بقلم الأديب : محمد خيرالدين 
ـــــــــ
لاشك أن كل شيء يسير بمقادير الله تعالى .. وأنه لن يجرى فى ملك الله إلا ما كتبه الله تعالى " ولو شاء ربك ما فعلوه " " ولو شاء الله ما فعلوه "
وكثيرا ما نرى الأمور بمقياسنا البشرى المتواضع فنظن أمورا أنها شر وهى تحمل فى طياتها الخير والعكس صحيح " وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون " " لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم "
وقد علمتنا تجارب الحياة والخوض فى عبابها هذه المعانى من خلال واقع عملى وليس نظريا .
وهذه المقالة التى أكتبها الآن إنما هى خلاصة تفكير وتأمل لهذه الأحداث التى مرت بنا فى الآونة الأخيرة ..استخلصتها من خلال قراءاتى ومتابعاتى للواقع الأليم .. وهى عبارة عن فوائد ومنح أراها تكمن فى طيات هذه المحنة التى نعيشها الآن وتعيشها الأمة الإسلامية جمعاء لخصتها فى عدة نقاط سريعة ربما تحتاج إلى تفصيل فى اللقاءات القادمة .. وقد جعلتها عشرا :
(1) الفائدة الأولى : دائما المحن تكشف معادن الناس وأصلهم .. وهذه المحنة كشفت وعرَّت الكثير من الأقنعة التى تتوارى وراءها وجوه قبيحة أقرب إلى المسوخ منها إلى وجوه البشر ... كما أثبتت المحنة أصالة الكثيرين من الشعب المصرى ونفاسة معادنهم وإن كانوا قبل المحنة لا يظهرون ذلك .
ورحم الله القائل : جزى الله الشدائد كل خير ** فبها عرفت عدوى من صديقى .
(2) الفائدة الثانية : أن المحن دائما تقرب الإنسان من ربه وتجعله يستعين به ويعتصم بحبله المتين بغية أن ينجيه الله ، وهذه فائدة عظيمة تجعلنا جميعا دائما نتعلق بحبال الله القوية ونعتصم بدينه القويم .
(3) الفائدة الثالثة : علمتنا هذه المحنة أن التسامح المفرط فيه لبعض الذين لا يفهون هذه اللغة أمر غير حكيم وليس فى موضعه تماما .. ومن الحكمة أن نتعامل مع الناس كل بما يناسبه من معاملات .
(4) الفائدة الرابعة : علمتنا هذه المحنة أن الأيام دول ولو دامت لغيرك ما وصلت إليك .. فيجب أن نتعامل مع الواقع بسنن الله تعالى وليس بمزيد من التساهل والارتكان إلى الدعة والراحة .. فالمناضل والمجاهد لايلقى سلاحه أبدا مهما وصل إليه ..
(5) الفائدة الخامسة : كشفت المحنة أن الارتكان إلى قوى الشر أمر مهين وعاقبته خسرا .. فليست أمريكا ولا أى دولة من دول العالم بالدول التى تبتغى مصلحة الدول الإسلامية والعربية إلا بقدر ما تتحقق مصالحها هى أولا فكما قال نيسكون " ليست هناك صداقات دائما إنما هناك مصالح دائمة ".
(6) الفائدة السادسة : كشفت المحنة أن النظم الوضعية لن تأتى بخير أبدا وأن أصحاب الشعارات البراقة هم أكثر الناس كفرا بها ورميا بها فى سلة المهملات .. فكلمات مثل الديمقراطية والعدالة والمساواة والحرية وغيرها ليس لها مكان عند الكثير ممن ينادون بها . 
(7) الفائدة الثامنة : كشفت المحنة أن التدين الحقيقى لا يكمن فى مظاهر إسلامية براقة وقشور لامعة خداعة وراءها قلوب هشة وعقول أصابها العته والاعوجاج الفكرى ... وأن العقيدة ليست متونا تحفظ ولا أقوالا تردد ..بل هى تطبيق شامل وكامل لمبادئ الإسلام العظيم والتخلق بأخلاقه والفهم السليم لنظمه وشرائعه .
(8) الفائدة الثامنة : أن لكل نظام فى العالم أسراره وليس من الحكمة أن يظهر كل نظام هذه الأسرار مهما كان المبرر والمعطيات ... والحكمة تقول " لا تضع كل بيضك فى سلة واحدة " 
(9) الفائدة التاسعة : أن النسيج الاجتماعى فى مصر أصابه الوهن والتعرية بسبب عوامل الجو غير الطبيعى الذى تعيشه البلاد والذى أثبت ان هناك تآكل حقيقيى فى قواعد البيت وأساسياته وهذا يحتاج حقا إلى ترميم شامل وسريع .
(10) الفائدة العاشرة : علمتنا هذه المحنة أن الإنسان يعمل ويحتسب أعماله عند الله ولا ينتظر الأجر من دنيا الناس كما قال الراحل العظيم الدكتور مصطفى السباعى " لو عمل العاملون طلبا للاجر فى الدنيا لماتوا كمدا " 
ــــــــــ
هذه فوائد عشر تتبعها أخريات بإذن الله .. ولكن أختم بقول أحد أساتذتى الكرام عندما اتصلت به أستمد منه النصح والبشريات فقال " حفظه الله " : سيأتى يوم سنسجد فيه طويلا لله العظيم على هذا الانقلاب " 
والله غالب على امره ولكن أكثر الناس لا يعلمون "