قادة الجيش  ))
وهو هنا يعترف أولا أن قرار الرئيس مرسي بإقالة ( عنان وطنطاوي ) لم تكن صفقة مع الجيش , بل قرارا ثوريا بامتياز ,
و أن الرئيس المخلوع ( مبارك ) لم يكن إلا ( طرطور ) يصعب عليه ان يأخذ قرارا بصلاة العيد مع قادة الجيش ( فما بالك بالقرارات الهامة في الدولة )  , وعليه فإن المؤسسة العسكرية  هي الحاكم الفعلي و الآمر الناهي في البلاد  , ونتيقن من  أن سبب عزل  الرئيس مرسي لم يكن فشله كما تصور لنا مراحيض الإعلام   , بل كان عزله واختطافه بهذا الشكل المهين للدولة المصرية , هو كونه رئيسا بحق , لم يرض أن يكون دمية بيد العسكر يحركونها كيفما شاءوا , لم يقبل أن يكون تابعا لأحد ولا حتى للساسة الأمريكان كما صرح بذلك ( توم دنيلون ) مستشار الرئيس أوباما للأمن القومي ( السابق )  بتاريخ 19 أكتوبر 2013 م ,  حيث قال نصا : (( أن الرئيس ( محمد مرسي ) كان يتعامل مع الساسة الأمريكان بوصفه ندا لهم وليس كرئيس دولة تابعة تحتاج لمعونات الولايات المتحدة مما أربك حساباتنا , كما أنه أخطأ حينما أراد أن يستقل بمصر عن المظلة الأمريكية ))  .

كان الرئيس مرسي رجلا .. لا يقبل الضيم ولا ينزل على رأي الفسدة ولا يقبل الدنية ابدا في دينه أو وطنه , وهو ما لا تريده ( جمهورية الضباط ) كما وصفها بذلك الباحث ( يزيد صايغ ) في البحث الذي نشرته مؤسسة كارينحي للسلام الدولي بعنوان : ( فوق الدولة : جمهوية الضباط في مصر ) وهي الجمهورية التي تعلو فوق الدولة المصرية وتتحكم فيها  , وتأتي جملة السيسي  الموجزة تلك  لتلخص لنا البحث بأكمله , وتضع المغيبين والمخطوفين ذهنيا والمغرر بهم من العبيد  أمام السبب الحقيقي وراء عزل الجيش للرئيس ( مرسي ) والإنقلاب على شرعيته , و من أجل أن نكون أكثر دقة في تسمية الأشياء باسمائها , فما نعيش فيه حقيقة هو معسكر وليست دولة , فالحاكم في مصر ( طبقا لكلام السيسي ) هو الجيش ..والجيش فقط , وانا هنا اتسائل : لم تحتاج مصر لإنتخابات رئيس جمهورية , طالما أن الحاكم الفعلي هو هيئة اركان الجيش ووزير الدفاع  , وأي رئيس سيأتي ما هو إلا دمية في يد المؤسسة العسكرية , بمعنى  أنه سيقوم بدور  ( محجوب عبد الدايم ) في فيلم ( القاهرة 30 ) , و لو حاول أن يكون رجلا أو رئيسا بحق , سيكون مصيره  العزل أو السجن كما فعلوا مع رئيسنا الأثير والأسير ( محمد مرسي ) حفظه الله ,
فاقترح على الشعب المصري أن يكون ( فكيكا ) ويقتدي بالفريق السيسي , ويوفر على نفسه مليارات الجنيهات والتعب والطوابير في انتخاب رئيسا للجمهورية , طالما نحن لا نحتاج سوى لوزير دفاع , أيعقل أن ننفق أموالا طائلة ..فقط من أجل شغل منصب ( طرطور ) ... يتشاور عاما كاملا من أجل أن يتخذ قرارا بصلاة العيد ?!!!

اتصور أن ذلك التسريب هو الحلقة الأخيرة من مسلسل ( غباء في غباء )  الذي نعيش أحداثه منذ الثالث من يوليو ...

اليأس خيانة ... فاثبتوا وابشروا ....لا أريد أن أحلف , لكن أقسم بالله ... الإنقلاب إلى زوال